بسم الله الرحمن الرحيم
أسئلة في المناهي اللفضية أجابة عنها فضيلة الشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين ( غفر الله له ولوالدية وللمسلمين).
سئل فضيلة الشيخ : عما يقول بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب ؟
فأجاب بقوله : إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم – من جهة سلامة العقيدة – أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهوما وسليما .
أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان أطلق لسانك في قول كل شئ ما دامت النية صحيحة بل نقول الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية .
2. سئل فضيلة الشيخ : عن هذه الأسماء وهي : أبرار – ملاك – إيمان – جبريل – جنى ؟
فأجاب بقوله : لا يتسمى بأسماء أبرار ، وملاك ، وإيمان ، وجبريل أما جنى فلا أدري معناها .
3. سئل فضيلة الشيخ: عن صحة هذه العبارة
أجعل بينك وبين الله صلة ، وأجعل بينك وبين الرسول صلة)؟
فأجاب قائلاً : الذي يقول أجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له وأجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ، صلة أي باتباعه فهذا حق . أما إذا أراد بقوله أجعل بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة .
4. سئل فضيلة الشيخ عن هذا القول (أحبائي في رسول الله ؟
فأجاب فضيلته قائلا: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحا ، يعني : أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة ، فإن الحديث ( من أحب في الله ، وأبغض في الله ) ، فالذي ينبغي أن يقول : أحبائي في الله – عز وجل – ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقول السلف ، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا وعن أهل الخير هو أن يقول : أحبك في الله .
5. سئل فضيلة الشيخ إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها (إلى والدي العزيز ) أو (إلى أخي الكريم) فهل في هذا شئ ؟
فأجاب بقوله : هذا ليس فيه شئ بل هو من الجائز قال الله تعالى : )لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ( (1) وقال – تعالى - : )ولها عرش عظيم ( (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم، (إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف). فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله – تعالى – ولغيره ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شئ من اتصاف المخلوق بها ، فإن صفات الخالق تليق به وصفات المخلوق تليق به .
وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه (العزيز) يعني أنك عزيز علي غالٍ عندي وما أشبه ذلك ولا يقصد بها أبدا الصفة التي تكون لله وهي العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز على وغال عندي وما أشبه ذلك .
6. وسئل : عن عبارة (أدام الله أيامك) ؟
فأجاب بقوله : قول (أدام الله أيامك ) من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال مناف لقوله تعالى : )كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( (3) وقوله تعالى ) وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ( (4).
7. وسئل ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ جلاله وصاحب الجلالة ، وصاحب السمو ؟ وأرجو وآمل ؟
فأجاب بقوله : لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك ، ولم يخشى منه الترفع والإعجاب بالنفس ، وكذلك أرجو وآمل .
8. سئل فضيلة الشيخ عن هذه الألفاظ (أرجوك ) ، (تحياتي) ، و(أنعم صباحا) ، و(أنعم مساءً) ؟
فأجاب بقوله : لا بأس أن تقول لفلان (أرجوك ) في شئ يستطيع أن يحقق رجائك به .
وكذلك (تحياتي لك ) . و(لك منى التحية ) . وما أشبه ذلك لقوله تعالى ) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ( (5) وكذلك (أنعم صباحا) و(أنعم مساء)لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلا عن السلام الشرعي.
9. وسئل فضيلة الشيخ : عمن يسأل بوجه الله فيقول أسألك بوجه الله كذا وكذا فما الحكم في هذا لقول ؟
فأجاب قائلا : وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئاً من الدنيا ويجعل سؤاله بوجه الله – عز وجل – كالوسيلة التي يتوصل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك ، فلا يقدمن أحد على مثل هذا السؤال ، أي لا يقل وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك .
10. وسئل فضيلة الشيخ حفظه الله : ما رأيكم فيمن يقول ( آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب بقوله : أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ، معتصما به .
وأما قوله (واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله – تعالى - : )وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( (6).
فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها وأنت (يا أخي ) إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك . والله الموفق .
11. سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( طال عمرك ) ؟
فأجاب قائلا : لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء ، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً ، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا فلو قال أطال بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك .
12. سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول عزوة بدر : ( التقى إله وشيطان) . فقد قال بعض العلماء أن هذه العبارة كفر صريح، لأن ظاهر العبارات إثبات الحركة لله – عز وجل- نرجو من سيادتكم توضيح ذلك ؟
فأجاب بقوله : لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي ، وإن كان قائلها قد أراد التجوز فإن التجوز إنما يسوغ إذ لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به . والمعني الذي لا يليق هنا هو أن يجعل الشيطان قبيلاً لله – تعالى -، وندا له ، وقرناً يواجهه ، كما يواجه المرء قرنه ، وهذا حرام ، ولا يجوز .
ولو أراد الناطق به تنقص الله –تعالى – وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرا ، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول
له : هذا التعبير حرام ، ثم إن تعبيره به ظاناً أنه جائز بالتأويل الذي قصده فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك .
وأما قول بعض العلماء الذي نقلت : (إن هذه العبارة كفر صريح ) ، فليس بجيد على إطلاقه ، وقد علمت التفصيل فيه .
وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله – عز وجل- ، فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله ، وإن إثباتها كفر ، وفيه نظر ظاهر ، فقد أثبت الله – تعالى – لنفسه في كتابه أنه يفعل ، وأنه يجئ يوم القيامة ، وأنه استوى على العرش ، أي علا عليه علوا يليق بجلاله ، وأثبت نبيه صلى الله عليه وسلم ، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليله حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه ، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله . وهذه النصوص في إثبات الفعل ، والمجيء ، والاستواء ، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها ، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى
الرحمن على العرش استوى((7). كيف استوى ؟ فقال : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله – لم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه النصوص ، وليس لنا أيضاً أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها ، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص ، وذلك أن صفات الله – تعالى- توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء له الكتاب والسنة، لامتناع القياس في حقه – تعالى -،فانه لا مثل له ولاند ،وليس في الكتاب والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه ، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على الله بلا علم. وقد قال الله ـ تعالى _
قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق أن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطان وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ( (8) وقال تعالى _
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا( (9).فإن كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله _تعالى _أو نفيها عنه ، فكيف نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهره _حسب زعم هذا العالم –التحرك لله –تعالى-؟! و تكفير المسلم ليس بالأمر الهين ، فإن من دعا رجلاً بالكفر فقد باء بها أحدهما ، فإن كان المدعو كافرا باء بها ، وإلا باء بها الداعي .
وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله – في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة ، وبين أقوال الناس فيها ، وما هو الحق من ذلك ، وأن من الناس من جزم بإثباتها ، ومنهم من توقف ، ومنهم جزم بنفيها .
والصواب في ذلك : أنما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله – تعالى - ، ولوازمه فهو حق ثابت يجب الإيمان به ، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق ، فعليك بهذا الأصل فإنه يفيدك ، وأعرض عن ما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه ، سواء عن نية صالحة أو سيئة .
13. وسئل فضيلته:يستعمل بعض الناس عند أداء التحية عبارات عديدة منها
مساك الله بالخير). و(الله بالخير) . و(صبحك الله بالخير ). بدلا من لفظ التحية الواردة ، وهل يجوز البدء بالسلام بلفظ
عليك السلام) ؟ .
فأجاب قائلا : السلام الوارد هو أن يقول الإنسان : ( السلام عليك ) ، أو ( سلام عليك) ، ثم يقول بعد ذلك ما شاء الله من أنواع التحيات ، وأما ( مساك الله بالخير ) . و ( صبحك الله بالخير ) ، أو ( الله بالخير ) . وما أشبه ذلك فهذه تقال بعد السلام المشروع وأما تبديل السلام المشروع بهذا فهو خطأ .
أما البدء بالسلام بلفظ ( عليك السلام ) فهو خلاف المشروع ، لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة .
14. وسئل: عن هذه الكلمة (الله غير مادي) ؟ .
فأجاب: القول بأن الله غير مادي قول منكر ، لأن الخوض في مثل هذا بدعة منكرة ، فالله – تعالى – ليس كمثله شئ ، فهو الأول الخالق لكل شئ وهذا شبيه بسؤال المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم ، هل الله من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا ؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله : )قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (. فكف عن هذا ما لك ولهذا السؤال .
15. سئل فضيلته : عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم ( الله ما يضرب بعصا ) ؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله – عز وجل- ، ولكن له أن يقول : إن الله – سبحان وتعالى - ، حكم لا يظلم أحد ، وأنه ينتقم من الظالم ، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية ، أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى إنها جائزة .
16. سئل فضيلة الشيخ : كثيرا ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة (الله ) ، وبجانبها لفظ محمد صلى الله عليه وسلم أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب،أو على بعض المصاحف فهل موضعها هذا صحيح ؟.
فأجاب قائلا : موقعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ، نداً لله مساوياً له ، ولو أن أحدا رأي هذه الكتابة وهو لا يدري المسمى بهما لأيقن يقيناً أنهما متساويان متماثلان ، فيجب إزالة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى النظر في كتابة : (الله) وحدها فإنها كلمة يقولها الصوفية ، و يجعلونها بدلا عن الذكر ، يقولون ( الله الله الله ) ، وعلى هذا فلتفى أيضا ، فلا يكتب ( الله ) ، ولا (محمد ) على الجدران ، ولا على الرقاع ولا في غيره .
17. سئل فضيلة الشيخ : كيف نجمع بين قول الصحابة ( الله ورسوله أعلم ) بالعطف بالواو وإقرارهم على ذلك وإنكاره صلى الله عليه وسلم ، على من قال ( ما شاء وشئت ) ؟ .
فأجاب بقوله : قوله (الله ورسوله أعلم ) جائز . وذلك لأن علم الرسول من علم الله ، فالله – تعالى – هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو وكذلك في المسائل الشرعية يقال : ( الله ورسوله أعلم ) لأنه ، صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله ، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله – تعالى - : )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم ((10). وليس هذا كقوله ( ما شاء الله وشئت ) لأن هذا في باب القدرة والمشيئة ، ولا يمكن أن يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مشاركا لله فيها .
ففي الأمور الشرعية يقال ( الله ورسوله أعلم ) وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك .
ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال )وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله( (11). لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى العمل بعد موته .
18. سئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة (أعطني الله لا يهينك ) ؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : هذه العبارة صحيحة ، والله سبحانه و تعالى – قد يهين العبد ويذله ، وقد قال الله – تعالى- في عذاب الكفار : إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض ، فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق . وقال : ) ومن يهن الله فما له من مكرم((12). والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهوان لك فيقول : (الله لا يهينك ) .
19. وسئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة (الله يسأل عن حالك ) ؟ .
فأجاب بقوله : هذه العبارة : (الله يسأل عن حالك) ، لا تجوز لأنها توهم أن الله – تعالى – يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل ، وهذا من المعلوم أنه أمر عظيم ، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شئ ، ويحتاج إلى سؤال ،لكن هذه العبارات قد تفيد هذا المعنى ، أو توهم هذا المعنى ، فالواجب العدول عنها ، واستبدالها بأن تقول : ( أسأل الله أن يحتفي بك ) ، و( أن يلطف بك ) ، وما أشبهها .
20. وسئل : هل يجوز على الإنسان أن يقسم على الله ؟ .
فأجاب بقوله : الأقسام على الله أن يقول الإنسان والله لا يكون كذا و وكذا ، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان :
أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله – عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم : "رُب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" ودليل آخر واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سنّا لجارية من الأنصار فطالب أهلها بالقصاص
فطلب إليهم العفو فأبوا ، فعرضوا الأرش فأبوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقال أنس بن النضر أتكسر ثنيّة الربيع ؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) وهو – رضي الله عنه – لم يقسم اعتراضاً على الحكم وإباء لتنفيذه فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها فعفو عفواً مطلقاً ، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) فهذا النوع من الأقسام لا بأس به .
النوع الثاني : من الإقسام على الله : ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا ، فهذا والعياذ بالله محرم ، وقد يكون محبطاً للعمل ، ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاص لله ، وكلما مر به نهاه فلم ينته ، فقال ذات يوم والله لا يغفر الله لفلان – نسأل الله العافية – فهذا تحجر رحمه الله ؛ لأنه مغرور بنفسه فقال الله – عز وجل – " من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك " قال أبو هريرة : ( تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) . ومن هذا نأخذ أن من أضر ما يكون على الإنسان اللسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه-
ألا أخبرك بملاك ذلك كله ) قلت:بلى يا رسول الله ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه فقال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟.
فقال : " ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط .
منقول يتبع........