منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الأدآب الشرعية


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الجمع الحسان في بيان بعض مسائل الإستثناء ( في الايمان و الطلاق و اليمين و الدعاء ) للأحبة و الإخوان

كُتب : [ 08-10-2015 - 09:46 AM ]

الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد :

أحببت الجمع في بيان بعض مسائل الإستثناء لأهميتها و معرفتها و ما يترتب عليها من الأحكام ، فأحببت أن يعلموا الإخوة هذه المسائل ، راجيا من الله القبول و الثواب.

و من هذه المسائل :

١- الإستثناء في الإيمان .
٢- الإستثناء في الطلاق .
٣- الإستثناء في اليمين و النذر .
٤- الإستثناء في الدعاء .
٥- شروط الإستثناء .
٦- أصل مسألة الاستثناء في الإيمان أحدثته المرجئة
٧- الإستثناء يرفع بيمين الله



الاستثناء في اللغة: هو الإخراج بإلا أو بإحدى أخواتها، بعضاً مما يوجبه عموم سابق، تحقيقاً أو تقديراً، والأول هو المتصل، والثاني هو المنقطع، والأول هو المراد هنا دون الثاني لدى الفقهاء، ويضاف إلى الأول الاستثناء الشرعي، وهو التعليق على مشيئة الله تعالى، أخذاً من قوله سبحانه: (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ، وَلا يَسْتَثْنُونَ) (القلم:17-18) . [ مغني المحتاج 3/300.]

🍁الاستثناء في الطلاق

قال ابن القيم : فالتحقيق في المسألة أن المستثني إما أن يقصد بقوله: " إن شاء الله " التحقيق أو التعليق؛ فإن قصد به التحقيق والتأكيد وقع الطلاق، وإن قصد به التعليق وعدم الوقوع في الحال لم تطلق، هذا هو الصواب في المسألة، وهو اختيار شيخنا وغيره من الأصحاب، وقال أبو عبد الله بن حمدان في رعايته: قلت: إن قصد التأكيد والتبرك وقع، وإن قصد التعليق وجهل استحالة العلم بالمشيئة فلا، وهذا قول آخر غير الأقوال الأربعة المحكية في المسألة، وهو أنه إنما ينفعه الاستثناء إذا قصد التعليق، وكان جاهلا باستحالة العلم بمشيئة الله تعالى فلو علم استحالة العلم بمشيئته تعالى لم ينعقد الاستثناء.
والفرق بين علمه بالاستحالة وجهله بها أنه إذا جهل استحالة العلم بالمشيئة فقد علق الطلاق بما هو ممكن ظنه فيصح تعليقه، وإذا لم يجهل استحالة العلم بالمشيئة فقد علقه على محال يعلم استحالته فلا يصح التعليق، وهذا أحد الأقوال في تعليقه بالمحال . [ إعلام الموقعين، ج٤ / ٦٠ ]


قال ابن قدامة في المغني ( ٧ / ٣٥٤ ) : والاستثناء الشرعي -وهو التعليق على مشيئة الله تعالى- مبطل للطلاق، أي لا يقع به الطلاق، لدى الحنفية والشافعية إذا استوفى شروطه، للشك فيما يشاؤه سبحانه، وخالف الحنبلية والمالكية، وقالوا: لا يبطل الطلاق به، أي يقع به الطلاق.


قال الشيخ العثيمين : إذا الصواب أن النية قبل تمام المستثنى منه ليست بشرط، وأنه يجوز أن ينوي ولو بعد أن تم الكلام، سواء تذكر هو بنفسه أو ذكره أحد.
إذن شروط الاستثناء أربعة:
الأول: أن يكون المستثنى والمستثنى منه من متكلم واحد.
الثاني: أن يكون المستثنى من النصف فأقل إذا كان من عدد.
الثالث: أن يكون متصلا بالمستثنى منه.
الرابع: أن ينويه قبل تمام المستثنى منه.
وهذه الشروط التي في الاستثناء ليست خاصة بالطلاق، بل هي شرط في كل الاستثناءات.
ولا يظهر دليل واضح على هذه الشروط، إلا على الشرط الأول فقط، وهو أن يكون من متكلم واحد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اكتفى باستثناء العباس رضي الله عنه، ولو كان الاستثناء يصح من متكلم آخر لسكت الرسول صلى الله عليه وسلم وصح، فما يتبين لي من السنة دليل على أن هذه الشروط صحيحة إلا الشرط الأول فقط، فشرط النية وشرط الاتصال قام الدليل على خلافهما، وشرط أن يكون من النصف فأقل تعليله ضعيف.
فالذي يتبين لي أن الشرط الأول فقط هو المعتمد. { الشرح الممتع، ١٣ / ١١١ }

🍁الإستثناء في اليمين و النذر


فلقد روى الحاكم (4/303) عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين ثم قال إن شاء الله فإن له ثُنْياهُ )
و قال : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي
و قال الألباني : على شرط البخاري ، و رواه كذلك ابن حبان في الثقات .
انظر الإرواء (8/199)

قال الشوكاني في النيل ( ج ٨ / ٢٥٣ ) قوله : ( لم يحنث ) فيه دليل على أن التقييد بمشيئة الله مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها . وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وادعى عليه ابن العربي الإجماع .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : " وقوله: «يمين مكفرة» أي: تدخلها الكفارة، مثل اليمين بالله، والنذر، والظهار، فهذه ثلاثة أشياء كلها فيها كفارة، وخرج بذلك الطلاق والعتق فلا كفارة فيهما.
فإن قال في اليمين المكفرة: ( إن شاء الله ) لم يحنث، أي: ليس عليه كفارة، وإن خالف ما حلف عليه.
مثال في اليمين بالله: قال: والله لا ألبس هذا الثوب إن شاء الله، ثم لبسه فليس عليه شيء؛ لأنه قال: إن شاء الله، ولو قال: والله لألبسن هذا الثوب اليوم إن شاء الله، فغابت الشمس ولم يلبسه، فليس عليه شيء.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه» ...
مثال النذر: لو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي نذر إن شاء الله، فلا شيء عليه لو ترك، وكذلك لو قال: لله علي نذر أن لا أكلم فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه فلا شيء عليه " انتهى من الشرح الممتع (15/ 139).
وقال رحمه الله : " لو علق النذر بالمشيئة فقال: لله علي نذر أن أفعل كذا إن شاء الله.
ففي النذر الذي حكمه حكم اليمين : ليس عليه حنث .
وإذا كان فعل طاعة ، نظرنا إذا كان قصده التعليق فلا شيء عليه ، وإذا كان قصده التحقيق أو التبرك وجب عليه أن يفعل ، حسب نيته " انتهى من الشرح الممتع (15/ 221).

قاعدة الاستثناء " فإذا كانوا قد أدخلوا الحلف بهذه الأشياء في قوله: {من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه} فكذلك يدخل في قوله {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه} فإن كلا اللفظين سواء وهذا واضح لمن تأمله؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم {من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه} العموم فيه مثله في قوله: {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي خير وليكفر عن يمينه} وإذا كان لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الاستثناء هو لفظه في حكم الكفارة وجب أن يكون كل ما ينفع فيه الاستثناء ينفع فيه التكفير وكل ما ينفع فيه التكفير ينفع فيه الاستثناء كما نص عليه أحمد في غير موضع. ومن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بقوله: {من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه} جميع الأيمان التي يحلف بها من اليمين بالله وبالنذر وبالطلاق وبالعتاق وبقوله: {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها} إنما قصد به اليمين بالله أو اليمين بالله والنذر. فقوله ضعيف فإن حضور موجب أحد اللفظين بقلب النبي صلى الله عليه وسلم مثل حضور موجب اللفظ الآخر إذ كلاهما لفظ واحد؛ والحكم فيهما من جنس واحد وهو رفع اليمين. إما بالاستثناء وإما بالتكفير.
[ مجموع الفتاوى لابن تيمية، ج ٣٥ / ٢٨٣ ]

قال ابن القيم في الزاد ( ج ١ / ٤٧ ): وقد أجمع المسلمون على أن الحالف إذا استثنى في يمينه متصلا بها فقال لأفعلن كذا أو لا أفعله إن شاء الله إنه لا يحنث إذا خالف ما حلف عليه لأن من أصل أهل الإسلام أنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله فإذا علق الحالف الفعل أو الترك بالمشيئة لم يحنث عند عدم المشيئة ولا تجب عليه الكفارة.


🌱سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

هل يجوز الاستثناء في الحلف بغير إن شاء الله،مثلاً:بإذن الله؟

فأجاب
نعم يجوز،بإذن الله مثل بمشيئة الله
(لقاءالباب المفتوح119)

🌱قال القرطبي في تفسيره ( ج ٦/ ٢٧٢ ) : إذا انعقدت اليمين حلتها الكفارة أو الاستثناء.
--------------

🍁شرط الاستثناء

🌱وقال ابن العربي: وهو مذهب فقهاء الأمصار وهو الصحيح، وشرطه أن يكون متصلا منطوقا. [ تفسير القرطبي، ج٦ / ٢٧٣ ] .

🌱قال الحافظ ابن حجر في الفتح : أن الاستثناء لا يكون إلا باللفظ ولا يكفي فيه النية [ ج ٨ / ٤٠ ]

الاستثناء إذا عقب اليمين ولو تخلل بينهما شيء يسير لا يضر { ج ٨ / ٣٩ }

🌱قال الشنقيطي في الأضواء ( ج ١ / ٤٢٣ ) :
الثالث: الاستثناء بنحو إن شاء الله، والتحقيق أنه حل لليمين لا بدل من الكفارة، كما زعمه ابن الماجشون، ويشترط فيه قصد التلفظ به، والاتصال باليمين، فلا يقبل الفصل بغير ضروري كالسعال، والعطاس، وما ذهب إليه ابن عباس وغيره من جواز تراخي الاستثناء.
فالتحقيق فيه أن المراد به أن العبد يلزمه إذا قال: «لأفعلن كذا» ، أن يقول: إن شاء الله، كما صرح به تعالى في قوله: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [١٨ \ ٢٣، ٢٤] ، فإن نسي الاستثناء بـ «إن شاء» ، وتذكره ولو بعد فصل، فإنه يقول: إن شاء الله ; ليخرج بذلك من عهدة عدم تفويض الأمور إلى الله وتعليقها بمشيئته، لا من حيث إنه يحل اليمين التي مضت وانعقدت.

🍁الاستثناء يرفع بيمين الله


🌱قال القرطبي في تفسيره ( ج ٦ / ٢٧٥ ) :
الاستثناء إنما يرفع اليمين بالله تعالى إذ هي رخصة من الله تعالى، ولا خلاف في هذا. واختلفوا في الاستثناء في اليمين بغير الله، فقال الشافعي وأبو حنيفة: الاستثناء يقع في كل يمين كالطلاق والعتاق وغير ذلك كاليمين بالله تعالى- قال أبو عمر: ما أجمعوا عليه فهو الحق، وإنما ورد التوقيف بالاستثناء في اليمين بالله عز وجل لا في غير ذلك.

🌱قال الشنقيطي في الأضواء ( ج ١ / ٤٢٣ ) : اعلم أن اليمين لا تنعقد إلا بأسماء الله وصفاته، فلا يجوز القسم بمخلوق لقوله - صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت» ، ولا تنعقد يمين بمخلوق كائنا من كان، كما أنها لا تجوز بإجماع من يعتد به من أهل العلم، وبالنص الصحيح الصريح في منع الحلف بغير الله، فقول بعض أهل العلم بانعقاد اليمين به - صلى الله عليه وسلم - لتوقف إسلام المرء على الإيمان به ظاهر البطلان، والله تعالى أعلم.
------------------

🍁الإستثناء في الإيمان

الإستثناء في الأيمان و هو أن تقول أنا مؤمن إن شاء الله و هو عَلى ثلاثة أقسام :
القول الأول - حرام الاستثناء و هو قول المرجئة و الجهمية .


ومأخذ هذا القول‏:‏ أن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه وهو التصديق الذي في القلب، فإذا استثنى فيه كان دليلًا على شكه، ولذلك كانوا يسمون الذين يستثنون في الإيمان ‏"‏شكاكًا ‏"‏‏.‏

والثاني‏:‏ وجوب الاستثناء، وهذا القول له مأخذان‏:‏

1‏.‏ أن الإيمان هو ما مات الإنسان عليه فالإنسان إنما يكون مؤمنًا وكافرًا بحسب الموافاة، وهذا شيء مستقبل غير معلوم‏.‏ فلا يجوز الجزم به، وهذا مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم، لكن هذا المأخذ لم يعلم أن أحدًا من السلف علل به وإنما كانوا يعللون بالمأخذ الثاني وهو‏:‏

2‏.‏ أن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات، وهذا لا يجزم به الإنسان من نفسه، ولو جزم لكان قد زكى نفسه وشهد لها بأنه من المتقين الأبرار، وكان ينبغي على هذا أن يشهد لنفسه بأنه من أهل الجنة وهذه لوازم ممتنعة‏.‏ [ مجموع الفتاوى العثيمين ، ]

٣- بجواز الأمرين باعتبارين. وهو قول أهل السنة والجماعة وسلف الأمة.


🌱قال ابن أبي يعلى في الاعتقاد ( ٢٤ ) :
ويستثنى في الإيمان، ولا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية عند العلماء. فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ فإنه يقول: أنا مؤمن إن شاء الله أو مؤمن (أرجو) ، ويقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله.

🌱قال أبو عبيد: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور, عن إبراهيم قال:
"قال رجل لعلقمة أمؤمن أنت؟ فقال: أرجو إن شاء الله".
قال أبو عبيد: ولهذا كان يأخذ سفيان ومن وافقه الاستثناء فيه, وإنما كراهتهم عندنا أن يبتوا الشهادة بالإيمان مخافة ما أعلمتكم في الباب الأول من التزكية والاستكمال عند الله، وأما على أحكام الدنيا فإنهم يسمون أهل الملة جميعا مؤمنين؛ لأن ولايتهم, وذبائحهم, وشهاداتهم, ومناكحتهم, وجميع سنتهم: إنما هي على الإيمان، ولهذا كان الأوزاعي يرى الاستثناء وتركه جميعا واسعين. [ الإيمان للقاسم بن سلام، ص ٣٨ ]

🌱وعن الميموني أنه سأل أبا عبد الله عن قوله ورأيه في: مؤمن إن شاء الله. قال: أقول: مؤمن إن شاء الله، ومؤمن أرجو، لأنه لا يدري، كيف البراءة للأعمال على ما افترض عليه أم لا. ومثل هذا كثير في كلام أحمد وأمثاله، وهذا مطابق لما تقدم من أن المؤمن المطلق هو القائم بالواجبات، المستحق للجنة إذا مات على ذلك، وأن المفرط بترك المأمور أو فعل المحظور لا يطلق عليه أنه مؤمن، وأن المؤمن المطلق هو البر التقي ولي الله، فإذا قال: أنا مؤمن قطعا، كان كقوله: أنا بر، تقي، ولي الله قطعا. ........

🌱 قال ابن تيمية : ولهذا كان الصحيح أن يجوز أن يقال: أنا مؤمن بلا استثناء إذا أراد ذلك، لكن ينبغي أن يقرن كلامه بما يبين أنه لم يرد الإيمان المطلق الكامل؛ ولهذا كان أحمد يكره أن يجيب على المطلق بلا استثناء يقدمه. ( الإيمان لابن تيمية ، ص ٣٥٠ ) .

🌱و قال أيضا : فعلم أن أحمد وغيره من السلف، كانوا يجزمون ولا يشكون في وجود ما في القلب، من الإيمان في هذه الحال، ويجعلون الاستثناء عائدا إلى الإيمان المطلق المتضمن فعل المأمور، ويحتجون أيضا بجواز الاستثناء فيما لا يشك فيه، وهذا [مأخذ ثان] وإن كنا لا نشك فيما في قلوبنا من الإيمان، فالاستثناء فيما يعلم وجوده قد جاءت به السنة، لما فيه من الحكمة.

🌱وعن محمد بن الحسن بن هارون قال: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء في الإيمان فقال: نعم، الاستثناء على غير معنى شك، مخافة واحتياطا للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره، وهو مذهب الثوري، قال الله تعالى: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله} [الفتح: ٢٧] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله ". وقال في الميت: " وعليه تبعث إن شاء الله " فقد بين أحمد أنه يستثنى مخافة واحتياطا للعمل، فإنه يخاف ألا يكون قد كمل المأمور به، فيحتاط بالاستثناء، وقال على غير معنى شك، يعني من غير شك مما يعلمه الإنسان من نفسه، وإلا فهو يشك في تكميل العمل الذي خاف ألا يكون كمله، فيخاف من نقصه، ولا يشك في أصله.
[ الإيمان لابن تيمية ، ص ٣٥١ ] .


🌱 قال العثيمين في شرح السفارينية (ج ١ / ٤١٢ - ٤١٣ ) :

والاستثناء في الإيمان أن يعلق بالمشيئة، أي مشيئة الله، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، فنحن نستثني في الإيمان ونرى أنه جائز، لكن على تفصيل في ذلك كما سنذكره إن شاء الله.
وذهب بعض العلماء إلى أن الاستثناء في الإيمان حرام؛ لأنه ينبئ عن شك، فإذا قلت: أنا مؤمن إن شاء الله، كأنك شاك في الموضوع، فيكون الاستثناء حراما؛ لأنك شككت هل أنت مؤمن أو غير مؤمن.
وقال بعض العلماء: بل الاستثناء واجب؛ لأنك إذا قلت: أنا مؤمن، ولم تقل: إن شاء الله، فإنك تكون قد زكيت نفسك، وشهدت لها بأنك قمت بكل الواجبات، وتزكية النفس حرام، وعلى هذا فيجب أن تقول: أنا مؤمن إن شاء الله. لئلا تزكي نفسك، قالوا: ولأنك لا تدري فلعلك الآن مؤمن ثم تكفر، والإيمان النافع هو الذي يوافي به الإنسان ربه ويكون في آخر الحياة.
هذان قولان؛ الأول تحريم الاستثناء، والثاني وجوب الاستثناء، والصحيح أن الاستثناء ينقسم إلى واجب ومحرم وجائز: فالواجب: إذا كان الحامل على الاستثناء الخوف من التزكية فالاستثناء واجب؛ لأنه إذا جزم بأنه مؤمن فقد شهد لنفسه بأنه مؤمن والمؤمن له الجنة، فيكون قد شهد لنفسه بأن له الجنة، ولا يجوز للإنسان أن يشهد لأحد بأن له الجنة إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان يخشى من التزكية فالاستثناء واجب.
والمحرم: إذا كان الحامل على الاستثناء التردد وعدم الجزم، فالاستثناء حرام، بل مناف للإيمان.
والجائز: إذا كان الاستثناء للتعليل؛ بمعنى أنا مؤمن بمشيئة الله. فهذا جائز؛ لأن هذه هي الحقيقة، والدليل على ذلك قوله تعالى: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) (الفتح: الآية٢٧)) فالتعليق هنا ليس للتردد لأن الله غير متردد، وإنما هو لبيان العلة، وهي أن دخولكم بمشيئة الله.

🍁تنبيه : من أحدث أصل مسألة الإستثناء في الإيمان هم المرجئة .

قال ابن تيمية في المجموع ( ٧ / ٤٤٨ ) : وقد كان أحمد وغيره من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل لغيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب؛ لأن هذه بدعة أحدثها المرجئة ليحتجوا بها لقولهم؛ فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر؛ بل يجد قلبه مصدقا بما جاء به الرسول فيقول: أنا مؤمن فيثبت أن الإيمان هو التصديق لأنك تجزم بأنك مؤمن ولا تجزم؛ بأنك فعلت كل ما أمرت به؛ فلما علم السلف
مقصدهم صاروا يكرهون الجواب أو يفصلون في الجواب؛ وهذا لأن لفظ " الإيمان " فيه إطلاق وتقييد فكانوا يجيبون بالإيمان المقيد الذي لا يستلزم أنه شاهد فيه لنفسه بالكمال ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يقال: أنا مؤمن بلا استثناء إذا أراد ذلك لكن ينبغي أن يقرن كلامه بما يبين أنه لم يرد الإيمان المطلق الكامل ولهذا كان أحمد يكره أن يجيب على المطلق بلا استثناء يقدمه.
-----------------

