الحمد لله وحده،
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،
أما بعد:
فإن شحذ الهمم لنيل المعالي مما تهفو النفوس السليمة إليه..
فإذا علمت أيّها الشاب السلفي بأن منهج الكتاب والسنة على فهم سلفنا الصالح هو المنهج الحق الذي لا ريب فيه ..
وهو المنهج الذي يجب عليك أن تنتسب إليه وتسلكه وتسير عليه..
وأن ترابط للأخذ بأصوله وقواعده وضوابطه،
وتربية النفس عليه، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه ..
فاعلم ـ رحمني الله وإياك ـ أن الثبات على طريق العلم والاستمرار عليه وعدم الانصراف عنه..
بالإضافة إلى معرفة مفاتيحه، وما يعينك على الاستزادة منه..
مثل حسن القصد، والصبر، والتدرج، وسياسة النفس، والأخذ عن أهل السنة وغير ذلك ..
ومعرفة معوقاته وأقفاله وما يقطعك عنه ..
مثل: الرياء، والسمعة، الحسد والعُجب والكبر، ومؤانسة أهل البدع والأخذ عنهم ..
ينبغي أن تعلم بشيء من الانتباه والتركيز أن:
(ضغوط الحياة العصرية)،
و(المقارنات العاطفية)،
و(تشوُّش الرؤية والتّصوُّر)،
كلها أمراض إن لم تتفطن لها وتتفقد نفسك إن أصبت بها مرة بعد مرة..
فإنها تتسرب إليك وتعمل فيك عمل السَم في الجسد ..
فكُن على حذر ..
وغالب هذه الأمراض تزحف إليك من:
تتبعك للأحداث وانشغالك بها أو ببعضها ..
تلك التي تقع حولك على اختلاف اتجاهها وعلاقتها بحياتك اليومية ..
فتتبعك لها وانشغالك بها وأنت تعلم أنك فاقد لآلة قراءتها وفهمها وتحليلها وتفسيرها وردها إلى الكتاب والسنة..
أو بوقوعك في (مقارنات) سواء وجدانية أوعقلانية أو معًا ..
وهي غير مُستندة إلى ضوابط العلم الصحيح،
ومستمدّة من الكتاب والسنة وفهم وتطبيق سلفنا الصالح لها ..
مقارنات (تنفلق) من عواطفك أو (تنبعث) من عقلانيتك تريد من خلالها تفسير ما أنت عليه وما يجري حولك ..
مقارنات تدفعك لكي تتقلب طوعًا أو كرهاحسب تقلبها هي..
وتتقاذفك تموُجَاتها وانعطافاتها وأنت (مستسلم) لها..
فيصبح حالك حال الربان الذي فقد السيطرة على سفينته وسط تلاطم الأمواج العاتية ..
وأما (تشوُّش رؤيتك وتصوّرك) فلتثاقلك عند حدوث تلك (الضغوط) و(المقارنات) ..
عن مراجعة أهل الرسوخ من علماء التوحيد والسنة أهل الحديث أتباع السلف الصالح..
وتقاعسك عن سؤالهم واستشارتهم ومراجعتهم ..
فلا يطول بك السير وأنت على ذلك الحال حتى (تتضبب) أمامك الرؤية ويفسد تصورك ..
و(تتلبّد) حوليك الأجواء ..
فحينها تجد نفسك مقهورًا ومسترسلا (لاختيار) ما يناسب إملاءات تلك (الضغوط) و(المقارنات)..
ولن تجد نفسك صعوبة في ترك (العزم) و(الهمّة) ومسايرة تيار تلك الضغوط والمقارنات الجارف..
فاحذر أيّها الشاب السلفي في سيرك من تلك الأمراض ..
واستحضر عظم (أثر) الدعاء في تقوية العزائم، وحصول السلامة ..
واعتبر بمن سبقك ..
ممن أهلكتهم تلك الأمراض..
وهذا ما جال في البال .. في مثل هذه الأحوال
والله أعلم، وصلّى الله على نبينا محمد وسلَّم.
كتب
أبوعبدالرحمن عبداللطيف بن محمّد
ـ عفا الله عنه ـ
29 شوال 1436هـ
سحاب السلفية