قال ابن الأعرابي -أحد أئمة اللغة المعروفين-:كُنـا عند أحـد الأعراب ، فـأطلَّ علينا مِن علـى بيتـه ، وقال: استووا إليَّ ، أي: ارتفعـوا ، واصعدوا إليَّ (*).
هذا هو المعروف من لغة العرب : أنّ ' اسـتـوى' بمعنى 'علا على الشئ ' ، لكن قد يُضمن هذا العلو معنى آخر بحسب الحرف الذي يُعدى إليه الفعل ؛ كما قال -عزّ وجلّ- ( ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان) ،فمِنَ السلف ، ومن أهل العلم من فسَّر ( استـوى) ، بمعنى قَصَدَ ، وعَمَدَ ، وهذا ممّا يُسمى : التفسير باللازم ، فإنّه مع العلو هناك قصد ، وعمد ، وذلك مُستفاد من قوله(إلى السّماء) فلما عدي الفعل بــ " إلـى" ، وقال : ( استوى إلى السّماء) علمنا أنّه مُضمن معنى القصد ، والعمد ، والتضمين فيه إثبات لأصل المعنى مع زيادة ما دلَّ عليه الحرف الذي عُدي الفعل به.
(*):جاء في الدرر السنية(1/405) " قال النضر بن شميل - وكان ثقة مأمونا في علم الديانة واللغة-: حدثنا الخليل وحسبك بالخليل . قال : أتيت أبا ربيعة الأعرابي. وكان من أعلم من رأيت ، فإذا به هو على سطح ، فسلّمنا عليه فردّ السلام ، وقال : استووا ـ فبقينا متحيّرين ولم ندر ما قال، فقال لنا أعرابي إلى جنبه : إنّه أمركم أن ترتفعوا ، فقال الخليل : هو من قوله تعالى( ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان) فصعدنا إليه
من شرح الشيخ صالح آل شيخ لــ: لمعة الإعتقاد( ص69-70)