السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد أحدثت جماعة التبليغ فهما لحديث فليبغ الشاهد الغائب لم يسبقوا في معناه إليه فأجازوا عملا بالحديث أن تخرج زرافات من عوام الجهال متفرقين في البلدان يدعون إلى الله على غير بصيرة تقوية لإيمان التائبين ودعوة لغيرهم من المذنبين و هم عند تحيثهم بتلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصل غير متثبين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال علي مالم أقول فليتبوأ مقعده من النار .....
فنقول وبالله التوفيق :
صورة مسألة حديث فليبلغ الشاهد الغائب ليس أن تخرج جماعات وزرافات من العوام الجهال يتفرقون في الأرض ويسمون أنفسهم وهم مغترين بخروجهم المزعوم في سبيل الله بالدعاة أخذا بقوله صلى الله عليه وسلم فليبلغ الشاهد الغائب زعموا ثم يقوم بعضهم بالبيان وهي الكلمات العامة في المساجد مما يجعل كثير من الناس يغترون بهم ويظنونهم علماء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إتخذ الناس رؤوسا جهالا ...الحديث فربما سألوا بعد الكلمات على أنهم أهل علم فيفتوا بغير علم فيضلوا ويضلون فيستفيدوا من هذا الخروج المزعوم في سبيل الله تقوية إيمان التائبين ودعوة غيرهم من الآدميين ...
أقول هذه الصورة محدثة في الإسلام في منهج الدعوة إلى الله تعالى فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج أفرادا يفرقهم للدعوة إلى الله ويكونوا علماء كأبي موسى الأشعري ومعاذ ...فالتدين بخلاف طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وتكوين جماعات تفرق في البلدان كل جماعة لها أمير في سفر ليس عادي وإنما تعبدي للدعوة إلى الله فهذه الصورة والهيئة محدثة في الإسلام ولو كانت خيرا لأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفعلها الصحابة والأصل في العبادات ووسائلها التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قادر على استعمالها التوقيف...
وقد قال بن عمر كل بدعة ضلالة وإن رءآها المسلون حسنة ..فطريقتهم هذه محدثة في الدعوة إلى الله تعالى والتي هي عبادة لاتقوم إلا على ركنين الإخلاص والمتابعة كسائر العبادات وإن رأوها حسنة حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوها
ولقد حضرت مجلس إحدى التبليغيين في وليمة وسمعته يحدث فلم أره يقتصر على ماعلم بل تكلم فيما يعلم وفيما لايعلم وهكذا نقول لهم خروجكم وتنصيبكم أنفسكم دعاة واغتراركم بذلك لايجعلكم تنتظمون العمل بالحديث فليبلغ الشاهد الغائب بل سيكون ذريعة لكلامكم على الله بلاعلم والإسلام إذا حرم المقاصد كالشرك والزنا حرم جميع الوسائل المؤدية إليه وقد حرم سبحانه القول عليه بلا علم وذريعة القول عليه بلا علم مايفعله هؤلاء من تنصيب أنفسهم دعاة وخطباء ورؤوسا في الدعوة فلهم إمارة في الحضر والسفر .
فهذه صورة محدثة في الإسلام وهيئة مخترعة في الدعة إلى الله تعالى .
أما الصورة الجائزة فكان يحمل العامي حديثا عن عالم يعرف صحته ويفهم معناه ويحدث به الزوجة والأولاد والأصحاب ومن يلقاه ولا ينصب نفسه داعية متكلما يجوب بلدان الأرض هو وزرافات من الجهال معه زاعمين أنه خروج في سبيل الله فيعقد المجالس الدعوية والكلمات الوعظية غير متثبت من الأحاديث التي يذكرها على طريقة القصاص الذين ذمهم السلف كما سمعت تبليغي أنكرت عليه في مسجد في قرية عندان في حلب يروي حديث عبدي أطعني تكن عبدا ربانيا تقول للشيء كن فيكون عياذا بالله .
وجعلوا الخروج في سبيل الدعوة زعموا وسيلة في تقوية إيمان من انضم إليهم من الجهال التائبين وأي وسيلة للتعبد قام المقتضي عند السلف لفعلها وانعدم المانع ولم يفعلها أحد منهم فلاشك ولا ريب أنها بدعة كالتأذين للعيدين ولذلك لما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل ينشد في الطريق القصائد الوعظية والرقائق فيجتمع حوله أهل الباطل من أهل الخمر ونحوهم فيبكون ويتوبون فهل هذه وسيلة صحيحة في الدعوة إلى الله فقال لو قلنا أن هذه وسيلة صحيحة لقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكتمل به الوسائل أي ولقد قال تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ...
قال بن القيم في حاشية سنن أبي داود عند تعليقه على حديث عمرة في رمضان تعدل حجة وأنهم أخذوا بظاهر هذا الحديث العام فصاروا يكررون العمرة في رمضان من غير النظر إلى عمل السلف المفسر لذلك العام فما فهموا ذلك ولذلك لم يكرروا العمرة في رمضان فلا يصلح الإحتجاج بظاهر هذا الحديث على تكرار العمرة في رمضان :
فقال رحمه الله : وَهَذَا مَوْضِع يَغْلَط فِيهِ كَثِير مِنْ قَاصِرِي الْعِلْم , يَحْتَجُّونَ بِعُمُومِ نَصٍّ عَلَى حُكْمٍ ,وَيَغْفُلُونَ عَنْ عَمَل صَاحِب الشَّرِيعَة وَعَمَل أَصْحَابه الَّذِي يُبَيِّن مُرَاده , وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا عَلِمَ بِهِ مُرَاد النُّصُوص , وَفَهِمَ مَعَانِيهَا . وَكَانَ يَدُور بَيْنِي وَبَيْن الْمَكِّيِّينَ كَلَامٌ فِي الِاعْتِمَار مِنْ مَكَّة فِي رَمَضَان وَغَيْره . فَأَقُول لَهُمْ : كَثْرَة الطَّوَاف أَفْضَل مِنْهَا , فَيَذْكُرُونَ قَوْله : " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة " ,فَقُلْت لَهُمْ فِي أَثْنَاء ذَلِكَ : مُحَال أَنْ يَكُون مُرَاد صَاحِب الشَّرْع الْعُمْرَة الَّتِي يُخْرَج إِلَيْهَا مِنْ مَكَّة إِلَى أدْنَى الْحِلّ , وَأَنَّهَا تَعْدِل حَجَّة , ثُمَّ لَا يَفْعَلهَا هُوَ مُدَّة مَقَامه بِمَكَّة أَصْلًا , لَا قَبْل الْفَتْح وَلَا بَعْده , وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابه , مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَحْرَص الْأُمَّة عَلَى الْخَيْر , وَأَعْلَمهُمْ بِمُرَادِ الرَّسُول , وَأَقْدِرهُمْ عَلَى الْعَمَل بِهِ . ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَرْغَبُونَ عَنْ هَذَا الْعَمَل الْيَسِير وَالْأَجْر الْعَظِيم ؟ يَقْدِر أَنْ يَحُجَّ أَحَدهمْ فِي رَمَضَان ثَلَاثِينَ حَجَّة أَوْ أَكْثَر , ثُمَّ لَا يَأْتِي مِنْهَا بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ , وَتَخْتَصُّونَ أَنْتُمْ عَنْهُمْ بِهَذَا الْفَضْل وَالثَّوَاب , حَتَّى يَحْصُل لِأَحَدِكُمْ سِتُّونَ حَجَّة أَوْ أَكْثَر ؟ هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ مَنْ لَهُ مَسْكَة عَقْلٍ . وَإِنَّمَا خَرَجَ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعُمْرَة الْمُعْتَادَة الَّتِي فَعَلَهَا هُوَ وَأَصْحَابه , وَهِيَ الَّتِي أَنْشَئُوا السَّفَر لَهَا مِنْ أَوْطَانِهِمْ , وَبِهَا أَمَرَ أُمّ مَعْقِل , وَقَالَ لَهَا : " عُمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة " وَلَمْ يَقُلْ لِأَهْلِ مَكَّة :اُخْرُجُوا إِلَى أَدْنَى الْحِلّ فَأَكْثِرُوا مِنْ الِاعْتِمَار , فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة . وَلَا فَهِمَ هَذَا أَحَد مِنْهُمْ .
وكذلك جماعة التبليغ وهم كما وصفهم العلامة ابن عثيمين بقلة العلم والمعرفة بأحكام الشريعة نظروا إلى عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم فليبلغ الشاهد الغائب وغفلوا عن عمل صاحب الشريعة وعمل أصحابه الذي بين مراده فصاروا يخرجون جهال العوام دعاة إلى الله يرأسهم أمراء لاعلم لهم بالشريعة يتفرقون في بلدان العالم بغترون بزعمهم أنهم دعاة إلى الله ولما يحصلوا العلم النافع الصحيح الذي يرفعوا به الجهل عن أنفسهم فضلا عن غيرهم وفاقد الشيء كما قيل لايعطيه
مع أن النبي والصحابة أفهم الناس لمراد حديث فليبلغوا الشاهد الغائب ومع ذلك لم يخرجوا هذا الخروج الجماعي من قبل العوام للدعوة وتقوية الإيمان وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
والإمارة في الحضر بدعة وهم يبايعون في الحضر فلكل منطقة في العالم لهم أمير في الدعوة ولو كانت الإمارة في الحضر غير الولاية العمة والنيابة الخاصة خير لسبقونا رضي الله عنهم إليها فلم يصنعوها حتى في زمن الحجاج الظالم فلم تكن طريقة أنس ولا ابن عمر ولا في زمن أمراء القول بخلق القرآن في عهد أحمد ابن حنبل إمام أهل السنة المبجل فلم يفعلها لاهو ولا أصحابه وأقرانه من أهل العلم في عصرة فدل على أنها من محدثات الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شر الأمور محدثاتها وقال من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد . وقد أحسن العلامة الوالدالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في آخر فتاويه المتعلقة بهذه الجماعة بعد مارفعت له التقاري المفصلة عنهم في (المجلد الخمسين من مجلات البحوث العلمية الصادرة عن إدارة البحوث العلمية وهيئة كبار العلماء )
فقال لايجوز الخروج معهم إلا لمن يخرج لتعليمهم فعلق الشيخ الفوزان قائلا فهذا يدل أنه لاعلم لهم أي فاقد الشيء لايعطيه وقد قال بعضهم باب العلم قبل القول والعمل وقال تعالى فاعلم أنه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك .
فالحمدلله على السلامة من هذه الأهواء المضلة .
منقول