🍁الاستثناء في الدعاء

١- عَنْ ‏‏أَنَسٍ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏‏قَالَ ‏: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏" ‏إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلَا يَقُولَنَّ : اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي ، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ " . رواه البخاري (6338) ، ومسلم (2678) .

٢- ‏عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "‏ ‏لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ‏، ‏لِيَعْزِمْ ‏ ‏فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ . رواه البخاري (6339) ، ومسلم (2679) .
٣- وفي لفظ لمسلم :
‏عَنْ ‏‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏: ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ :‏ ‏إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، وَلَكِنْ ‏ ‏لِيَعْزِمْ ‏‏الْمَسْأَلَةَ ‏‏، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا ‏ ‏يَتَعَاظَمُهُ ‏ ‏شَيْءٌ أَعْطَاهُ .

قال صاحب تحفة الأحوذي :
‏قَوْلُهُ : ( لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ) ‏ ‏الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الدُّعَاءُ قَالَ الْعُلَمَاءُ : عَزْمُ الْمَسْأَلَةِ الشِّدَّةُ فِي طَلَبِهَا وَالْحَزْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ فِي الطَّلَبِ وَلَا تَعْلِيقٍ عَلَى مَشِيئَةٍ وَنَحْوِهَا : وَقِيلَ هُوَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِجَابَةِ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ اِسْتِحْبَابُ الْجَزْمِ فِي الطَّلَبِ وَكَرَاهَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الْمَشِيئَةِ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ كَرَاهَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اِسْتِعْمَالُ الْمَشِيئَةِ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْإِكْرَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ‏لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ .
وَقِيلَ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ فِي هَذَا اللَّفْظِ صُورَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْمَطْلُوبِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ .ا.هـ.
---------------------
سئل ابن باز رحمه الله :
س: ما حكم القول: " في الجنة نلتقي إن شاء الله " جزاكم الله خيرا؟
ج: هذا القول طيب ولا بأس به. نسأل الله أن يجمعنا بإخواننا في الجنة، وأن نلتقي فيالجنة، لكن لا يقول: إن شاء الله، فلا يستثني، بل يقول: نسأل الله أن نلتقي في الجنة بفضله، الله يجمعنا في الجنة، فلا يقول: إن شاء الله، ولا يستثني في الدعاء. [ مجموع فتاوى ابن باز، ج ٢٦ / ١٣٢ ].
------------------------
سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

السؤال: ما حكم قول الإنسان في دعائه: "إن شاء الله"؟
الإجابة: لا ينبغي للإنسان إذا دعا الله سبحانه وتعالى أن يقول: "إن شاء الله" في دعائه، بل يعزم المسألة ويعظم الرغبة، فإن الله سبحانه وتعالى لا مكره له، وقد قال سبحانه وتعالى: {ادعوني أستجب لكم}، فوعد بالاستجابة، وحينئذ لا حاجة إلى أن يقال: "إن شاء الله" لأن الله سبحانه وتعالى إذا وفق العبد للدعاء فإنه يجيبه إما بمسألته، أو بأن يرد عنه شراً، أو يدخرها له يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، فليعزم المسألة، وليعظم الرغبة فإن الله تعالى لا مكره له".

فإن قال قائل: ألم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: للمريض: "لا بأس طهور إن شاء الله"؟

فنقول: بلى ولكن هذا يظهر أنه ليس من باب الدعاء، وإنما هو من باب الخبر والرجاء وليس دعاءً، فإن الدعاء من آدابه أن يجزم به المرء، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب العبادة.

و جمع : أخوكم نورس الهاشمي
سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:33 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML