إتحاف السائل بأن وجوب خروج النساء للعيد ليس له قائل
كُتب : [ 05-19-2016
- 01:56 AM ]
لم يختلف العلماء في أن المرأة لا يجب عليها الخروج للعيد.
قال الكاساني([1]):
(وأما النساء النسوة فهل يرخص لهن أن يخرجن في العيدين أجمعوا على أنه لا يرخص للشواب منهن الخروج في الجمعة والعيدين وشيء من الصلاة لقوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} والأمر بالقرار نهي عن الانتقال ولأن خروجهن سبب الفتنة بلا شك والفتنة حرام وما أدى إلى الحرام فهو حرام)([2]).
قال ابن رجب في فتح الباري (6/152):
(وهذا مما لا يعلم به قائل، أعني: وجوب الخروج على النساء في العيد)([3]).
واختلف العلماء في الاستحباب وعدمه: القول الأول:
خروج النساء في العيدين مكروه للشابة دون غيرها.
وهو مذهب الحنفية([4])،والمالكية([5])، والشافعية([6])، وهي رواية عن أحمد ([7]). القول الثاني:
يستحب خروج النساء مطلقًا.
قال به ابن عمر([8])، وهو مذهب علقمة([9])، والأسود([10])، وإسحاق بن راهوية([11])، وهي رواية عن أحمد([12]). اختارها ابن حامد([13]). القول الثالث:
مباح خروج النساء. وهو مذهب الحنابلة([14])، واختاره ابن المنذر([15]). القول الرابع:
يكره خروج النساء مطلقًا.
هي رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما([16])، وهو مذهب عروة بن الزبير([17])، والقاسم([18])، إبراهيم النخعي([19])، ويحيى بن سعيد الأنصاري([20])، وعبد الله بن المبارك([21])،
والثوري([22]). وهي رواية عن أحمد([23]). الراجح:
الذي يظهر رجحانه –والله أعلم- هو استحباب خروج النساء لصلاة العيدين، بشرط أن يلتزمن بالجلباب، ويبتعدن عن ما يسبب الفتنة مع احتشامهن، وعدم تطيبهن، ويخرجن بدون زينة تفلات، فإن كان في خروجهن فتنة حَرُمَ خروجهن. تنبيه:
نسب بعض أهل العلم([24]) وجوب خروج النساء إلى أبي بكر، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم. الجواب:
لم يصح أثر أبي بكر ولا أثر علي رضي الله عنهما.
فأما أثر أبي بكر رضي الله عنه فقد رواه ابن أبي شيبة (5835)، من طريق طلحة اليامي، قال: قال أبو بكر: حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين.
وطلحة هو ابن مصرف اليامي لم يسمع من أبي بكر فالأثر ضعيف لانقطاعه.
وأما أثر علي رضي الله عنه، فقد رواه ابن أبي شيبة (5836)، وابن المنذر في الأوسط (211، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي، قال: حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، ولم يكن يرخص لهن في شيء من الخروج إلا إلى العيدين.
والحارث هو ابن عبد الله الأعور ضعيف ومنهم من كذبه. وفيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي.
وأما أثر ابن عمر فهو صحيح وقد اختلفت الرواية عنه، وليس فيه ما يدل على الوجوب.
وممن صرح بوجوب خروج النساء الصنعاني([25])، والألباني([26]).
ــــــــــــــ
(1) بدائع الصنائع (1/275).
(2) وقول الكاساني يؤكد خطأ من فهم التلازم بين القول بوجوب صلاة العيد وخروج النساء، حيث ظن البعض أن القائلين بوجوب صلاة العيد قائلون بوجوب إخراج النساء، ومن المعلوم أن القول بوجوب صلاة العيد هو مشهور قول الحنفية مع ذلك فهم لا يقولون بوجوب خروج النساء بل يبيحونه لغير الشابة بالإجماع كما قال، ولعله يقصد بالإجماع إجماع أهل المذهب.
(3) فتح الباري (6/152).
(4) انظر: الحجة على أهل المدينة (1/200)، المبسوط (2/41).
(5) انظر: المدونة (1/195) (1/246)، حاشية الدسوقي (1/335).
(6) قال النووي في المجموع (5/9): (فأما الشابة وذات الجمال ومن تشتهي فيكره لهن الحضور لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن).
وانظر: نهاية المطلب (2/620)، كفاية الأخيار (184).
(7) انظر: الفروع (2/13، المغني (3/263)، الإنصاف (2/247).
( عند ابن أبي شيبة (5837) بإسناد صحيح عن نافع ، قال: كان عبد الله بن عمر يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله.
(9) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5840).
(10) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5840).
(11) انظر: مسائل الكوسج (8/4051)، جامع الترمذي (2/420).
(12) انظر: مسائل ابن هانئ (1/93) (46، الفروع (2/137).
(13) انظر: المغني (3/263).
(14) انظر: مسائل الكوسج (8/4050)،
(15) بوَّب رحمه الله في الأوسط (4/300): (ذكر إباحة إخراج النساء إلى الأعياد...)
(16) أخرج ابن المنذر (4/301) بإسناد صحيح عن نافع، عن ابن عمر أنه كان لا يخرج نساءه في العيدين. وعند عبد الرزاق (5724) بإسناد صحيح عن نافع أنه كان لا يخرج نساءه في العيد. لعله سقط منه: عن ابن عمر.
(17) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5846)، الأوسط لابن المنذر (4/302).
(1 انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5847)، الأوسط لابن المنذر (4/302).
(19) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5844) (584، الأوسط لابن المنذر (4/302).
(20) انظر: الأوسط لابن المنذر (4/302).
(21) انظر: جامع الترمذي (2/420)، شرح السنة للبغوي (4/320).
(22) انظر: جامع الترمذي (2/420)، شرح السنة للبغوي (4/320).
(23) انظر: مسائل صالح برقم (402)، مسائل عبد الله (2/437)، المبدع (1/181).
(24) انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (3/29.
(25) انظر: سبل السلام (2/13.
(26) انظر: تمام المنة (344).
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله