"من بورك له في شيء فليلزمه"
إذا عمل الإنسانُ عملاً ورأى أنّ انتفاعه به قليل، فلينتقل إلى غيره، وإذا رأى المصلحة فيه وبورك له فيه فالأولى أن يستمر.
ولهذا روي عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- كلمة ينبغي أن تكون لك نبراسًا في حياتك؛ قال: "من بورك له في شيء فليلزمه"، وهذا يشمل كلَّ أعمالك الحياتية، سواء في طلب العلم، أو في سكن، أو في زواج، أو في سيارة، أو في أيِّ شيء، ما دمت ترى أن الله قد بارك لك في هذا الشيء فالزمه، ولا تنتقل؛ لأن التنقلات مضيعة للوقت، وهدم لما مضى، ولهذا تجد الإنسان الذي لا يستقرّ على حال يضيع عليه الوقت، وينقضي وهو ما حصّل شيئًا.
ولنفرض هذا في أمر محسوس: فأنت إذا مشيت من هنا إلى نصف الطريق، ثم بدا لك أن تسلك الطريق الثاني، فهذا يضيع عليك من الوقت الشيء الكثير، هكذا أيضًا الأعمال، لا ينبغي للإنسان أن يبدأ ثم ينقطع أو يتنقل من شيء إلى شيء، ما دمت عرفت أنك بورك لك في هذا الشيء فالزم.
ثم اعلم أيضًا أن الإنسان يتكيف –وهذا من نعمة الله عزّ وجلّ- فيما يمارس، ولولا هذا ما استطعنا أن ننتقل من حال إلى أخرى، وأنت حين تبتدئ بالعمل ربما تجده شاقًّا متعبًا، ثم إذا استمررت فيه صار عليك هيّنًا، بل صار سجية لك وطبيعة، إذا فقدته تغير فِكْرُك.
"شرح الأصول من علم الأصول" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله. ص 451- 452