[المحسنُ المتصدّق الشاكرُ لنعمة ربّهِ المبتعدُ عن معصيتِه لا يكادُ يُصابُ بالعينِ والحسد!]
قال الإمامُ ابنُ القيّم رحمه الله:
«فما يكادُ العينُ والحسدُ والأذى يتسلّطُ على محسنٍ متصدّق، وإن أصابه شيءٌ من ذلك كان مُعامَلاً فيه باللطفِ والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة.
فالمُحسنُ المتصدّق في خَفَارةِ إحسانه وصدقتِه، عليه من ﷲ جُنّةٌ وحِصنٌ حصينٌ، وبالجملة؛ فالشّكرُ حارسُ النعمة من كلّ ما يكونُ سبباً لزوالها.
ومن أقوى الأسبابِ : حسدُ الحاسدِ والعائن، فإنّه لا يَفتُرُ ولا يَني ولا يبردُ قلبُهُ حتى تزولَ النعمةُ عن المحسود، فحينئذٍ يبردُ أنينُهُ وتنطفئُ نارُهُ - لا أطفأها ﷲ -!
فما حَرس العبدُ نعمةَ ﷲ تعالى عليه بمثل شُكرِها، ولا عرّضها للزوالِ بمثلِ العملِ فيها بمعاصي ﷲ وهو كُفرانُ النعمة، وهو بابٌ إلى كفران المُنعم.
فالمحسنُ المتصدّقُ يستخدمُ جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه، فمن لم يكُن له جندٌ ولا عسكرٌ وله عدوٌّ فإنّه يوشِكُ أن يَظفَرَ به عدُوُّهُ، وإن تأخرة مُدّةُ الظَّفَر، والله المستعان».
[بدائع الفوائد (771/2)]