بسم الله الرحمن الرحيم
جواب فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
السؤال :
يقول السائل: شيخنا بارك اللهُ فيكم أينما كُنتم- وإياك- لماذا وصف العُلماء الصحابة (بالعُدول) ولم يزيدوا (الضبط)؟
الجواب :
أما وصفهم (بالعدالة) فليس بعد تعديل اللهِ - جَلَّ وَعَلا- لهم أيُّ تعديل، وأما (الضبط) فهم أحفظُ الناسِ على الإطلاق، فإن قرائِحهم سيّالة، وأذهانهم صافية يسمعُ أحدهم القصيدة مائة بيت فيُلقيها مُباشرةً بعد فراغِ قائِلها، وربما أعادها منكوسةً من آخرها إلى أوَّلها، فهم معروفون بهذا فلا يُحتاجُ إليه، ومع هذا كُلِّه فقد كانوا أكثر الناسِ في هذا الباب - باب الرواية- أكثر الناسِ توّقِّيًا وخوفًا من الغلط - رَّضِيَ اللّهُ تعالى عَنْهُم وأرضاهم-، حتى إنَّ بعضهم، أقلَّ التحديث بسبب ذلك، فإذا شك في شيءٍ من حديث رسول اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يُحدِّث به، ومن أشهر ما في هذا الباب حديثُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ- رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ-حين سألهُ ابنهُ عَبْدِ اللَّهِ فقال (عَنَّاني) ، عدمُ تحديثك عن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يُحدُث عنهُ فلانٌ وفلان" فأجابهُ أبوهُ الزُّبَيْرِ- رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم جميعًا- قائلًا: "يا بني إنهُ كانت لي من هذا النبي وجهٌ ومنزلة، ولكني سمعتهُ يقولُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار)) فهم أغبط الناس- رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم- وما شكُّوا فيه تركوه- رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم- فلا يُحتاج إلى هذا أيها الأخ الكريم، ولأن الله - جل وعلا- قد أثنى عليهم، ووصفهم بهذا الذي وصفهم به وهو( العدالة)، والعدالة وصفٌ يشمل( الصدقَ والضبط)، العدالة تأتي بهذا وهذا، وهم أهلها- رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم-.
المصدر :
ميراث الأنبياء
سحاب السلفية