الفهم الصحيح لحديث :
"أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب." ❍
● سئل العلامة الشيخ ربيع حفظه الله:
● السائل: أيها الشيخ حفظك الله, أريد أن أفهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: وأيضاً قوله عليه والصلاة والسلام: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب."
● الجواب: "يعني رسول الله عليه الصلاة والسلام قال هذا, كلامه -والله- على رؤوسنا وأعيننا, وسمعنا وأطعنا لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام, ولنا في أقواله وأفعاله وتشريعاته وموافقه خير أسوة {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب:21), لكن رسول الله -الذي قال هذا- مات واليهود والنصارى في جزيرة العرب وهو معذور عليه الصلاة والسلام, وبابنائنا وأمهاتنا هو عليه الصلاة والسلام مات ودرعه مرهونة عند يهودي, ومات واليهود في خيبر والنصارى في نجران واليمن, وما استطاع إخراجهم, كان في حاجة, في خيبر يستطيع إخراجهم, لكن كانت هناك حاجة, الصحابة مشغولون بالجهاد, هل يشتغلون بالفلاحة ويتركون الجهاد أو يستخدمون هؤلاء اليهود, يفلّْحون لهم ويكدُّون لهم ويتمرغون في الأوحال والتراب ويقدِّمون لهم ثمار خيبر, أيهما أحسن؟ وُجِدت حاجة, وجدت حاجة فأبقاهم رسول الله عليه الصلاة والسلام مع قناعته الكاملة بأنه لا بدّ من إخراجهم, لكن متى؟ عندما نستغني عنهم نطردهم طرداً. فاستمرت الحاجة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاث سنوات من بقية حياته وسنتين من خلافة أبي بكر, خمسة سنوات مدة طويلة من خلافة عمر, استغنى عنهم عمر, قال لهم: اخرجوا. طرد النصارى, وطرد اليهود رضي الله عنه, تنفيذاً لهذا الأمر, ألا نستفيد من إبقاء رسول الله عليه الصلاة والسلام للكفار في جزيرة العرب من أجل حاجة المسلمين إلى خدمتهم, ألا نستفيد من هذا أنه إذا دعت الحاجة إلى كفار يقدّمون لنا عملاً نحتاجه في دنيانا, يقدّمون لنا خبرة صناعية نستفيدها, يجوز لأجل الحاجة أن نبقيهم؟ بلى نستفيد, هذا هو الفقه.
وربما كان هذا تمهيداً لفقرة ثالثة, أنا أعرف أناساً يدندنون حول الاستعانة بالكفار الموجودين في الجزيرة, يحتجون بمثل هذه الأحاديث, ونحن نشكرهم على الاهتمام بهذه الأحاديث والاحتجاج بها, ولكن نقول لهم: الفقه فقه الأحاديث, افقهوا, رسول الله الذي أمر بإخراجهم وقال:{لا يجتمع دينان في الجزيرة}. لأجل الحاجة أبقاهم, لمّا استغني عنهم في عهد عمر طردهم.
نحن الآن نستخدمهم في حاجاتنا, فإذا استغنينا عنهم, قلنا: اذهبوا, روحوا كما أمر وفعل فعله الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة, فمن هو المتأسي برسول الله وأصحابه؟ فهمنا هذا بارك الله فيكم.
❒ الوصايا المنهجية لمتّبعي السنة النبوية: ص. 143-146