لابد من التذكير بأمر مهم جداً يخطئ فيه الناس ـ الضرورة لا تحلل الحرام وهي لمّا تقع ، الضرورة لا تحلل الحرام الذي لم يقع بعد ، يعني واحد يرتكب محرّم حتى ما يقع في محذور هذا ليس ضرورة وإنما الضرورة فيما إذا وقعت ، مثلاً إنسان في صحراء (( إلا ما اضطررتم إليه )) مشى ساعة ساعتين ثلاثة إلى آخره نفذ الزاد وكل شيء معه ، وصبر وصبر وصبر إلى آخره ، فيما بعد أصبح يشعر أن قواه ستنهار وربما يهلك من الجوع ، وجد ميتة ، وجد خنزير اصطاده ، قتله ، أكله ، ميت ، إلى آخره ، هنا يقال الضرورات تبيح المحظورات ، ((إلا ما اضطررتم إليه)) لكن إنسان ما وصل لهذه المرتبة من الحاجة والإحساس بالجوع ، نفترض من باب التوضيح خرج من البلدة التي هي موطنه بعد صلاة الفجر ومشى في الصحراء ست ساعات نفذ الزاد ، نفذ الطعام ... أصابه شيء ضاع المال ضاع كل شيء إلى آخره وجاع هكذا صبر صبر صبر للساعة اثنى عشر يعني غروبي يعني المغرب حينئذ شعر بأنه إذا ما أكل يخشى أن يموت جوعاً ، نحن نقول هذا الرجل تمتع بقوله تعالى : (( إلا ما اضطررتم إليه )) ، تقريباً هذا صبر اثنى عشر ساعة نأتي بصورة ثانية ، نفذ الزاد الظهر ما عاد يوجد زاد ، لكن هو لم يحس بما حس به في المغرب وجد أكلة محرمة قال أنا آكل الآن خشية أن أجوع في أول اليل ، هذا لا يجوز له أن يأكل ؛ لماذا ؟ لأنه ما وقع في الضرورة ؛ واضح الفرق بين المثالين ؟
مقتطف من «سلسلة الهدى والنور للشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني - الشريط رقم 273
الرابط الصوتي
http://www.alalbany.me/files/split-273-4.mp3