منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية الموسمية > منتدى شهر رمضان المبارك


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي ادهم مخالفة
ادهم غير متواجد حالياً
 
ادهم
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 88
تاريخ التسجيل : Mar 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 162 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي بيان الأشهر الحرم - بيان الجزاء من ظلم العباد

كُتب : [ 09-08-2011 - 06:27 PM ]

فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا، وقدَّره منازل تعلموا عدد السنين والحساب، وأحمد الله تعالى حيث جعل الليل والنهار خِلفةً لِمَن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا من ذوي العقول والألباب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد ومنه المبتدى وإليه المنتهى والمآب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل مَن تعبَّد لله وحجَّ وأناب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحشر والمآب، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:

أيها الناس، فإننا في ختام شهر ذي الحجة الذي أدّى المسلمون فيه مناسك الحج والعمرة والذي هو آخر الشهور في السنوات الهلالية التي شرعها الله لعباده؛ لتكون مواقيت للناس والحج، قال الله عزَّ وجل: +يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" [البقرة: 189]، وقال الله تعالى: +إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" [التوبة: 36]، +وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" [الأعراف: 187] .
وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الأشهر الحرم فقال: هي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم وشهرُ رجب وبقيّة الشهور معلومة؛ لذلك كانت الشهور التي وضَعها الله لعباده هي الشهور الهلاليَّة التي اتّفق الصحابة في عهد الخليفة الراشد أن يكون مبتدؤها من شهر الله المحرم؛ لأنه يعقب شهر ذي الحجة الذي أدَّى المسلمون فيه مناسك الحج والعمرة .
أيها المسلمون، لقد مضى عام كامل ونحن في غفلةٍ ونحن في سهوٍ ولهوٍ إلا مَن شاء الله عزَّ وجل، وإن الإنسان العاقل لَيَتَبصّر ويعتبر في هذه الأيام والليالي؛ لأن هذه الأيام والليالي مراحل يقطعها الإنسان مرحلةً مرحلةً إلى أن ينتهي أجلُه إلى آخر السفر، وإن هذا السفر وهذا المسير لا ينقطع بنوم ولا بأكل ولا بغفلة ولا بذكْر؛ إنه مسيرٌ دائم يسير الإنسان فيه نائمًا ويقظانَ، يسير فيه قائمًا وقاعدًا، يسير فيه ماشيًا ومهرولاً، يسير فيه في كل لحظة فأوشِكْ بسيرٍ هذه مراحله أن ينقطع سريعًا، وإن كل لحظة تَمُرُّ بكم فإنها تُبعدكم من الدنيا وتقرّبكم من الآخرة، وإن هذه الأيام والليالي خزائن لأعمالكم محفوظة لكم، شاهدة بما عملتم فيها من خير وشر .
عباد الله، اعتبروا ما بقي فيما مضى، لو سألكم سائل: ما مقدار هذه المدة من شهر ذي الحجة عام أربعة عشر وأربعمائة وألف إلى شهر ذي الحجة عام خمسة عشر وأربعمائة وألف ؟ لو سئلتم لقلتم: مرَّت بنا وكأنها لحظة عين، وهكذا الأيام المقبلة سوف تَمُرّ بكم وكأنها لحظة عين حتى تنتهوا إلى آجالكم .
فطوبى ثم طوبى ثم طوبى لعبد اغتنم هذه الأيام بما يقرّب إلى الله، طوبى لعبد شغلها بالطاعات واجتناب العصيان، طوبى لعبد اتَّعظ بما فيها من تقلّبات الأمور والأحوال، فاستدل بذلك على ما لله العليم الحكيم من الحكَم البالغة والأسرار،+يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ" [النور: 44] .
أيها الإخوة، إن الله - عزَّ وجل - خلقَ المخلوقات كلها؛ لتدل على عظمة الله ويعتبر بها المعتبرون أولو الألباب، فهذه الشمس تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب في مغربها وفي ذلك أعظم اعتبار؛ إن طلوعها ثم غروبها إيذان بأن هذه الدار ليست دار قرار وإنَّما هي طلوع ثم غيوب وإدبار .
ألَمْ تروا - أيها الإخوة - إلى هذا القمر يطلع هلالاً صغيرًا في أول الشهر كما يولد الأطفال ثم ينمو رويدًا رويدًا كما تنمو الأجسام حتى إذا تكامل في النمو أخذ في النقص والاضمحلال، وهكذا أعماركم كلَّما تكاملت في النمو والقوة والشدة أخذها النقص حتى تضمحل، قال الله عزَّ وجل: +اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ" [الروم: 54] .
ألَم تروا - أيها الإخوة - إلى هذه السنين تتجدَّدُ عامًا بعد عام: يجيء أول العام فينظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد ثم تَمُرُّ الأيام به سريعة فإذا هو في آخر العام وهكذا عمر الإنسان يتطلّع إلى آخره تطلّع البعيد فإذا به قد بغَتَهُ الأجل،+وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ" [ق: 19]، ربَّما يؤمِّل طول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأمل قد انصرم، وببناء الأماني قد انهدم .
