قال أحد العلماء: عندنا تفسير لما يقوله النصارى بأنهم أبناء الله، هذا القول: ( إننا نحن البشر جميعًا أبناء الله ، بمعنى: أنه خالقنا الواحد، وهو الذي يعولنا وحده ويرزقنا جميعًا؛ لقول الحديث: الفقراء عيالي ، وليست أُبوة الله لنا التي تعرفها شهادات الميلاد، ونحن جميعًا عباد له، ولا نسجد إلا لله وحده) فما رأي سماحتكم في ذلك؟
لقد بين الله في كتابه أن النصارى يعتقدون اعتقادًا باطلاً أن المسيح ابن الله، ينسب إليه، قال تعالى:
وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
، فهم يزعمون أن المسيح ابن الله؛ تمييزًا له عن سائر البشر، ولهذا قال منكرًا على من ادعى هذه الدعوى الباطلة:
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا
، وقال الله تعالى منكرًا على اليهود والنصارى في زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه تكبرًا وتعاليًا وتمييزًا لأنفسهم عن سائر البشر: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ
أما من يظن أن النصارى أبناء الله، بمعنى: أن الله يعولهم ويتكفل برزقهم وحدهم تمييزًا لهم عن سائر البشر، فهذا من الباطل أيضًا؛ لأن الله سبحانه قد تكفل برزق العباد جميعًا، وهو الذي يعولهم وحده بعنايته وتوفيقه.
أما حديث الخلق عيال الله، فهو غير صحيح ، ومعناه لو صح أنه سبحانه هو الذي يعولهم وينفق عليهم، كما قال سبحانه: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. الفتوى رقم ( 18885 )
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله