منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله

الحكمة من السجود

منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية الواثقة بالله
 
الواثقة بالله
المراقب العام

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,505 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي الحكمة من السجود

كُتب : [ 03-07-2023 - 12:03 AM ]

قال الشيخ محمد بن صالح العثيِمين
-رحمه الله- في كتابه الشرح الممتع طبعة: دار ابن الهيثم(223/1-224) :


” والحكمة مِن السُّجودِ: أنه مِن كمال التعبُّد لله والذُّلِّ له،
فإن الإنسان يضع أشرف ما فيه وهو وجهه؛ بحذاء أسفل ما فيه وهو قدمه.

وأيضاً: يضعه على موطء الأقدام، يفعل كلَّ هذا تعبُّداً لله تعالى وتقرُّباً إليه.

ومِن أجل هذا التَّطامن والنزول الذي فَعَلَهُ لله تعالى صار أقرب ما يكون الإنسان من رَبِّه وهو ساجد، مع أنه لو قام لكان أعلى وأقرب، لكن لنزوله لله عزَّ وجلَّ صار أقرب إلى الله،
«فما تواضعَ أحدٌ لله إلا رَفَعَهُ اللَّهُ»(1) .

هذه هي الحكمة والسِّرُّ في هذا السجود العظيم، ولهذا ينبغي لنا أن تسجد قلوبُنا قبل أن تسجدَ جوارحنا؛ بأن يشعر الإنسان بهذا الذُّلِّ والتَّطامن والتواضع لله عزَّ وجلَّ، حتى يدرك لذَّةَ السُّجود وحلاوته، ويعرف أنَّه أقرب ما يكون إلى الله.


وهذا المعنى قد يغفل عنه أصحابُ الظَّواهر الذين يريدون أن يُجمِّلُوا الطاعات بظاهرها، وهم يُحمدون على هذا، ولا شَكَّ أنَّنا مأمورون أن نُجَمِّلَ الطاعات بظواهرها، بتمام الاتِّباعِ وكماله، لكن هناك شيءٌ آخر يَغْفُلُ عنه كثيرٌ من الناس؛ ويعتني به أربابُ السُّلوكِ، وهو تكميل الباطن؛ بحيث يركعُ القلبُ قبل رُكوع البدن، ويسجد قبل سجودِ البدن، ولكن قد يُقصِّر أربابُ السُّلوكِ الذين يعتنون بالبواطن في إصلاح الظواهر؛ فتجدهم يُخِلُّون كثيراً في إصلاح الظواهر، والكمال هو إصلاح الأمرين جميعاً؛
والعنايةُ بكمالهما جميعاً؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر.

وإنِّي والله، وأشهد الله، أننا لو أقمنا الصَّلاةَ كما ينبغي؛ لكُنَّا كُلَّما خرجنا من صلاة؛ نخرج بإيمان جديد قوي؛ لأن الله يقول: {اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} الآية [العنكبوت: 45] .

لكن؛ نسألُ اللهَ أن يعاملنا بعفوه؛ ندخل فيها بقلب ونخرج بقلب، هو القلب الأول؛ لأننا لا نأتي بما ينبغي أن نأتيَ به مِن خضوع القلب وحضوره؛ وشعوره بهذه التنقُّلات؛ التي هي رياض متنوِّعة وأفعال مختلفة، وأقوال هي ما بين قراءة كلام الله عزَّ وجلَّ، وذكره وتعظيمه، وتكبيره ودعائه، والثناء عليه، ووصفه بأكمل الصفات «التحيات لله والصلوات… إلخ»، فهي رياض عظيمة، لكن فينا قصور مِن جهة مراعاة هذه الأسرار.

وقد وَرَدَ في الحديث: «إن الله حَرَّمَ على النَّار أن تأكل أثَرَ السُّجود» (2) فيمن يدخل النارَ من العُصاة؛ لأن عُصاةَ المؤمنين إذا لم يَتُبِ الله عليهم، ولم يكن لهم حسنات ترجح على سيئاتهم، فإنهم يُعذَّبون بالنار بقَدْرِ ذنوبهم؛ لكن أعضاء السُّجود محترمة لا تأكلها النار، ولا تؤثر فيها، ولهذا قال بعضهم:

يا ربِّ أعضاءَ السُّجودِ أعتقتَها *** مِن فَضْلِكَ الوافي وأنت الباقي
والعتقُ يسري في الغني يا ذا الغنى *** فامْنُنْ على الفاني بعتق الباقي
فتوسَّلَ إلى الله بعتق هذه الأعضاء إلى أن يعتق جميعَ البَدَنِ لسريان العتق إليه”.

(1) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو والتواضع(2588).
(2) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل السجود(806)، ومسلم، كتاب الإيمان،باب معرفة طريق الرؤية (182).

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي ولكم وللمسلمين، وأن يعفو عنا ويجعلنا من ورثة جنة النعيم.

 



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:19 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML