🔘قال الامام العلامة السعدي رحمه الله
🌾🍃🌾🍃🌾
*فصل في أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب واشتغال القلب ببعض] المكدرات.*
▪- ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب، واشتغال القلب ببعض المكدرات:
-الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه،
وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه، وهذا السبب أيضا مشترك بين المؤمن وغيره، ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه، ويعمل الخير الذي يعلمه، إن كان عبادة فهو عبادة، وإن كان شغلا دنيويا أو عادة دنيوية أصحبها النية الصالحة، وقصد الاستعانة بذلك على طاعة الله، فلذلك أثره الفعال في دفع الهم والغموم والأحزان، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار،
فحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجع: (نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته) .
*▪وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه؛* فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع، والله أعلم.
*▪- ومما يدفع به الهم والقلق:*
اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن"
فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل، فيكون العبد ابن يومه،
يجمع جده واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر، فإن جمْعُ القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن.
والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء فهو يحث- مع الاستعانة بالله والطمع في فضله- على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله، والتخلي عما كان يدعو لدفعه؛
لأن الدعاء مقارن للعمل، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا، ويسأل ربه نجاح مقصده، ويستعينه على ذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» [رواه مسلم] .
فجمع صلى الله عليه وسلم بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال، والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار، وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة، ومشاهدة قضاء الله وقدره.
وجعل الأمور قسمين:
🌹قسما يمكن العبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه، أو دفعه أو تخفيفه فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده.
🌹وقسما لا يمكن فيه ذلك، فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم، ولا ريب أن مراعاة هذا الأصل سبب للسرور وزوال الهم والغم.
*📝الوسائل المفيدة للحياة السعيدة*.