قد يضطجع الإنسان في فراشه وهو يؤمِّل أن يقوم منه كعادته ولكنَّه يُحمل إلى سرير غسله .
قد يلبس الإنسان ثيابه ويزرُّ إزراره وهو يؤمِّل أنه سيحلُّها عند نومه ولكن لا يحلّها إلا غاسلُه على سرير غسله .
فاتَّقوا الله عباد الله، اتَّقوا الله عباد الله، اتَّقوا الله يا إخواني، اغتنموا الأوقات، لا تَمُرّ بكم ضياعًا سدًا سبهللاً فتخسروا في دينكم ودنياكم .
في هذه الأيام نودّع عامًا ماضيًا شهيدًا، ونستقبل عامًا مُشرقًا جديدًا، فيا ليت شعري ماذا أودعنا في العام الماضي وماذا نستقبل به العام الجديد ! فلْيحاسب العاقلُ نفسه ولْينظر في أمره فإن كان فرّط في شيءٍ من الواجبات فلْيتب إلى الله ولْيستدرك ما فات، وإن كان ظالِمًا لنفسه بفعل المحرمات فلْيقلع عنها قبل حلول الأجل والفوات، وإن كان مِمَّن مَنَّ الله عليه بالاستقامة وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم .
اللهم امنن علينا بالاستقامة، اللهم امنن علينا بالاستقامة، اللهم امنن علينا بالاستقامة على دينك إلى أن نلقاك يا رب العالمين .
مَن كان كذلك فلْيحمد الله عليه ولْيسأله الثبات إلى الممات .
إخواني، إن التوبة ليست مجرد قول الإنسان: إني أتوب إلى الله، ولكن التوبة: ندمٌ على ما فعل من الذنوب، وترك لِمَا كان عليه من المعاصي والعيوب، وإنابة إلى الله بإصلاح العمل ومراقبة علام الغيوب، فحقِّقوا - أيها المسلمون - الإيمان وأَخْلصوا التوبة ما دمتم في زمن الإمكان، كل شيءٍ يمكن الإنسان استدراكه إذا كان في صحة وأمان .
وعظ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - رجلاً فقال: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك» .
أما الشباب: فإن فيه العزيمة والقوة، فإذا هرم الإنسانُ فترت العزيمة وضعفت القوة ولم يستطع التخلّص مِمَّا شبَّ عليه .
أما الصحة: ففيها انشراح ونشاط، فإذا مرض الإنسان ضاقت نفسه وانحط نشاطه وثقلت عليه الأعمال .
أما الغنى: فراحة وفراغ، فإذا افتقر الإنسان قلقَ فكره وانشغل بطلب العيش لنفسه وعياله .
أما الحياة - وما أدراك ما هي - فهي ميدان فسيح للأعمال، فإذا مات الإنسان انقطعت عنه أوقات العمل وفات زمن الإمكان .
«رئي بعضهم في المنام بعد موته فقال: إن أحدنا ليندم على ما مضى، إن تسبيحةً أو تسبيحتين في ميزان أحدنا أحب إليه من الدنيا وما فيها»(1)، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «إن الإنسان يودع في قبره غنيًّا عمّا خلّف فقيرًا إلى ما أسلف»(2) فهو غنيٌّ عمّا خلّف من الدنيا وإن كثر لكنه فقير إلى ما أسلف من العمل وإن قلَّ .
فاعتبروا - أيها المسلمون - بهذه المواعظ وقيسوا ما بقي من أعماركم بما مضى منها؛ فإن ما بقي سوف يمضي سريعًا كما مضى ما سبق سريعًا، واعلموا أن كل آتٍ قريب وكل شيءٍ من الدنيا زائل، +كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا" [النازعات: 46] .
وتذكَّروا أيها الإخوة، تذكَّروا إخوانًا لكم كانوا معكم في مثل هذه الأيام من سالف الأعوام ثم انتقلوا من القصور إلى القبور، ومن الأهل والأموال إلى الجزاء على الأعمال، فأصبحوا مُرتهنين بأعمالهم في قبورهم يتمنَّون زيادة حسنة واحدة في أعمالهم فلا يستطيعون، يتمنَّون أن يتوبوا من سيئات أعمالهم وهم عن التوبة بعد الموت محجوبون .
ولقد رئي بعضهم في المنام كما ذكرنا فقال: «قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وأنتم تعملون ولا تعلمون؛ أي: لا تعلمون ما حلَّ بنا، واللهِ لَتَسبيحةٌ أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا أحبّ من الدنيا وما فيها»(3)، فبادروا - عباد الله - بالتوبة واعرفوا قدر ما أنتم فيه اليوم وما ستقدمون عليه غدًا، قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: «لموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها» خير من الدنيا كلها: ليست الدنيا التي أنت فيها ولكنها الدنيا من أولها إلى آخرها؛ موضع سوط أحدنا في الجنة خير من الدنيا وما فيها، قال الله عزَّ وجل: +انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً" [الإسراء:21]، وقال جلَّ وعلا: +بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَالدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى" [الأعلى: 16-17]، وقال تعالى: +أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ" [الشعراء: 205-207] .
عباد الله، اذكروا ما بيَّنه الله لكم من ابتداء الخلق وانتهائه؛ حيث قال الله تعالى: +إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ" [يونس: 3-6] .
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا الاعتبار بآياتك، والانصراف إلى شكرك وحسن عبادتك، اللهم وفِّقنا لاغتنام الأوقات قبل النّقلة وارزقنا شكر نعمتك وحسن عبادتك يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية

الحمد لله ولي المتَّقين، وناصر عباده المؤمنين، وهو مع الذين اتَّقوا والذين هم محسنون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل والمصير، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:

فيا عباد الله، اخرجوا من المظالم، اخرجوا من مظالم أنفسكم ومظالم عباد الله؛ فإن الإنسان إذا ظلم نفسه فهو أكبر جانٍ عليها، وإن الإنسان إذا ظلم غيره فإنه سوف يؤخذ من حسناته لمظلومه يوم القيامة .
ولقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: «مطلُ الغني ظلم»؛ أي: أن الإنسان إذا كان غنيًّا وعليه حقٌّ لأحد فجعل يماطل به يقول: غدًا أعطيك أو بعد غد حتى يملَّ صاحب الحق فإن ذلك ظلم على المماطل، والظلم ظلمات يوم القيامة .
وما أكثر الذين يأتوننا من العمال يشْكون الذين كفلوهم بأنهم لم يعطوهم أجورهم أو أنهم قدَّروا لهم أجورًا وهم في أوطانهم فلمَّا جاؤوا إلى هذه البلاد قالوا: لن نعطيكم إلا كذا وكذا أقل مِمَّا كانوا متَّفقين عليه، يتَّفق معه على أن الشهر بسبعمائة مثلاً فإذا وصل إلى هنا قال: لن أعطيك إلا خمسمائة وإلا فارْحَل، وهذا واللهِ عينُ الظلم وهذا حرام عليهم، وما علم هؤلاء المساكين الظالمون أنهم يوم القيامة سوف يؤخذ من حسناتهم لهؤلاء الضعفاء، وما علم هؤلاء المساكين الظالمون أن يوم القيامة ليس ببعيد، فالإنسان منهم ربَّما يخرج من بيته ولا يعود إليه وربما يكون على مكتبه فلا يكمّل السطر الذي بدأ بكتابته، فعلى هؤلاء أن يتَّقوا الله تعالى في أنفسهم وأن يتَّقوا الله في هؤلاء الفقراء الضعفاء الذين تركوا بلادهم وتركوا عيالهم وتركوا أزواجهم وتركوا أقاربهم إلى هذه البلاد لإدراك لقمة العيش ثم يأتي هذا الظالم الخائن فلا يفي لهم بما وعدهم به ولا بما اتَّفق عليه معهم، ولقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: قال الله عزَّ وجل: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره»، وكثير من هؤلاء الكفلاء يصدق عليهم الأول والثاني؛ أي: أنهم عاهدوا ثم غدروا وأنهم استوفوا المنفعة من الأجير ولم يعطوه أجره، فهم خُصماء لله يوم القيامة، ولاشك أن مَن كان خصمًا لله يوم القيامة فإنه مخصوم ومغلوب ومفلوج .
فعلى هؤلاء أن يتَّقوا الله - عزَّ وجل - أن يعطوا هؤلاء المساكين أجورهم وافية من غير نقص؛ فإن ذلك أمرٌ واجب عليهم؛ ولِيَعلموا أن كل ساعة بل كل دقيقة بل كل لحظة تَمُرُّ بهم وهم يماطلون في حقوق غيرهم فإنَّما يزدادون بها إثمًا وظلمًا .
فاتَّقوا الله عباد الله، +وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً" [الإسراء: 34] .
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، ومَن شذَّ شذَّ في النار .
وأكْثروا من الصلاة والسلام على نبيِّكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن مَن صلى عليه مرَّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبَّته، اللهم ارزقنا محبَّته واتِّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملَّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أَسْقنا من حوضه، اللهم أَدْخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النَّعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيِّين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اجعلنا من التابعين لهم بإحسان يا رب العالمين .
اللهم أَصْلح أمورنا، اللهم اشرح صدورنا، اللهم اغفر ذنوبنا، اللهم كفِّر عنَّا سيئاتنا، اللهم توفَّنا مع الأبرار .
اللهم أَعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين من الملحدين، والمشركين، والمنافقين، واليهود، والنصارى يا رب العالمين .
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان: الذين يجاهدون بالعلم والبيان ويجاهدون بالمدافع والسِّنان يا رب العالمين .
اللهم انصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، اللهم انصرهم على الصرب الطاغين الظالمين، اللهم انصرهم على الصرب الطاغين الظالمين، اللهم انصرهم على الصرب الطاغين الظالمين يا رب العالمين .
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم الصرب، اللهم اهزم الصرب واخذلهم يا رب العالمين، اللهم اجعلهم عبرة للمعتبرين، اللهم أَنْزل بهم بأسَكَ الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا رب العالمين .
اللهم انصر إخواننا المسلمين في الشيشان، اللهم اهزم الروس، اللهم أَنْزل بهم بأسَكَ الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم إنهم طغوا وبغوا واعتدوا ورأوا أنهم في قوة وهم يقولون بلسان الحال: مَن أشد منَّا قوة، فالله تعالى أشد منهم قوة .
اللهم أَنْزل بهم قوتك يا رب العالمين، اللهم أَنْزل بهم بأسَكَ الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أبدلهم بعد القوة ضعفًا وبعد الانتصار خذلانًا وهزيمة يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام .
اللهم اخذل كل عدو للمسلمين من النصارى واليهود، اللهم إن النصارى واليهود اتَّفقوا على حرب المسلمين بكل ما يستطيعون من قوة، اللهم فكُنْ معنا عليهم يا رب العالمين، اللهم كُن معنا عليهم يا رب العالمين، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا رب العالمين .
اللهم أَصْلح لنا ولاة أمورنا، اللهم أَصْلح لنا ولاة أمورنا، اللهم أَصْلح لنا ولاة أمورنا، اللهم مَن أراد ببلادنا سوءًا وتفريقًا فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وشتِّت شمله واهزمه يا رب العالمين، وحِلْ بينه وبين ما أراد يا أرحم الراحمين؛ إنك على كل شيءٍ قدير .
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم ألِّف بين قلوبنا وأَصْلح ذات بيننا واجعلنا متَّفقين على الحق مريدين له يا أرحم الراحمين .
اللهم أَعِذنا من أهواء نفوسنا وشرورها واجعل هوانا تبعًا لِمَا جاء به نبيّك محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يا رب العالمين .
اللهم اجعلنا من دعاة الحق وأنصاره، اللهم اجعلنا من دعاة الحق وأنصاره يا رب العالمين، +رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] .
عباد الله، +إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"[النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم، +وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" [العنكبوت: 45] .
------------------
(1)انظر إلى هذه المقولة في كتاب: «المنامات» لابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى، الجزء الأول صفحة [59] رقم المقولة [86] .
(2)انظر إلى هذه المقولة في كتاب: «لطائف المعارف» الجزء الأول صفحة [158] .
(3)سبق تخريجه في حديث رقم [1] .
 

رد مع اقتباس
أبو مصعب الزهيري غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )  أعطي أبو مصعب الزهيري مخالفة
أبو مصعب الزهيري
عضو جديد
رقم العضوية : 37
تاريخ التسجيل : Oct 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 09-22-2011 - 09:32 PM ]

رحم الله شيخنا العثيمين رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:46 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML