🌾🌾🌾🌾🌾🌾🌾
*في زمن الغثائية وغربة الإسلام
طوبى للغرباء‼‼*
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى الإسلام:
لم يستجب له في أول الأمر إلا الواحد بعد الواحد من كل قبيلة، وكان المستجيب له خائفًا من عشيرته وقبيلته،
يؤذى غاية الأذى، وينال منه وهو صابر على ذلك في الله عز وجل، وكان المسلمون إذ ذاك مستضعفين، يطردون ويشردون كل مُشَرَّدٍ،
ويهربون بدينهم إلى البلاد النائية، كما هاجروا إلى الحبشة مرتين، ثم هاجروا إلى المدينة،
وكان منهم من يعذَّب في الله، وفيهم من قُتل، فكان الداخلون في الإسلام حينئذ غرباء.
ثم ظهر الإسلام بعد الهجرة إلى المدينة، وعزّ، وصار أهله ظاهرين كل الظهور،
ودخل الناس بعد ذلك في دين الله أفواجا،
وأظهر الله لهم الدين، وأتم عليهم النعمة.
وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، وأهل الإسلام على غاية من الاستقامة في دينهم، وهم متعاضدون متناصرون، وكانوا على ذلك في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
ثم أعمل الشيطان مكائده على المسلمين، وألقى بأسهم بينهم، وأفشى بينهم فتنة الشبهات والشهوات،
ولم تزل هاتان الفتنتان تتزايدان
شيئا فشيئا، حتى استحكمت مكيدة الشيطان، وأطاعه أكثر الخلق،
فمنهم من دخل في طاعته في فتنة الشبهات،
ومنهم من دخل في فتنة الشهوات،
ومنهم من جمع بينهما،
وكل ذلك مما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوعه...
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى على أمته هاتين الفتنتين...
فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين، أو إحداهما؛
أصبحوا متقاطعين متباغضين، ‼
بعد أن كانوا إخوانا متحابين متواصلين،‼
فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق،‼
ففتنوا بالدنيا وزهرتها، وصارت غاية قصدهم،
لها يطلبون، وبها يرضون، ولها يغضبون، ولها يوالون، وعليها يعادون،
فتقطعوا لذلك أرحامهم، وسفكوا دماءهم،
وارتكبوا معاصي الله بسبب ذلك.
وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة
فبسببها تفرق أهل القبلة،
وصاروا شيعا، وكفر بعضهم بعضا، وصاروا أعداءً وفرقا وأحزابا،
بعد أن كانوا إخوانا، قلوبهم على قلب رجل واحد،
فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية، وهم المذكورون
في قوله صلى الله عليه وسلم :*لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ،
لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ،
حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ .
وهم في آخر الزمان الغرباء المذكورون في هذه الأحاديث... لأنهم قلوا،
فلا يوجد في كل قبيلة منهم إلا الواحد والاثنان، وقد لا يوجد في بعض القبائل منهم أحدٌ، كما كان الداخلون إلى الإسلام في أول الأمر كذلك، وبهذا فسر الأئمة هذا الحديث"
انتهى من رسالة "كشف الكربة"
📕مجموع رسائل ابن رجب
" (1 / 319).
🔹🔷🔵🟡📚🟡🔵🔷🔹