ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفقهوا في دينكم فإن من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ومن تفقه في دين الله كان على طريق المرسلين والأنبياء والصالحين ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)(يوسف: من الآية108) أطلبوا العلم فإن العلم نور وهدى والجهل ظلمة وضلال وتقى أطلبوا العلم فإن العلماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فالأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراثهم واطلبوا العلم فإن العلم الشرعي رفعة في الدنيا والآخرة وأجر مستمر لصاحبه في حياته وبعد موته قال الله تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(المجادلة: من الآية11) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا مات العبد انقطع علمه إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له ) اطبلوا العلم يكن لكم لسان صدق في الآخرين فإن آثار العلم فإن آثار العلم تبقى بعد فناء أهله العلماء الربانيون لم تزل اثارهم محمودة وطريقتهم مأثورة وسعيهم مشكورا وذكرهم مرفوعاً إن ذكروا في المجالس امتلأت المجالس بالثناء عليهم والدعاء لهم وإن ذكرت الأعمال الصالحة والآداب العالية كانوا غدوة الناس فيها (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)(الأنعام: من الآية122)أيها الناس تعلموا العلم للعلم تعلموا العلم للعلم أي لأجل العلم وحدة لأجل حفظ شريعة الله ونفع عباد الله وعبادة الله على بصيرة تعلموا العلم لهذا لتنالوا بركته وتجنوا ثمرته تعلموا العلم لتعملوا به لا تجادلوا به وتماروا به فإن من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يجاري به العلماء فقد عرض نفسه لعقوبة الله لا تطلبوا العلم للمال فإن العلم أشرف من أن يكون وسيلة إلى المال وإن العلم وإن المال أحق أن يكون وسيلة للعلم لأن المال يفنى والعلم يبقى أيها الناس إننا على أبواب عام دراسي جديد يستقبل فيه المعلمون والمتعلمون نشاطهم الفكري والعملي فيا ليت شعري ماذا اعددنا لهذا العام إن علينا جميعاً معلمين ومتعلمين أن نشمر عن ساعد الجد من أول الأمر حتى لا نندم في النهاية إن على المعلمين أن يحرصوا على هضم العلوم التي يلقونها إلى الطلبة قبل أن يقفوا أمامهم لئلا يقع الواحد منهم في حيرة عند السؤال والمناقشة لأن من أعظم مقومات الشخصية قوة المعلم في علمه وملاحظته ولا تنقص قوته العلمية عن قوة ملاحظته في تقويم شخصيته إن المعلم إذا ارتبك أمام طلبته فسوف ينحط قدره في أعينهم وإن أجاب بالخطأ لم يثقوا في معلوماته بينهم وإن نهرهم عند السؤال والمناقشة لضيق صدره فلن ينسجموا معه إذا فلا بد للمعلم من إعداد واستعداد وتحمل وصبر وإن على المتعلمين أن يبذلوا غاية جهدهم من أول السنة حتى يدركوا العلوم إدراكاً حقيقياً ثابتاً في قلوبهم وراسخاً في نفوسهم لأن المتعلم إذا اجتهد من أول السنة تلقى العلوم شيئاً فشيئاً فسهلت عليه وثبتت في قلبه وسيطر عليها سيطرة تامة وإذا أهمل أول السنة وتهاون فإن الزمن ينطوي عليه فلا يفيق إلا في آخر العام وقد تراكمت الدروس وضاق الزمن عن إدراكها فأصبح عاجزاً عن تصورها فضلاً عن تحقيقها وهضمها فيندم حين لا ينفع الندم أيها الناس إذا كان من نجاح المعلم أن يكون قوي المعرفة قوي الشخصية فإن من نجاحه أيضاً أن يكون حسن النية والقصد والتوجيه فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته بإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ليكون لتعليمه أثر بالغ وعليه مع ذلك أن يظهر أمامهم بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بشريعة الله وهدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة في العلم والعمل فإن التلميذ يتلقى من معلمه الأخلاق والآداب أكثر مما يتلقى عنه من العلوم من حيث التأثير لأن أداب المدرس وأخلاقه صورة مشهودة معبرة عما في نفسه ظاهرة في سلوكه فتنعكس هذه الصورة تماماً في سلوك تلميذه يقول الله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) أيها المسلمون وإذا كان على المعلمين واجب يجب عليهم القيام به فكذلك على إدارة المدرسة أن ترعى من تحت رعايتها من مدرسين ومراقبين وطلاب لأنها مسئولة عنهم أمام الله وأمام المجتمع وإذا كان على المدرسة واجب يلزمها أن تقوم به فعلى الآباء وأولياء الطلبة واجب يلزمهم القيام به فعليهم أن يتفقدوا أولادهم ومن ولاهم الله عليه و يسبروا سيرهم ونهجهم العلمي والفكري والعملي وأن لا يدعوهم هملاً لا يبحثون معهم ولا يسألون عن طريقتهم ولا عن أصحابهم ومن يعاشرهم لأن ترك هؤلاء الشباب ضياع لهم وظلم فهم رعية يجب على ابائهم وأوليائهم أن يرعوها حق رعايتها وإن اضاعوا اصبحوا نادمين خارجين عما أمرهم الله به في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) اللهم وفقنا جميعاً لما يجب علينا اللهم وفقنا جميعاً لما يجب علينا اللهم وفقنا جميعاً لما يجب علينا من الدعوة إليك على بصيرة والعمل بما علمنا على الوجه الذي ترضى به عنا إنك جواد كريم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه واشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في ألوهيته وربوبيته وسلطانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أيده الله ببرهانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه وأنصاره وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد
أيها الناس فإن المسلمين في هذه الأيام منهم من حج ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ومنهم من تأخر ولكنه صام يوم عرفة وصوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده فيا من منّ الله عليكم بتبديل السيئات ومنّ الله عليكم بمغفرة الذنوب إياكم أن تعاودوا المعاصي بعد ذلك فإن العودة إلى المعصية بعد محو أثارها إنها أسوأ حالاً ممن فعلها ثم كفرت عنه أحمدوا الله تعالى على هذه النعمة واشكروه عليها وأعملوا أن من شكرها دوام طاعة الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه فلا تعيدوا صفحاتكم سوداء بعد ابيضاضها ولا تفسدوا اتجاهاتكم بعد استقامتها ولا تظلموا قلوبكم بعد إنارتها واعلموا أيها المؤمنون أن تقوى الله تعالى هي طاعته في السر والعلانية بفعل أوامره واجتناب نواهيه والخوف منه ومراقبته ودوام ذكره بالقلب واللسان والجوارح يقول الله تبارك وتعالى اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال فيمن ذكره ( إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) و من ذكر الله في نفسه ذكره الله تعالى في نفسه ومن ذكر الله في ملأ ذكره الله تعالى في ملأ خير منهم وأعملوا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وأعملوا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد وارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفنا على ملته واسقنا من حوضه وأدخلنا في شفاعته واحشرنا في زمرته واجمعنا به في جنات النعيم يا رب العالمين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وأجعل بلدنا هذا آمنا وسائر بلاد المسلمين اللهم أجمع كلمة المسلمين على الحق اللهم أصلح لهم ولاة أمورهم يا رب العالمين اللهم لا تسلط عليهم بذنوبهم من لا يخافك ولا يرحمهم اللهم أصلح بطانة ولاة أمورنا اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لعبادك فأبدله بخير منه يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
تعلموا صفة الحج للشيخ الفاضل محمد العثيمين
العرض العادي
