منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الدفاع عن الإسلام والسنة

مواقف الشيخ ربيع من الإرجاء والمرجئة

منتدى الدفاع عن الإسلام والسنة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي مواقف الشيخ ربيع من الإرجاء والمرجئة

كُتب : [ 05-02-2015 - 02:28 PM ]

مواقف الشيخ ربيع من الإرجاء والمرجئة
الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه،
أما بعد:
فهناك بعض الحزبيين وأهل الأهواء، وعلى رأسهم الفرقة الحدادية يرمون الشيخ ربيعًا بالإرجاء وهدفهم الخبيث صد الناس عن مؤلفات وشروح هذا المجاهد، بل يرمون جُلَّ السلفيين السابقين واللاحقين بالإرجاء، وكذبوا كَذبًا كُبَّارًا؛ فالمرجئة أصناف:
منهم من يقول: الإيمان هو المعرفة بالقلب. وهم الجهمية.
ومنهم من يقول: الإيمان هو النطق باللسان. وهم الكرامية.
وكلهم يتفقون في إخراج العملنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة من الإيمان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وأن إيمان أفجر الناس كامل مثل إيمان جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
والشيخ ربيع حفظه الله يرد ضلالات هذه الأصناف من المرجئة بشدة، ولاسيما الغلاة منهم، ويقرر عقيدة أهل السنة في الإيمان وأنه: [قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية].
وأن العصاة على تفاوتهم مستحقون لغضب الله وعقابه، وكثير منهم لا تشمله رحمة الله؛ فيدخلهم النار ثم يخرجهم بعد العذاب الشديد بشفاعة الشافعين من الأنبياء والملائكة والمؤمنين.
وهذا الإمام أحمد رحمه الله يقول: "من قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء".
والإمام البربهاري رحمه الله يقول: "ومن قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله، أوله وآخره".
وهذه بيانات ومواقف الشيخ ربيع -حفظه الله- من أهل البدع عامة، ومن أصناف المرجئة خاصة، في العديد من مؤلفاته وشروحه لكتب السنة، ومنها شرحه لكتاب الشريعة للآجري رحمه الله المسمى بـ"الذريعة إلى بيان مقاصد الشريعة"، ومنها "شرح أصول السنة للإمام أحمد"، ومنها: "نفحات الهدى والإيمان من مجالس القرآن"، ومنها: "شرح السنة للإمام البربهاري"، ومنها: المجموع الرائق من الوصايا والزهديات والرقائق".
بل حتى في الأسئلة الموجهة إليه في بعض المجالس يتطرق لذكر المرجئة وبيان ضلالهم والتحذير منهم، على الرغم من أن السؤال يكون أحيانا ليس له تعلق بالمرجئة، كما سيلاحظ القارئ الكريم ذلك.
فهاك بعض أقواله في بيان ضلال المرجئة من بعض مؤلفاته وشروحاته:
قال الشيخ ربيع وفقه الله مبينا عقيدة المرجئة، وخطورة مذهبهم على الإسلام والمسلمين:
1- "المرجئ الغالي يرى الذنوب ذنوبًا، ولا يطبق على المذنبين نصوص الوعيد، وهذا ضلال مبين، ولكن أضل منهم هؤلاء الذين يرون أهل وحدة الوجود، ومن يسب الأنبياء والصحابة..إلخ: مجددين، وخيرًا عندهم من أئمة السنة". الذريعة شرح الشريعة للإمام الآجري (1/96).
2- "فالبدع خبيثة ودمار على الإسلام والمسلمين؛ ولهذا تجد المؤلفات في بيان حال الخوارجوالمرجئة والمعتزلة والروافض وغيرهم؛ لخطورتهم على الإسلام...". الذريعة (1/151).
3- س: يقول: يقول بعض السلف: من الخوارج المرجئة، كيف يكون ذلك؟
ج: هذا ليس على إطلاقه، ويمكن أن يوجد بعض من الخوارج ممن يجمع بين الخروج والإرجاء؛ هذا موجود في تاريخهم، يجمعون بين أمرين، والمرجئ قد يكون خارجيًّا ويسلُّ السيف؛ لأن الرابطة بينهم هي البدعة، لأنه صاحب هوى مسكين، قد يخلط ويجمع المتناقضات، والتناقضات موجودة عند أهل البدع، وقد لا يسلم أحد من التناقض، لكن أهل السنة الغالب عليهم السلامة؛ لأنهم على النصوص المعصومة، وأما هؤلاء فعلى الهوى فيقعون في تناقضات، ويبني اليوم ما يهدمه غدًا، ويهدم غدًا ما بناه بالأمس، وهكذا.. الذريعة (2/592-593).
4- فالمؤلف رحمه الله يقول هذا الكلام ليثبت لنا مذهب أهل السنة والجماعة، ويردّ على الخوارج، وهذا الأمر وقع فيه الفِرَق بين الإفراط والتفريط، منهم من يرى أنه لا يضر مع الإيمان ذنبكغلاة المرجئة.شرح السنة للبربهاري (1/273).
5- بعض المرجئة غلوا في الرجاء، فيصلون إلى درجة أنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فيؤديهم -يعني- الغلو في الرجاء إلى مذهب الإرجاء، والعياذ بالله، فيستهين بمحارم الله، ويستهين بالواجبات، كما يحصل لغلاة الإرجاء والفساق الذين ينحون نحو المرجئة في الاستخفاف بالذنوب.. شرح السنة للبربهاري (2/241).
6- وكذلك يوجد عند القدرية معاندين، وفي المعتزلة معاندين، وفي المرجئة غلاة معاندين، وفي أهل البدع جميعًا غلاة معاندين.. شرح السنة للبربهاري (2/166).
7- فالبدع ضلال وهلاك، وهي شر الأمور، فهي السبب في ضلال الفِرَق الهالكة، وسبب في تفريق الأمة، وسبب لدخول النار، وسبب في سل السيوف وسفك الدماء فما أخطرها وأضرها في الدنيا والدين، فهي تقود أهلها إلى سل السيوف، حتى المرجئة يرون سل السيف، وهم من أبرد الناس في باب التكفير والمؤاخذة بالذنوب، ومع ذلك يقودهم شرهم وبدعتهم إلى سل السيوف.. شرح السنة للبربهاري (2/352).
8- ثم ليحذر البدع الخطيرة العقدية والعملية، فهناك عقائد ضلَّ فيها الناس؛ وقعوا في تعطيل صفات الله، وقعوا في الإرجاء، وقعوا في التجهم، في الاعتزال، في بدع تفسد العقائد والتصورات والعياذ بالله. المجموع الرائق (ص353) ط/2.
وقال حفظه الله في بيان مخالفة أهل البدع -ومنهم المرجئة- لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنهج أهل السنة والجماعة، وموضحا مذهب السلف في التحذير من المرجئة وغيرهم:
9- "وهناك أناس يغالطون ويلبسون على الجهلة السخفاء: هذه غيبة ...... طيب! ماذا نقول في السلف الذين حذروا من الجهمية، وحذروا من المعتزلة، وحذروا من الخوارج، وحذروا من الروافض، وحذروا من المرجئة، وحذروا من كل أهل البدع...". الذريعة (1/205).
وقال حفظه الله:
10- "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإِنَّهُ مَن يَعِش مِنكُم بَعدِي فَسَيَرَى اختِلَافًا كَثِيرًا):وعلى رأس الاختلاف هذا: مخالفة الخوارج لكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومخالفتهم لأهل السنة ومخالفة الروافض ومخالفة المعتزلة والمرجئة، وكل أهل البدع... ". الذريعة (1/224).
وقال حفظه الله:
11- "ساق المؤلف بإسناده إلى مطرِّف بن عبد الله عن مالك بن أنس: "أنه ذُكر عنده الزائغون، يعني المبتدعين في الدين". مثل القدرية والمرجئة والروافض والخوارج" . الذريعة (1/242).
12- محمد بن كعب القرظي من علماء وثقات التابعين.....
يحذر القرظي من مجالسة القدرية ومخاصمتهم لخطورة ضلالهم ومنهجهم وعقيدتهم، ومثلهم سائر أهل البدع من الروافض والخوارج والمرجئة وغيرهم من أهل الضلال. الذريعة (2/325).
وقال حفظه الله عند قول الآجري "أهل العلم بالسنن":
13- يعني: لا يقصد أهل الكلام والروافض والخوارج والمرجئة وغيرهم من أهل الضلال والبدع، فهو يخاطب الذين عندهم عناية بالقرآن، وعناية بالسنة فيأخذون منها عقائدهم وعباداتهم وأعمالهم، ويقدمونها على العقول وعلى الأفكار والآراء، هو يخاطب هذا الصنف من الناس، يخاطب أهل السنة والجماعة. الذريعة (2/19).
وقال حفظه الله في شرح السنة:
14- وقال السلف: من عبد الله بالخوف وحده فهو خارجي، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو الموحد،فأشرُّهم هذا الذي يعبد الله بالحب وحده.. شرح السنة للبربهاري (2/37).
15- قال رحمه الله: (وحملوا قدرة الرب، وآياته، وأحكامه، وأمره، ونهيه، على عقولهم وآرائهم)... يعني الجبرية والمرجئة والمعتزلة والخوارج والروافض كل فرقة لها رأي في قدرة الله وأحكامه وآياته وأمره ونهيه، لم يسلكوا فيها مسلك الكتاب والسنة. شرح السنة للبربهاري (2/72).
16- وانفتح هذا الباب على الأمة، وعلى مر السنين، وكر الأيام، فزادت الفِرَق حتى وصلت إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، فجاءت الخوارج، وجاءت الروافض والباطنية، جاء بعد ذلك الجهمية، جاء بعد ذلك المرجئة، والمعتزلة، وهكذا، وبعد ذلك جاءت بدعة التصوف وطرقه التي لا أول لها ولا آخر، كل فرقة لها ضلالات لا يعلمها إلا الله عز وجل....
قال رحمه الله: (فلما قتل عثمان جاء الاختلاف والبدع، وصار الناس أحزابا، وصاروا فرقا)، يعني روافض، وخوارج، ومعتزلة، وجهمية، ومرجئة، ...إلى آخره، ولكن كان هؤلاء مكتومين، مغلوبين، مقهورين، يتدسسون ببدعهم، ما يستطيعون أن يظهروها، حتى جاءت دولة المأمون.. شرح السنة للبربهاري (2/55).
قال: (وكلٌ داعٍ إلى رأيه، وإلى تكفير من خالفه)، كل هذا حصل للفرق كلها، يكفرون أهل السنة، ويكفر بعضهم بعضًا، من الخوارج، والمعتزلة، والروافض، والمرجئة وغيرهم.. شرح السنة للبربهاري (2/66).
17- قوله: (وضلت من وجوه، وتفرقت من وجوه، وابتدعت من وجوه).
... صارت الجهمية فرقا، والمعتزلة فرقا، والمرجئة فرقا، والجبرية فرقا، والخوارج فرقا. شرح السنة للبربهاري (2/100).
18- ...كذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه رد على كل الفرق الضالة، من معتزلة وخوارج وروافض ومرجئة وصوفية... شرح السنة للبربهاري (2/215).
19- قوله: (وإذا رأيت الرجل يحب أيوب، وابن عون، ويونس بن عبيد، وعبد الله ابن إدريس الأودي، والشعبي، ومالك بن مغول، ويزيد بن زريع...).
كل هؤلاء من أئمة السنة، فحبهم دليل على أنه يحب مناهجهم، وطريقتهم، وما كانوا عليه من الحق والسنة، مخالفين في ذلك أهل الضلال، يخالفون الجهمية والمرجئة والمعتزلة والخوارج. شرح السنة للبربهاري (2/343).
20- قوله: (ومن قبلنا لم يدعونا في لبس)، يعني الحق بيّن، والحمد لله، القرآن بيّن، السنة بيّنت الحق، السلف بيّنوا الحق، ولما ظهرت البدع والضلال ميّزوا بين الحق والباطل، وأدانوا الخوارج والروافض والمعتزلة والمرجئة والقدرية، وغيرهم من أهل الضلال.. شرح السنة للبربهاري (2/381).
21- يونس بن عبيد من أئمة السنة وكأنه في وقته كانت غربة للسنة، يتعجب ويستغرب، كيف يكون هناك دعاة إلى السنة في هذه البيئات التي كثر فيها الانحراف والضلال؟ فيها الجهمية،والمرجئة، والخوارج.
وأعجب منه المجيب للسنة، يعني يدعى إلى السنة فيستجيب؛ لأنه كأنه جرب، أن أهل البدع قلّ ما يستجيبون لأهل السنة، فإذا استجاب أحد إلى السنة فهذا من العجائب عنده، لما في أهل البدع من العناد، وعدم الاستجابة للحق، فحيث استجبتم لسنة رسول الله، فهذه نعمة من الله، فاحمدوا الله على هذه النعمة، وأنه لم يجعلكم من المعاندين لسنة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا من المحاربين لها، هذه نعمة من الله تبارك وتعالى، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم. شرح السنة للبربهاري (2/437).
22- يقول: (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار ولا يقبلها).... هذا كان يحصل من الجهمية، ومن المعتزلة، ومن المرجئة، ومن الخوارج، ومن غيرهم من أهل البدع . شرح السنة للبربهاري (1/390).
وقال حفظه الله في شرح أصول السنة:
23- ...، وحارب الإمام أحمد الخوارج الذين يتعلّقون بهذه النصوص، وحارب المرجئة الذين يتعلقون بنصوص الوعد، وحارب كل الفرق مما يدل على أنّه إمام في السنّة. شرح أصول السنة (ص132).
وقال حفظه الله في بيان أنواع المرجئة وانحرافهم على اختلاف أشكالهم، وبيان مخالفتهم لمذهب أهل السنة في الإيمان:
24- "هذه ما من قضية تقريبًا إلا وخالف فيها المرجئة، فبعض المرجئة يقول: الإيمان هو المعرفة بالقلب فقط، ولا يلزم النطق باللسان ولا العمل بالجوارح، قبَّحهم الله، يعني: إبليس وفرعون وكلُّ الكفار على قولهم مؤمنون، فهذا مذهب خبيث في غاية الخبث". (تصديقًا بقلوبهم وقولًا بألسنتهم).
نوع من المرجئة -وهم مرجئة الفقهاء- يقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط والعمل ليس من الإيمان.
فالمصنف الآن يقول هذا الكلام، ويرتب هذا الترتيب، ليبين انحراف المرجئة على مختلف أشكالها.
فمنهم من يقول: الإيمان هو المعرفة فقط، ومنهم من يقول: الإيمان اعتقاد بالقلب وقول باللسان فقط والعمل ليس من الإيمان، لا صلاة ولا زكاة ولا صوم... ليست من الإيمان، هذه الأعمال وهذه الأركان وهذه الشرائع العظيمة التي يقول فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس...) منها الشهادتان والأربع الباقية كلُّها أركان، هذه الأركان تسقط على هذا المذهب ولا تدخل في الإيمان، لكن هؤلاء الفقهاء وإن وافقوا المرجئة في إخراج العمل من تعريف الإيمان، إلا أنهم يرون وجوب العمل ويرون الذَّم لمن يقصِّر في هذه الأعمال، فيلحقه الذَّم ويلحقه الوعيد، فخالفوا أهل السنة في تعريف الإيمان -وهذه مخالفة شنيعة-، لكنهم التقوا مع أهل السنة في وجوب العمل، وأن من يقصر فيه يلحقه الذَّم والوعيد، فيتعرض للدخول في النَّار إن لم تشمله رحمة الله عزوجل". الذريعة (1/482).
25- على كل حال، مرجئة الفقهاء يوافقون أهل السنة في أن العمل لابد منه، وإن كانوا لا يدخلونه في الإيمان، ويوافقونهم في لحوق الوعيد بمن يقصر في الأعمال، الوعيد بالنار والعذاب،وأما سائر المرجئة فلا يدخلون العمل في الإيمان وترك الأعمال كلها لا يضر بالعبد ولا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة عندهم-نسأل الله العافية-..الذريعة (2/10).
26- ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة:١٧٧] أولئك الذين صدقوا في إيمانهم وقولهم إنا مؤمنون وإنا مسلمون، صدقوا فصدَّقهم الله -تبارك وتعالى-، حيث قاموا بهذه الأعمال -أعمال القلوب وأعمال الجوارح وأعمال اللسان وأقوالها-.
فهذا حجة على المرجئة على اختلاف أصنافهم الذين يقولون: إن العمل ليس من الإيمان، فقولهم باطل يصادم آيات كثيرة، ويصادم أحاديث كثيرة ومن الآيات هذه الآية ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلا الله -قول باللسان مع اعتقادها بالقلب-، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق) عمل بالجوارح. الذريعة (2/18).
وقال حفظه الله في شرح السنة:
27- مما يجب على العبد الإيمان به واعتقاده أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، يزيد بالطاعة حتى يصير أمثال الجبال، وينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه إلا أدنى من مثقال ذرة، وقد لا يبقى منه شيء.
هذه المسألة من المسائل التي اختلفت فيها الفرق الإسلامية:
فالمرجئة طوائف: منهم الغلاة ومنهم مرجئة الفقهاء.
فالغلاة منهم يقولون: الإيمان هو المعرفة وهم الجهمية! وهذا ضلال، ولازم قولهم أن فرعون مؤمن وإبليس مؤمن، لماذا؟ لأنهم كلهم يعرفون الله....
ومرجئة الفقهاء يقولون: الإيمان هو التصديق؛ تصديق بالقلب وقول باللسان، والعمل ليس من الإيمان! ....، وهذا مصادم لنصوص الكتاب والسنة!. شرح السنة للبربهاري (1/199-200).
28- ومن الفرق الضالة الكرّامية، الذين يقولون: إن الإيمان هو النطق باللسان! هؤلاء من فرق المرجئة؛ الإيمان -عندهم- هو النطق باللسان، وعندهم المنافق مؤمن! لماذا؟ لأنه قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. شرح السنة للبربهاري (1/202).
29- ومرجئة الفقهاء عندهم أن من قال: (لا إله إلا الله) بلسانه، واعتقدها بقلبه، فإيمانه كإيمان جبريل في الكمال؛ لأن الإيمان عندهم لا يتجزأ...
وغلاة المرجئة يرون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، فمهما أذنب فإن إيمانه يظل كاملاً لا ينقص، ولا يخشى عليه عقوبة في الآخرة.
فمذهب أهل السنة هو الوسط، لا إفراط ولا تفريط، لا إفراط كما أفرط الخوارج، وغلوا في تكفير المسلمين، فكفروهم بالكبيرة، ولا تفريط كتفريط المرجئة، الذي يعتبرون المجرمين والفساق منهم كاملي الإيمان... شرح السنة للبربهاري (1/268).
30- س: هل أهل وحدة الوجود يُعَدُّون من المرجئة أم هم أخص منهم؟
ج: لا، هم أخص منهم، أهل وحدة الوجود زنادقة،المرجئة فيهم غلاة وفيهم فقهاء، وفقهاؤهم أخف أهل البدع جميعا؛ ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الخلاف بينهم وبين أهل السنة صوري. أي: مرجئة الفقهاء، وفي قوله هذا نظر، فإنهم يخالفون آيات وأحاديث صحيحة، لكن هناك فرق كبير بينهم وبين غلاة المرجئة الذين يقولون الإيمان المعرفة، ولا يضر مع الإيمان ذنب.... إذا راجعت [الملل والنحل]، وراجعت [الفَرْق بين الفِرَق] لأبي منصور البغدادي تجدالمرجئة تنقسم إلى عشرين فرقة أكثرهم وقعوا في الكفر... شرح السنة للبربهاري (2/32).
31- من هذه الفرق: القدرية والمرجئة والخوارج، وغيرهم من أهل الضلال، وهذه هي أصول أهل البدع، والثلاث والسبعين ترجع إلى هذه الأربع الفرق: القدرية، المرجئة، الروافض -الشيعة-، والخوارج.
هذه الأربع الفرق هي أصول للثنتين والسبعين فرقة؛ إذ أن الخوارج انقسموا إلى حوالي عشرين فرقة، والمرجئة انقسموا إلى حوالي عشرين فرقة، والروافض انقسموا إلى عشرين فرقة. شرح السنة للبربهاري (2/140).
32- وكذلك المرجئة، تفرقت إلى عشرين فرقة، فأصول أهل البدع أربع فرق كما ذكر، وقد تتعدد، وقد تنقسم كل واحدة من هذه العشرين إلى فرق. شرح السنة للبربهاري (2/200).
33- (ومن قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله، أوله وآخره).
لأن المرجئة -الغلاة منهم- يقولون: الإيمان هو المعرفة فقط، وهم الجهمية، ومنهم من يقول: الإيمان تصديق بالقلب ونطق باللسان فقط، ولا يدخل العمل في الإيمان، ويقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لماذا؟
لأنه أخرج الأعمال من الإيمان، وأهل السنة يقولون: الإيمان قول وعمل ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فمن قال هذا القول: الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فقد خرج من هذه البدعة، وهي بدعة الإرجاء كلها، أولها وآخرها.. شرح السنة للبربهاري (2/405).
34- فإذا خرج من هذه الأمور كلها، من مذهب الروافض، ومذهب الخوارج، ومذهب المعتزلة، ومذهب القدرية ومذهب المرجئة، إلى آخره، فهو -إن شاء الله- صاحب سنة، ما لم يعادِ أهل السنة ويحاربهم. شرح السنة للبربهاري (2/407).
وقال حفظه الله في شرح أصول السنة:
35- فالإيمان قول وعمل؛ قول القلب واللِّسان وعمل القلب والجوارح، أو تقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. هذا هو الإيمان عند أهل السنّة والجماعة.
يشاركهم الخوارج في أنّ الإيمان قول وعمل واعتقاد؛ ولكن عندهم الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنّه بمجرّد ما يرتكب المسلم الكبيرة يخرج من الإسلام، يقابلهم المرجئة: الإيمان هو التصديق؛ تصديق بالقلب فقط أو المعرفة كما عند الجهمية، أو النطق باللسان فقط كما عند غلاة المرجئة.
وعند مرجئة الفقهاء الإيمان اعتقاد بالقلب وقول باللسان، ولا يدخل عندهم العمل في مسمّى الإيمان....،
وغلاة المرجئة عندهم الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنّ الإيمان تصديق فقط عندهم، وهو لا يقبل النقص، إذَا طرأ عليه نقص انتهى وخرج صاحبه من دائرة الإيمان،....
فغلاة المرجئة شرّهم كبير؛ لأنّهم يهدمون شريعة الإسلام بهذا الاعتقاد الخبيث. شرح أصول السنة (ص73-75).
وقال حفظه الله في الكلام على مسألة كفر تارك الصلاة مبينا مخالفة المرجئة لمذهب أهل السنة والجماعة:
36- "بعض السَّلف كفَّر بترك الصلاة، يعني: إذا قام بالشهادتين على الوجه المطلوب وقصَّر في الصلاة فتاركها عندهم كافر، يعني: هم لا يكفرون بترك الزكاة ولا بترك الصوم ولا بترك الحج، وهي جرائم وكبائر عظيمة...إلخ.
وقد يؤدِّي به تركها إلى النِّفاق والكفر، لكن لا يكفرونه، لأنَّ الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يكونوا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة[1].
فبعضهم وافق الصحابة أو جلَّهم في تكفير تارك الصلاة ولم يكفروا تارك الزكاة أو الصوم أو الحج أو جميعها، لكن يقولون: هو مجرم ناقص الإيمان، وإيمانه ينقص إلى مثقال ذرَّة، بل إلى حدِّ الزوال[2].
هذا عند أهل السنة والجماعة، خلافًا للمرجئة الذين لا يدخلون العمل في الإيمان ثم يتفاوتون، فمنهم من يقول: الإيمان قول باللسان فقط وهم الكرامية، فالمنافق عندهم مؤمن، لأنه قال بلسانه (لا إله إلا الله)، وعلى الطرف الآخر غلاة المرجئة، قالوا: الإيمان هو التصديق فقط، وبعضهم يقول: المعرفة فقط.
ويلزم على قولهم أن يكون أبو جهل وأبو لهب وفرعون وهامان وقارون وعلى رأسهم إبليس مؤمنون عندهم، لأنهم عرفوا الله -تبارك وتعالى-".". الذريعة (1/483-484).
37- وهناك عددٌ من العلماء عندهم أدلة استندوا إليها في عدم تكفير تارك الصلاة إلا المستحل لتركها فإنهم يكفرونه، وكلٌّ من أهل السنة والجماعة، فلا نُهين هؤلاء ولا هؤلاء -رضوان الله عليهم-، لأنهم أئمة ومجتهدون ومخلصون وناصحون وبعيدون وبريئون من الأهواء -أهواء الخوارج المكفرين بالذنوب وأهواء المرجئة المميعين للإسلام-، وكلُّهم سائرون على منهج الله الحق، ويختلفون في اجتهاداتهم فيما تتجاذبه الأدلة.
فمن ذهب إلى تكفير تارك الصلاة -وإن كان قوله له أدلة تشدُّه وقوية-، فهو من أئمتنا وعلى رأسهم الصحابة، ومن قال بعدم تكفيره اجتهادًا منه وأخذًا ببعض النصوص على حسب اجتهاده، فهؤلاء-أيضًا- من أئمتنا ومن سادتنا، ونرفعهم فوق رءوسنا، ولا نقول فيهم إنهم مرجئة كما يقوله السفهاء السائرون على طريقة الخوارج، لأنه لما يحكمون على من لا يكفر تارك الصلاة بأنه مرجيء، يحكمون على أئمة من كبار أئمة الإسلام، بل على جماهير من علماء الإسلام، وهم مجتهدون يريدون بهذا التقرير وبهذه الأحكام وجه الله -تبارك وتعالى-، لا يتبعون في ذلك أهواءهم وليسوا متهمين في دينهم -رضوان الله عليهم-، وليعلم أن هؤلاء يرون استتابة تارك الصلاة، فإن تاب فذاك، وإلا وجب قتله.
الذريعة (1/517-518).
وقال حفظه الله أيضًا مبينًا خطأ وضلال تعلق المرجئة بحديث: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) وبيان فساد استدلالهم، وبيان أن المذهب الحق هو مذهب أهل السنة والجماعة في أن العمل من الإيمان:
38- "فالمؤلف يريد أن يبين منهج أهل السنة والجماعة في أن الإيمان قولٌ وعملٌ واعتقادٌ لا قولٌ فقط كما يقوله بعض المرجئة، ولا اعتقادٌ فقط كما يقوله غيرهم، ولا قولٌ باللسان واعتقادٌ فقط مع نفي عمل الجوارح عن الإيمان كما يقوله مرجئة الفقهاء.
يريد أن يبيّن منهج أهل السنة والجماعة الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، والقرآن مليء بهذه الأدلة والسنة كذلك ومنهج السلف الصالح على هذا, خلافًا لأهل البدع.
وبعض الفرق يرى أن الإيمان قولٌ وعملٌ واعتقادٌ ولكنه يكفر بارتكاب الكبائر وما شاكل ذلك, هؤلاء هم الخوارج والمعتزلة[3] ومن سار سيرهم, وهذا غلوٌّ, ويقابلهم المرجئة بهذه السلبية وهو أن الإيمان هو المعرفة أو القول باللسان مع اعتقاد القلب أو القول باللسان فقط مع إخراجهم العمل من الإيمان على اختلاف مذاهب المرجئة، وقول أهل السنة هو الحق وعليه تدل الأدلة والآثار السلفية". الذريعة (1/489-490).
39- هذه طريقة أهل السنة: التأليف بين الأحاديث لا ردها، الخوارج وسائر أهل الأهواء يأخذون ما يوافق هواهم ويضربون صفحًا عمَّا خالف هواهم، والمرجئة كذلك، بخلاف أهل السنة، فإنَّهم يجمعون ويألِّفون بين الأدلَّة وبين النُّصوص الشرعية. الذريعة (1/503).
40- وكرر هذا بالإسناد الثاني وذكر أيضًا ما قاله اليهودي لابن عباس، وعلق على ذلك بقوله: (هذا بيان لمن عقل، يعلم أنه لا يصح الدين إلا بالتصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وما أشبه ذلك)....
قال الشيخ ربيع بعد ذلك:
....، وفي هذا ردٌّ على المرجئة الذين يقولون: إن العمل ليس من الإيمان، فالذي عنده عقل وإدراك يعلم أن العمل من الإيمان، وعلى رأسه الصلاة والزكاة والصوم و(الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى من الطريق] وكلها إيمان وإسلام. الذريعة (1/510-511).
41- الأصل والعمدة عنده: حديث ابن عمر[4]، وهو في صحيح البخاري ومسلم، وفي غيرهما من دواوين السنة، وأورد حديث جرير استئناسًا، والأصل عنده هو حديث ابن عمر ب الأول.
الشاهد: أن هذا فيه ردٌّ على المرجئة الذين يقولون الأعمال ليست من الإيمان، لا صلاة ولا زكاة ولا حج ولا جهاد ولا أمرٌ بالمعروف ولا نهيٌ عن المنكر، هذا ضلالٌ بعيد، وردٌّ لنصوص الكتاب والسنة.
فهذه مباني الإسلام وأركانه ومباني الدين، فكيف نقول: إنها ليست من الإيمان وهي مبانيه ومن أعمدته العظام وعليها يقوم الإسلام؟
كيف تقول: إنها ليست من الإيمان؟
هذا ضلال -والعياذ بالله-، فهذا من بلايا أهل الإرجاء، ومع ذلك: فالخوارج شرٌّ منهم في نظر أئمة الإسلام. الذريعة (1/520-521).
42- فقد ترجم المصنف: هذا الباب بقوله: باب: أفضل الإيمان ما هو؟ وأدنى الإيمان ما هو؟
يريد بذلك: الرد على المرجئة الذين يقولون: الإيمان حقيقة واحدة، لا يزيد ولا ينقص، وهذا مذهبٌ باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك بالإضافة إلى هذا هم يقولون: العمل ليس من الإيمان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، الجهاد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الأعمال كلها ليست من الإيمان، وأهل السنة والجماعة يقولون: العمل من الإيمان، وأدلتهم كثيرة، وهو يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فهذا هو الحق الذي دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله ج. الذريعة (1/557).
43- والله يشهد للمؤمنين بأنهم إذا أُنزلت آيات الله زادتهم إيمانًا، إذا تُليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانًا، أنتم إيمانكم ما يزيد؟ إيمانكم تصديق فقط؟! أو تصديق وقول فهذه الآيات الصريحة في زيادة الإيمان عليهم من أكبر وأقوى الحجج، وليتهم -والله- يفهمونها ويخجلون منها.
وآيات أخرى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [المدثر:٣١] فبيَّن في آياتٍ عديدة أن الإيمان يزداد، تؤمن -يا أخي- بأن على النار سبعة عشر، الذين وكَّلَهم الله بالنار، خزنة النار تؤمن بهم يزداد إيمانك، وإذا لم تؤمن بهم تكون كفرت، لأنك كذَّبت بنص القرآن، فإذا آمنت ازداد إيمانُك، وإذا ما آمنت كفرت، كيف تفهم أيها المرجئ هذه الآية وتقول الإيمان ما يزيد كيف هذا؟!. الذريعة (1/558-559).
44- أورد المصنف في هذا الباب ما سمعتم من الحديث الأول[5] وأعقبه بالآثار التي مرَّت عليكم، وقصد المؤلف : أن يقرِّر هنا ذلكم الأصل العظيم من أصول أهل السنة: أن العمل من الإيمان، وأنه يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، هذا الأصل الذي يخالف فيه أهلُ البدع والضلال من المعتزلة والخوارج والجهمية والمرجئة. الذريعة (1/570).
45- هذه الأحاديث والآثار ساقها الإمام الآجري للدلالة على أن الإيمان ينقص، وقد يزول بالمعاصي ثم يرجع وقد لا يرجع.
وفي هذه الأحاديث والآثار رد على المرجئة الذين يعتقدون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، متجاهلين الآيات الواضحة في زيادة الإيمان والأحاديث الصريحة في نقصانه إلى ألا يبقى منه إلا أدنى أدنى من مثقال ذرة، وقد يزول -والعياذ بالله-. الذريعة (1/582-583).
46- قد سبق لنا في هذا الباب ذكر ما يدل على أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة وآثار السلف كذلك كثيرة، وهذا أمر دان به أهل الحق أهل السنة والجماعة، وخالف فيه أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والمرجئة وغيرهم من أهل الضلال، خالفوا فيما دلت عليه هذه الآيات وهذه الأحاديث وهذه الآثار.
فالإيمان عندهم: لا يزيد ولا ينقص، مع وضوح النصوص من القرآن والسنة ومن فقه السلف الصالح، يكابرون ويعاندون على امتداد تاريخهم وإلى يومنا هذا، وأن الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص، ومع الأسف الشديد المرجئة منهم من يقول: إنه قول بلا عمل، ومنهم من يقول: هو قول واعتقاد بلا عمل، وهذه مصادمة للقرآن والسنة. الذريعة (1/588-589).
47- فبعض أهل الأهواء يقول: مالك يقول: الإيمان لا ينقص، الإيمان يزيد، لكن يقول لا ينقص، ويُغفِلون مثل هذه الأقوال المسندة إليه بالأسانيد الصحيحة، أنه يقول: (الإيمان يزيد وينقص).
فبعض الناس من المرجئة قد يغالطون أهل السنة، يقول: هذا إمام من أئمة الإسلام يقول: إن الإيمان لا ينقص، يزيد ولا ينقص، فهو يشاركنا في شيء من عقيدتنا ومنهجنا، فيقال: الثابت عنه بالأسانيد الصحيحة أنه مع إخوانه من أئمة السنة يقول: (إن الإيمان يزيد وينقص). الذريعة (1/598).
48- كل ذلك مبنيٌّ على الإيمان وعلى العمل الصالح، لا على الإيمان وحده، وهذا يدل على ارتباط العمل بالإيمان ارتباطًا وثيقًا لا يفصل بينهما إلا هؤلاء المرجئة على اختلاف أصنافهم.الذريعة (1/600).
49- المؤلف : يسوق هذه الآيات ويستنتج منها: أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وهو هنا يركز على العمل الذي ينكر المرجئة دخوله في الإيمان، فالإيمان عندهم إما معرفة وإما قول باللسان وتصديق بالقلب، وليس العمل من الإيمان على اختلاف مذاهب هذه الفرق المرجئة. .الذريعة (2/9).
50- والمؤلف : ساق هذه الآيات ليثبت هذه القضية وأن العمل من الإيمان، الإيمان ليس كما تقول المرجئة: هو التصديق أو المعرفة، الإيمان: قول وعمل واعتقاد، قولٌ باللسان وعملٌ بالأركان واعتقاد بالجنان، وإن شئت فقل: الإيمان: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فلابد من العمل ومن أعمال الجوارح ما لو تركه الإنسان لكفر، كالصلاة على قول الصحابة وجمهور المسلمين من السلف والخلف، ومن أعمال الجوارح ما يكون كبيرة من الكبائر التقصير فيه، ومن أعمال القلوب ما هو تركه كفر، كحب الله وبغض الكفر، هذا لابد منه أن يحب الله وأن يخافه وأن يتوكل عليه وأن يرغب إليه I، هذه الأمور قلبية لابد منها وتركها كفر، فالأعمال مهمة جدًّا، فليكن المؤمن يقظًا لهذه الأمور الخطيرة -فنسأل الله العافية-. الذريعة (2/33).
51- إن الجهمية يقولون: الإيمان المعرفة، ومرجئة الفقهاء يقولون: إن الإيمان تصديق بالقلب ونطق باللسان، ولا يدخلون العمل في الإيمان، لكنهم مع ذلك يوجبونه، ويرون أن تاركه معرض للوعيد ومستحق للعقوبة. الذريعة (2/36).
52- . تكلم الإمام الآجري في هذا الباب على المرجئة، وهم ثلاث فئات:
1- غلاة المرجئة وهم الجهمية الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة بالقلب، ويخرجون الأقوال والأعمال من الإيمان.
2- الكرامية وهم الذين يقولون: الإيمان قول باللسان، ويعتبرون المنافقين مؤمنين.
3- ومرجئة الفقهاء وهم الذين يقولون: الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان، ويخرجون العمل من الإيمان.
وقد ساق الإمام الآجري في هذا الباب أقوال العلماء في ذمهم على اختلاف أصنافهم، وبيَّنوا مخالفتهم للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة من أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وبيَّنوا أهمية العمل في الإسلام، وبيَّنوا زيف قول المرجئة: إن إيمان الفاسق كإيمان جبريل وميكائيل، وشددوا النكير عليهم.
ومن جملة إنكار الآجري على المرجئة قوله :: من قال هذا فقد أعظم الفرية على الله تعالى وأتى بضد الحق، وبما ينكره جميع العلماء.
فهو يرد على المرجئة حيث يقولون: إن إيمان الفاسق كإيمان جبريل وميكائيل، وذلك أن الإيمان عند جميعهم لا يزيد ولا ينقص، فالفاسق عندهم كامل الإيمان.
ويرد على غلاة المرجئة حيث يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، هذا مع قولهم: إن الإيمان هو المعرفة بالقلب فقط، نعوذ بالله من الضلال والخذلان.. الذريعة (2/69-71).
53- فهنا يقول: (يقال لمن خالف هذا المذهب الذي بيناه) يعني: مذهب أهل السنة والجماعة وما يخالفه من أهواء القدرية والجبرية والمرجئة، وقد فصل الأمر في ذلك، وقد مرَّ شرحه.
.... أما عقل الخوارج وعقل المعتزلة وعقل الروافض وعقل المرجئة وعقول أهل البدع، فهذه نعوذ بالله منها، فهي كعقول أعداء الرسل ومن يخالفهم لا قيمة لخلافه ولا وزن له. الذريعة (2/153).
وقال حفظه الله ردًّا على سؤال وجه إليه عن الشيخ الألباني وأن البعض يتهمه بالإرجاء:
54- ج: قد دافعنا عنه كثيرًا وكثيرًا -والحمد لله-، وهو بريء من الإرجاء، وهو العدو اللدود للإرجاء والبدع -إن شاء الله-، وكم كتب في الإرجاء إلىٰ آخر حياته، لكن قاتل الله أهل الأهواء؛ يدافعون عمن يقول بالجبر، ويسب الصحابة، ويقول بالحلول ووحدة الوجود، ويجعلونه إمامًا، ويجعلون من هذا الإمام إمام السنة الذي أفنىٰ حياته في خدمة العقيدة السلفية والمنهج السلفي، وفي خدمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصفونه بالإرجاء؛ لأن المرجيء عندهم هو الذي يخالفهم في التكفير، ولكن يتحايلون حتىٰ يُلصقوا هذه التهمة بأئمة السنة، ووالله إن السلف ليرون المرجئة أقلَّ بكثير في الشرِّ من الخوارج، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أطبق أهل السنة علىٰ إهانة الخوارج والمعتزلة والابتعاد عنهم وعدم مدحهم وكذا وكذا، وقد أثنوا علىٰ بعض المرجئة؛ لما عندهم من العلم والزهد والعبادة وما شاكل ذلك، فهم فيهم أناس قريبون إلىٰ السنة، ويشاركون أهل السنة في محاربة هذه البدع: محاربة الجهمية، محاربة المعتزلة، محاربة الخوارج إلىٰ آخره، كما هو الشأن في فقهاء المرجئة بالكوفة؛ فإنهم عندهم إرجاء، انتقدهم فيه أهل السنة أكثر من مرَّة، ولكن قد تجدهم في ميادين كثيرة يشاركون أهل السنة في محاربة الجهمية والمعتزلة والخوارج؛ ولهذا قال: قد أُثني علىٰ بعضهم بعلمهم وزهدهم وعبادتهم، أما شيوخ الخوارج والمعتزلة والروافض وغلاة المرجئة، فليس لهم عند أهل السنة إلا الاحتقار والازدراء والذم. الذريعة (2/593-594).
وقد عقد الآجري رحمه الله في الشريعة عدة أبواب في إثبات الشفاعة ووجوب الإيمان بها، فقال:
"باب وجوب الإيمان بالشفاعة".
وساق أحاديث ثم قال:
"باب ما روي أن الشفاعة إنما هي لأهل الكبائر".
وساق في هذا الباب أحاديث.
ثم قال:
"باب ما روي أن الشفاعة لمن لم يشرك بالله شيئًا".
وقد علق الشيخ ربيع حفظه الله على هذه الأبواب والأحاديث، وبين مذهب أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وبين بطلان ما ذهب إليه المرجئة، فقال:
55- وينكر هذه الشفاعات وأحاديثها، بل وآياتها من خذلهم الله من أهل الضلال كالخوارج والمعتزلة، فيرون أن من يدخل النار لا يخرج منها.
وقابلهم غلاة المرجئة الذين يرون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب وأن الموحدين لا يدخلون النار.
وخالف أهل السنة أهل هذين المذهبين الباطلين، وتمسكوا بنصوص كتاب ربهم وسنة نبيهم الدالة على أن المؤمن إذا ارتكب كبيرة دون الشرك لا يخرج من الإيمان وأنه يستحق عذاب النار ... وهذا هو المذهب الحق الوسط بين غلو الخوارج والمعتزلة وبين تفريط غلاة المرجئة. الذريعة (3/295).
56- الشاهد أن هذا وقع في معاصٍ كثيرة يعني ملأت تسعةً وتسعين سِجِّلاً كل سِجِّل مدُّ البصر، لكن هل لك أن تغتر بهذا الحديث؟ لا يغتر به إلا المرجئة الذين يتهاونون بالمعاصيويقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب. الذريعة (3/414).
57- عند أهل السنة الذنوب كلها خطيرة، وعند المرجئة الغلاة قبَّحهم الله يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب. وأسقطوا العمل من الإيمان؛ فالعمل عندهم ليس من الإيمان؛ وهذا جهل وضلال، ومصادم لنصوص كثيرة في القرآن والسنة .... .
الشاهد: أن هناك فرقاً بين أهل السنة وبين المرجئة، فأهل السنة يعتبرون العمل من الإيمان وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، ينقص بالمعاصي إلى أن لا يبقى منه إلا أدنى مثقال ذرة من الإيمان وأدنى من ذلك بالمعاصي، ينقص بارتكاب المعاصي والإصرار عليها حتى لا يبقى منه إلا هذا القدر الضئيل وقد يزول والعياذ بالله ، بعضهم يزيغ قلبه فيقع في الكفر نسأل الله العافية.الذريعة (3/415-416).
وقال حفظه الله:
58- على كل حال : حديث البطاقة يدل على فضل التوحيد ، أما الاتكال فلا.... فلا ينظر إلى أحاديث الوعد بمنظار المرجئة، ولا ينظر فقط إلى أحاديث الوعيد فقط كما فعل المعتزلة والخوارج، بل نجمع بين نصوص الوعد والوعيد فنخاف ونرجو نجمع بين الخوف والرجاء، -وكما يقال-: "من عبد الله بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبد الله بالجمع بين الحب والخوف والرجاء فهو المؤمن الموحد.الذريعة (3/419).
وقال الشيخ -معلقًا على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في غزوة تبوك وما حصل في طعام الصحابة اليسير من البركة حتى ملأوا منه أزوادهم، ثم قال رسول الله ج عند ذلك: (أشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)-:
59- والحديث في غزوة تبوك فيه من الفوائد: بيان هذه المعجزة العظيمة التي حصلت لرسول الله ج، جيش عظيم بارك الله له في شيء يسير بدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى أكلوا منه جميعًا وملأوا منه أزودتهم.
كم من الأحمال والأثقال حصلت من هذا الشيء اليسير، وذلك بقدرة الله -سبحانه وتعالى- وذلك شهادة واضحة على أن محمدًا رسول الله ج؛ ولهذا قال لما رأى هذا الأمر العظيم قال: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ" ، وبيَّن فضيلة هذه الكلمة أو هاتين الكلمتين: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله "لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" ، أي: إن العبد يقولها وهو موقن بها، وهذا من شروط لا إله إلا الله.
فلا يكفي مجرد قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبدًا؛ قال سبحانه وتعالى: (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)، [المنافقون : 1].
وكثير من أهل الخرافات ومن المرجئة يحتجُّون بمثل هذا الحديث على أنه لا داعي للعمل...، فالعمل لابد منه، لابد من العمل، والإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، هذا مذهب أهل السنة والجماعة من الصحابة إلى التابعين إلى يوم القيامة إن شاء الله. الذريعة (4/193).
60- وذُكِرت في كتب العقائد كل عقائد أهل السنَّة رحمهم الله في كل ما ألَّفوا من كتب يذكرون هذا ويردُّون على الخوارج تكفيرهم بالذنوب، ويردُّون على المرجئة غلوهم في نصوص الوعد وتعلقهم بها حتى أخرجوا العمل من الإيمان ، ويقولون الإيمان هو المعرفة....
فعلى هذا التعريف الخسيس -تعريف المرجئة- الإيمان هو المعرفة يدخل كل الكفار وعلى رأسهم إبليس وفرعون وهامان وغيرهم من الكفرة الزنادقة المتمردين... الذريعة (4/194).
61- وعلى كل حال الأعمال كلها من الإيمان بدءاً من قول لا إله إلا الله وانتهاءً بإماطة الأذى من الطريق وهو العمل بالجوارح، فالحجج كثيرة ودامغة لهؤلاء المرجئة الذين يُخرِجُون العمل من الإيمان ويتَّكلون على نصوص الوعد ويتجاهلون نصوص الوعيد، وقابلهم الخوارج فتعلَّقوا بنصوص الوعيد وكَفَّروا العصاة وأخرجوهم من الإيمان بالذنوب. الذريعة (4/195).
62- وفي باب الإيمان توسَّط أهل السنَّة أيضًا بين المرجئة وبين الوعيدية من الخوارجوغيرهم. الذريعة (4/196).
63- س: "ثم يقبض الرحمن قبضة يخرجهم من النار لم يعملوا خيرًا قط"، ما المراد بقوله: "لم يعملوا خيرا قط"؟.
ج: هذا من المشاكل التي يثيرها أهل الفتن للفتن بين المسلمين وبين السلفيين خاصة.
نحن نؤمن بهذه الأحاديث ونؤمن أنه يخرج من النار من في قلبه أدني أدنى من مثقال ذرة من إيمان، والخوارج ينكرون هذه الأحاديث، والمرجئة يخرجون العمل من الإيمان ولا يلتفتون إلى الآيات التي تدل على زيادة الإيمان ولا إلى الأحاديث التي تدل على نقصانه ... ، ونحن نرى ضرورة الأعمال، وأنه لابد من العمل، ونؤمن بأن الإيمان يزيد وينقص، ومن يرتكب كبيرة يكون مذمومًا بغيضًا عند الله تبارك وتعالى، لكننا على منهج أهل السنة لا نخرجه عن دائرة الإيمان كما يفعل الخوارج، ولا نقول: هو مؤمن كامل الإيمان مهما أمعن في الفسق كما يقول المرجئة؛ لأن المرجئة يقولون: إن إيمان أفجر الناس كإيمان جبريل وإيمان محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا من الضلال والعياذ بالله، وفي الساحة الآن من يرمي أهل السُّنة بالإرجاء ، لماذا؟ لأنهم لم يجاروهم في مذهب الخوارج.
فرقٌ يا أخوة بين المرجئة وبين أهل السُّنة.
المرجئة يقولون: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأهل السُّنة يقولون: الإيمان يزيد وينقص، يزيد حتى يصير كأمثال الجبال، وينقص حتى يصل إلى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان.
ومن غلاة المرجئة من يرى أن المُوحِّد مهما ارتكب من الذنوب لا يدخل النار والجنة مضمونة له، وهذا كذب على الله تبارك وتعالى، فإن الله توعَّد على المعاصي بالنار؛ توعَّد القاتلين وتوعَّد المرابين وتوعَّد أكلة أموال الأيتام، فهذه النصوص يؤمن بها أهل السُّنة، والمرجئة يلغونها -الغلاة منهم- يلغونها، وغير الغلاة مثل مرجئة الفقهاء الذين ذكرناهم سلفًا يؤمنون بأن العصاة مُعرَّضون للعذاب، ويؤمنون أنه قد يدخل أناس منهم النار، مع قولهم الرديء: إن العمل ليس من الإيمان، وإن الإيمان لا يزيد ولا ينقص.
ومن هنا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الخلاف بيننا وبينهم لفظي ، وإن كنا لا نُسلِّم لابن تيمية -رحمه الله-، ولكن هو أحيانًا تغلب عليه الشفقة والرحمة على خصومه فيقول مثل هذا الكلام، وإلا فالخلاف جوهري بيننا وبينهم، فإن كلامهم واعتقادهم يتضمن رد كثير من النصوص من أن الإيمان يزيد وينقص، ومن أن الإيمان من العمل، وحديث: "الإيمان بضع وسبعون شعبة -أو بضع وستون شعبة-" يتصادم مع مذهبهم فهم يصادمون نصوصًا كثيرة ، وأهل السُّنة يُسلِّمون بكل هذه النصوص، خلافًا للخوارج وخلافًا للمرجئة، وفي الساحة الآن غلو شديد بدأ به القطبيون وواصل المسيرة الحداديون الغلاة الذين يقذفون أهل السُّنة بالإرجاء، لماذا؟ لأنهم لم يسيروا في طريقهم وطريق الخوارج القدامى والمُحْدَثين، فيرمونهم بالإرجاء، واتخذوا الإرجاء سلاحًا لحرب أهل السُّنة؛ لأن أهل السُّنة واجهوا غلوَّهم في التكفير فرموهم بالإرجاء...، وكذبوا وافتروا على أهل السُّنة، ونحن نسألهم دائمًا عن تفسير حديث: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَعِنْدَهُ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ".
... لماذا تتركون ما قرَّره السلف رضوان الله عليهم في مواجهة الخوارج ومواجهة المرجئة بأصنافهم وهو من صميم الكتاب والسُّنة: الإيمان قول وعمل. الله سبحانه وتعالى أخبر بأنه قول وأخبر بأنه عمل، والرسول صلى الله عليه وسلم كذلك، ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، كلها فيها أحاديث وفيها آيات....
ولقد استنكر العلامة السلفي محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- تعلق هؤلاء المنحرفين بجنس العمل والمكفرين به، فقال:" هؤلاء يريدون سفك الدماء واستحلال الحرام. ارجعوا إلى ما كان عليه السلف، من قال هذا؟ هل هذه القاعدة قالها محمد صلى الله عليه وسلم". . الذريعة (4/206-212).
وقال حفظه الله في شرح السنة:
64- مهما كانت هذه الكبائر، ليس معنى هذا أننا نتساهل بارتكاب الكبائر، وننسى نصوص الوعيد كما نسيها المرجئة الغالية.... ولا يحكم على الناس بالكفر، ولا يميع الإسلام كما تميع المرجئة، و إنما يبقى بين الخوف والرجاء، يبقى وسطا معتدلا . شرح السنة للبربهاري (1/274).
65- إذا كفر بآية من كتاب الله، بحرف من كتاب الله، فهذا يكون كافرا لأنه كذّب الله، إذا كذّب بالقرآن فهو كافر، إذا كذّب بآية من القرآن فهو كافر، هذا ليس معناه التأويل، إذا تأول، كغلاة أهل البدع، كانوا يؤولون آيات الصفات، هؤلاء ما كذّبوا، يقولون كلام الله ولكن معناها كذا وكذا، وهؤلاء مُنعوا من التكفير بسبب التأويل، لا يخرجون عن دائرة الإسلام، كما حصل للمعتزلة، والأشاعرة، والمرجئة، من التأويلات الفاسدة. شرح السنة للبربهاري (1/274 -275).
66- وغلاة المرجئة يرون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنه لا يتجزأ وليس العمل من الإيمان، ومرجئة الفقهاء يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب والقول باللسان، ولا يزيد ولا ينقص، والعمل عندهم ليس من الإيمان.. شرح السنة للبربهاري (2/147).
وقال في شرح أصول السنة:
67- الأخذ بالشريعة -بارك الله فيكم- بكاملها والجمع بين النصوص، ... فهذه النصوص المتشابهة يردّونها، ويجمع بينها، ولا يضرب بعضها ببعض كما يفعل الخوارج، وكما يفعل غيرهممن أهل البدع من المرجئة والمعتزلة وغيرهم؛ ممن يتعلق بشبهة نص ويذهب يخترع به بدعة...شرح أصول السنة (ص130).
***
وهذه مجموعة من الأسئلة أجاب عنها الشيخ ربيع حفظه الله، وسيرى القارئ أن السؤال أحيانا ليس له تعلق بالمرجئة ولكن الشيخ يتطرق لذكرهم والرد عليهم وبيان ما هم عليه من الضلال.
السؤال الرابع:
لكـن شيخنـا، هل يعني أننا إذا سلكنـا هذا المنهـج وهذا الطريـق الـذي تفضلتم ببيانـه, هـل يعني أن الشاب السلفي الـذي يسلك هذا الطريـق لا يستحضر أبدًا في ذهنـه أنـه يسعى إلى إقامـة الحكـم؟ لأن بعض مشايخنا ‑حفظهم الله تعالى‑ يقول: لا تستحضر أبدًا هذه النيـة, الله عز وجل لم يكلفك بها.
فأجاب حفظه الله على هذا السؤال، وكان من ضمن ما أجاب به قوله:
لكن من الحماقة والسفه ما يفعله هؤلاء المرجئة من دعاة السياسة؛ لأنهم يرجئون العقيدة، وهذه خارجة الآن من دعوتهم، فهؤلاء أخسّ المرجئة؛ لأنهم يرجئون العقيدة والعلم بشرائع الإسلام؛ يرجئون ذلك إلى ما بعد أن تقوم الدولة, كما أنهم لا ينكرون المنكرات العقدية, وهذا أخبث من الإرجاء....
إلى أن قال:
أما هؤلاء السياسيون فكما قلنا: إنهم مرجئة غلاة؛ يرجئون العقائد والأحكام وما شاكل ذلك إلى ما بعد الوصول إلى الحكم، ثم إذا وصلوا إلى الحكم -الكراسي- أداروا ظهورهم للعقيدة.. الإجابات الجلية عن القضايا المنهجية (ص24- 25).
السؤال الحادي عشر:
تعدُّد أسماء الجماعات اليوم؛ هذا يقول: (الإخوان المسلمين) أو ما شابه ذلك، وهذا يقول: (سلفية), فهل ترى يا شيخ مثل هذه التسميات تؤدي إلى تفرقة معينة بين المسلمين؛ لأن الله عز وجل قال: ﴿هو سماكم المسلمين﴾ ألا يكفي تسمية كلمة مسلم تطلق بدون أن.. ؟
فأجاب حفظه الله بالآتي:
إذا كان الإخوان المسلمون اخترعوا لهم منهجًا؛ يوالون ويعادون عليه، والتبليغ اخترعوا لهم منهجًا ضالًّا ويوالون ويعادون عليه أفلا يجوز أن نسميهم بأسمائهم كما سمى السلف: الجهميةوالمرجئة والخوارج؟!. ...
إلى أن قال:
هذا الشيء واقع ولابدَّ أن نميِّز بين أهل السنة وأهل الضلال؛ ولهذا لما وجدت الفرق الضالة، قال أهل السنة والجماعة: هؤلاء جهمية, وهؤلاء مرجئة, وهؤلاء خوارج, فهل يجوز لأحد أن يعترض؟. الإجابات الجلية(ص41-42).
سؤال [1]:
سائل يقول: شيخنا الفاضل، نريد برنامجًا لطالب العلم المبتدئ, ونصيحة تفيدنا في مسيرتنا العلمية, فبماذا يبدأ طالب العلم في دراسته، وفي منهجه العلمي، وجزاكم الله خيرًا؟
يبدأ طالب العلم بكتاب الله عز وجل, فيحفظه أو يحفظ الكثير منه, ويثنِّي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويدرس من كتب اللغة ما يساعده على فهم كتاب الله وعلى فهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك منهج طيِّب مبارك، كنتيجة لبحث أفذاذ هذه من أئمة السنة في هذا العصر، وضعوا هذا المنهج في مدارس هذه البلاد في المراحل الثانوية والجامعية, فأنصح الشباب أن يأخذوا بهذا المنهج في المرحلة الثانوية، وفي المرحلة الجامعية، وفي المعاهد العلمية؛ فإنها من أفضل ما اختاره العلماء لطُلَّاب العلم, وَمِنْ تِلْكُمُ الكتب: [كتاب التوحيد] للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مع شرحه فتح المجيد في توحيد العبادة, وهذا أمر لابدَّ منه؛ فإنه يتضمَّن دعوة الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام...
إلى أن قال حفظه الله:
.... وأعطيكم نبذة عن ترتيب البخاري... وبعده كتاب الإيمان، يبيِّن منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة وفي أبواب الإيمان ويردُّ على أهل البدع من المرجئة والخوارج. الإجابات الجلية(ص95-97).
سؤال [6]:
يقول السائل: ما هو قول سماحتكم فيمن يقول بأن الجماعات الإسلامية كلها على خير، وأنها تصبُّ في مصب واحد والكل يكمل بعضُه بعضًا؟
الجواب:
هذا القول من المغالطات السياسية، يغالط قائل هذا الكلام نفسه ويغالط الأمة، فالأمة عليها أن تكون أمة واحدة، وأن تكون جماعة واحدة لا جماعات، وأن تعتصم بحبل الله جميعًا كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ [آل عمران: 3].
فالمسلمون تفرَّقوا في عقائدهم، وتفرَّقوا في مناهجهم، حتى هذه الجماعات التي تسمِّي نفسها بالإسلامية، والله تفرَّقت في المناهج والعقائد، فعندها من عقائد الخوارج، وعقائد المرجئة، وعقائد الصوفية، وعقائد ضالة، وعقائد أخرى ضالة. الإجابات الجلية(ص127).
***
وهذه مجالس تفسيرية لآيات من كتاب الله العزيز، خلال شهر رمضان المبارك لعام (1430)، وقد اشتملت هذه المجالس على بيان الأحكام والمقاصد والمعاني التي تضمنتها تلك الآيات.
وتطرق الشيخ حفظه الله أثناء تلك المجالس إلى ذكر بعض مخالفات أهل البدع في العقائد والمناهج، ومن تلكم الفرق: المرجئة على اختلاف أشكالها.
ومن تلكم المجالس: المجلس الأول [سورة البقرة من الآية (177)].
قال الشيخ حفظه الله:
فهذه السُّورة، سورة عظيمة، اشتملت على أحكام وعلى عقائد، وأوامر ونواهٍ، وتشريعات، وتحليل الحلال وتحريم الحرام، وشروط الطلاق وما يتعلَّق به، والحج قبل ذلك، والجهاد، فهذه أمور كالعقائد والإيمان: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾.
فذكر أعمال القلوب وأنها من الإيمان، وذكر العقائد، وذكر أعمال الجوارح، وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد، قال عز وجل: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾.
هذا أساس أصول الإيمان كلِّها؛ الإيمان بالله وتوحيده وإخلاص العبادة له، والإيمان به وبأسمائه وبصفاته I، وعبادته بما شرع I، واجتناب الشِّرك الذي يضاد هذا الإيمان ويضاد هذا التَّوحيد بالله عزوجل ... .
إلى أن قال حفظه الله:
فالشِّرك والكفر ذنبان لا يُغفران، أمَّا المعاصي والكبائر فخلافًا للخوارج ومَن جرى مجراهم أن مرتكب الكبيرة كافر، وأنه في النار خالد مخلد فيها، هذا فكر الخوارج، ويقابلهم غلاة المرجئةيقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب -قبَّحهم الله- فيسقطون الأوامر والنواهي. نفحات الهدى والإيمان من مجالس القرآن (ص7-10).
وأثناء هذه المجالس وجهت إلى الشيخ حفظه الله بعض الأسئلة، ومنها السؤال الآتي:
سؤال [1]: ما معنى قول الطَّحاوي: "الإيمان واحد وأهله في أصله سواء"؟
الجواب: والله أظن أن هذا له علاقة بشيء من الإرجاء، الإيمان له أصول وله فروع، والناس يتفاوتون فيه تفاوتًا شديدًا، هذا القول من الطحاوي يدور حول تعريف المرجئة للإيمان بأنه التصديق؛ أي: الناس كلهم مشتركون فيه، هم فيه سواء عندهم، ليس هناك تفاوت في الأعمال، وهذا يخالفون فيه قول أهل السنة؛ فالإيمان عند أهل السنة: قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والناس يتفاوتون فيه ويتفاضلون لكن عند مرجئة الفقهاء الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب.
فقول الطحاوي: "الإيمان أهله في أصله سواء" غلط؛ القول باللِّسان والتصديق بالقلب يشتركون فيه، لكن ينبثق عن الإيمان أعمال كثيرة: أعمال الجوارح، وأعمال القلوب، منها: الخوف، منها الرجاء، منها المحبة، منها الرغبة، منها الرهبة، ومنها التوكل، هذه كلها من الإيمان.
فأهل السنة والجماعة الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وعند المرجئة الغلاة الكَرَّامية: الإيمان هو النطق باللسان، وعند الآخرين وهم الجهمية، الإيمان: المعرفة فقط، إذا عرف الله يكفيه، على مذهبهم إبليس مؤمن، قال الله في فرعون وأمثاله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل:14]؛ يعني: هم استيقنوا أن الله ربُّ العالمين، وأنه خالق الناس أجمعين، وأنه ربُّ السَّموات والأرضين، يؤمنون بذلك لا يشكون في ذلك؛ لكن الكِبر حملهم على المعاندة والمكابرة والجحود.
فعلى مذهب الجهمية من المرجئة يكون فرعون والنمرود وأمثالهم من الكفَّار -حتى الذين كفروا بالربوبية- داخلين في هذا الإيمان وهم مؤمنون عندهم، وهذا ضلال مبين، واشتد عليهم أهل السنة وكفَّروهم بهذا المذهب الخبيث.
وهناك المرجئة الثانية: مرجئة الفقهاء، أصحاب أبي حنيفة وبعض شيوخه هؤلاء شاركوا أهل السُّنة في أنَّ الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب، والعمل عندهم ليس من الإيمان؛ لكنهم يشاركون أهل السنة في أنه لابد من العمل، وأن من لم يقم بالأعمال التي شرعها الله مُعرَّض للعقوبة.
الإيمان عند أهل السنة قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وقد ذكر الله ذلك في آيات كثيرة: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الأنفال:2-3].
فذكر أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فأعمال الجوارح من الإيمان، هم ينكرونها، وبعضهم يبالغ فينكر أعمال القلوب، وبعض المرجئة من الفقهاء يعد أعمال القلوب من الإيمان؛ لكن أعمال الجوارح كالصلاة والصوم والزكاة والحج... عندهم ليست من الإيمان مع الأسف الشَّديد؛ لهذا أنكر عليهم السلف، وبيَّنوا للناس أنَّ الإيمان قول بالقلب واللسان، وعمل بالقلوب والجوارح، وردُّوا على الخوارج في تكفيرهم مرتكبي الكبائر. نفحات الهدى (ص19-20).
وعند الآية [153] من سورة الأنعام: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ قال الشيخ حفظه الله:
... فللشيطان سُبُلٌ كثيرة: سبيل اليهود، سبيل النصارى، سبيل الوثنيين، المجوس، الهندوك، سبيل مشركي العرب آنذاك، ولمن بقي منهم على الشرك، سبلٌ للروافض، وللخوارج، للمعتزلة،للمرجئة، للاثنتين والسبعين فرقة، على كل سبيل منها شيطان يزينه ويزخرفه ويلمعه للسخفاء الذين لا يعقلون ولا يتبصرون ولا يتَّعظون، ولا يتذكرون.!!. نفحات الهدى (ص433).
وفي المجلس الثاني من تفسير بعض الآيات من سورة الفرقان ومنها قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾، قال الشيخ حفظه الله:
فالمؤمن لا يتعلق بنصوص الوعد كما تفعل المرجئة، فيتجرؤون على المعاصي، ويُجرِّؤون الناس على ذلك، يقولون: العمل ليس من الإيمان.!
وغلاتهم يقولون: من قال: لا إله إلا الله. يدخل الجنة ولا يعذَّب.! قاتلهم الله، أين نضع هذه النصوص؟! نصوص الوعيد من الكتاب والسنة أين نضعها؟! هذا النص أين نضعه؟!: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، وآكل الربا، آكل مال اليتيم، والذي يقذف المحصنات، هذه من الكبائر، أين نضع هذه النصوص؟!. نفحات الهدى (ص461-462).
ثم استطرد الشيخ حفظه الله في ذكر صفات عباد الرحمن إلى أن وصل إلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾، فقال حفظه الله:
الكافر والمغرق في البدع والهوى يسمع آيات الله تتلى عليه فيصر مستكبرًا كأن لم يسمعها! الكافر كافر، إلا من أراد الله له الهداية، والمبتدع قد يقع في هذا البلاء فتتلو عليه الآيات والأحاديث وكلام العلماء الراسخين فيعاند ويكابر، أصم أبكم كأنه لم يسمع وكأنه لم يبصر، سلبت منه هذه الحواس، حواس الإدراك، فلا يفقه، ولا يقبل النصيحة والموعظة! بخلاف عباد الرحمن الذين وصفهم الله في آيات كثيرة ومنها قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 2-4].
فهذه أيضًا من صفات عباد الرحمن المؤمنين الكاملي الإيمان إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانًا، لا يخرّون عليها صمًّا وعميانًا كما يفعله الكفار الأجلاف، وأهل البدع والأجلاف أيضًا، كثير من أهل البدع تُقرَأ عليهم الآيات في أبواب التوحيد وأبواب الأحكام والحلال والحرام التي يقعون في مخالفتها، وآيات الوعيد فلا يرفعون بذلك رأسًا ولا يستفيدون، ولو كان أهل البدع ممن إذا ذُكِّر بآيات الله يتذَكَّر ويتَّعظ ويزداد إيمانًا لما بقيَت هذه البدع ولما بقي عليها أهلها قرونًا متطاولة.
فالمعتزلي مستمِرٌّ على اعتزاله، والرافضي مستمر على رفضه، والخارجي مستمر على خارجيته، والصوفي الغالي مستمر في غلوِّه، وقد يشتركون في كثير من الضلالات، والمرجئ على إرجائه، وكل قبوري على قبوريته. نفحات الهدى (ص478 - 479).
***
وأخيرا بعد هذه النقول الواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار، عن هذا الإمام في بيان شر هذه الفرقة المبتدعة وخطرها على الإسلام والمسلمين أيجوز لعاقل منصف أن يتهمه بالإرجاء من قريب أو من بعيد؟!!
ألا فليتق الله من كان عنده شيء من الدين الورع فيما يقول، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «...، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ».
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
أبو أنس عصام القباطي
(9/ذو القعدة/1435)

([1]) روى هذا عنهم عبد الله بن شقيق العقيلي، أخرجه الترمذي في جامعه (5/14ح رقم2622)، ومحمد ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والحاكم في المستدرك (1/48رقم12) وفي نقله هذا نظر.

([2]) هذا ما قاله الشيخ ربيع منذ أزيد من خمس سنوات؛ بل قاله قبل هذا التأريخ بسنوات، وقبل فتنة فالح والحدادية وكثيرًا ما يقوله إلى الآن، ومع ذلك يرميه الحدادية بالإرجاء؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار.

([3]) المعتزلة يقولون: إن مرتكب الكبيرة في منـزلة بين منـزلتين لا مؤمن ولا كافر، هو فاسق، وحكمه في الآخرة الخلود في النار، فيلتقون مع الخوارج في الحكم.

([4]) يعني حديث ابن عمر الذي أورد الآجري رحمه الله: (بني الإسلام على خمس...) الحديث.

([5]) يشير إلى الحديث الذي أورده الإمام الآجري في [باب ذكر ما دل على زيادة الإيمان ونقصانه] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر، صقل منها قلبه، فإن زاد، زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران، قال الله تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .




منقول من شبكة سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML