منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > منتدى اللغة العربية وعلومها > منتدى الشعر العربي

من شعر الحرب في الجاهلية

منتدى الشعر العربي


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي عارف النهدي مخالفة
عارف النهدي غير متواجد حالياً
 
عارف النهدي
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 5
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 413 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي من شعر الحرب في الجاهلية

كُتب : [ 01-29-2012 - 02:28 AM ]

يقدِّم أدبنا العربي القديم صفحاتٍ مُشرِقة من أدب الحرب؛ فقد لعبت الكلمة دورًا مشرفًا في جميع وَقائع القوم، فكان الشعر العربي منذ أقدم العصور يُواكِب المعارك والأيام والحروب، وكان للشعراء دورٌ في المعارك لا يقلُّ عن دور الفرسان فيها.
كانوا يحرِّضون على القتال، ويذكون رُوحَ الحَمِيَّة والحماسة، ويشجعون المقاتلين، ويَستَثِيرون الهمم والعزائم، ويذكرون الأمجاد والأحساب.
وإذا ما انتَهت المعركة رَثَوا أبطالَها وفرسانَها، وافتخروا بما حقَّقه الجيش من انتصار، وما أَوقَع في جند العدو من هزائم، واتَّخذ الشعراء من ذلك كله وسائلَ فخر وإعلان ودعاية، على نحو ما تَفعَله الصحف وأجهزة الإعلام المختلفة في أيامنا هذه.
وشعرنا العربي القديم شعر معارك وأيام، فقد كانت الغارة مَعْلَمًا واضحًا من معالم الحياة الجاهلية، وكانت الحروبُ بين القبائل لا تكاد تهدأ، وكان الشِّعر دائمًا يواكبها، لا يتخلَّف عنها في صغيرة ولا كبيرة، بل هو الذي كان يُشعِلها، ويوقد جذوتَها في كثيرٍ من الأحيان، وقد بلغ من مشاركة هذا الشعر في المعركة أنْ صار وثيقةً تاريخية مهمَّة عند المؤرخين والباحثين والدارسين، عند تَسجِيل أيام العرب وحروبها، بل هو من أهم الوثائق في هذا الميدان.
ومشاركة الكلمة في الحرب مشاركة قديمة، عُرِفت منذ العرب البائدة، فقد وقفت عفيرة بنت عباد من جديس تنعى على قومِها استسلامَهم للظلم، وهتك الحرمات، وتستعديهم على طسم، فتقول:

وَلَوْ أَنَّنَا كُنَّا رِجَالاً وَكُنْتُمُ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نِسَاءً لَكُنَّا لاَ نَقَرُّ بِذَا الْفِعْلِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُمْ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فَكُونُوا نِسَاءً لاَ يُعَبْنَ مِنَ الْكُحْلِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وقد أشعلت كلمات عفيرة حميةَ الرجال، وكانت سببًا لحرب طاحنة أبيدت فيها طسم، وغَسَلَتْ فيها جديس عارًا كادَ يَلحقُها أَبَدَ الدهر.
الشعر والحرب:
إنَّ الشعر عند العرب مقرونٌ دائمًا بالحروب والوقائع، بل إنَّ كلمتَيِ "الوقائع والأشعار" كثيرًا ما تَرِدان مُقترنتين في كتب التُّراث؛ يقول ابن سلام على سبيل المثال: "وكان قومٌ قلَّت وقائعهم وأشعارهم، فأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأيام...".
ويذهب بعضُهم إلى تعليل نشأة الشعر العربي بالحاجة إليه في ذكر الوقائع والأيَّام، والتغنِّي بما يكون فيها من أمجاد وبُطُولات؛ يقول ابن رشيق: "وكان الكلام كلُّه منثورًا، فاحتاجت العربُ إلى الغناء بمكارم أخلاقها، وطيب أعرافها، وذكر أيامها الصالحة، وأوطانِها النازحة، وفرسانها الأمجاد، وسُمَحَائها الأجواد؛ لتَهُزَّ أنفسها إلى الكرم، وتدُلُّ أبناءها على حسن الشيم، فتوهموا أعاريضَ جعلوها موازينَ الكلام...".
وكان الشِّعر لا يذكو إلاَّ في الحرب، وتكون النائرات التي بين القوم سببًا في ازدهاره وقوَّته، حتى إنَّ القبائلَ العربية التي لم يكن بينها حروب، ولم تعرف بوقائع وأيام لم يزدهر فيها شعر.
يقول ابن سلام: "وإنَّما كان يكثر الشعرُ بالحروب التي بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويُغَار عليهم، والذي قلل شعر قريش أنَّه لم يكن بينهم نائرة، ولم يُحاربوا، وذلك الذي قلل شعر عمان...".
ولم يكن تصوير الشعر العربي للحرب تصويرًا ساذجًا أو سطحيًّا على الإطلاق، بل كان في منتهى العمق والدقة، صوَّر كل صغيرة وكبيرة من شؤونها: حسناتِها وسيئاتِها، دوافعها وفواجعها، ضرورتِها والمآسي الناجمة عنها، ومثلما حرَّض عليها دعا إلى اجتنابها ما لم تكن حاجة إليها.
سأل عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - عمرَو بن معدي كَرِب - شاعر العرب وفارسها - عن الحرب، فقال: "مُرَّة المذاق، إذا قلصت عن ساق، مَن صَبَرَ فيها عَرَف، ومَن ضَعُفَ عنها تَلِف، وهي كما قال الشاعر:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وسأله عن السلاح، فقال: الرُّمح أخوك، وربَّما خانك، والنبل منايا تخطئ وتصيب، والتُّرس هو المجن، وعليه تدور الدوائر، والدرع مشغلة للفارس، متعبة للراجل، وإنَّها لحصن حصين...".
وهكذا فالمقاتل العربي يعلم حَقَّ العلم أن الحربَ مُرَّة قبيحة، وهي قد تغري الفارس في أول الأمر وتخدعه، كما تخدع الفتاةُ الصَّغيرة الشاب الغِرَّ، ولكنَّه ما يلبث أن يذوق ويلاتِها، وتنكشف له عجوزًا شمطاء قبيحة مخيفة.
ولكَمْ ذاق العربُ من حَرِّها ما ذاقوا، واصطلوا من نارِها ما اصطلوا! وهذا ما عبّر عنه قول زهير بن أبي سُلمى حكيم العرب وشاعرها:

وَمَا الْحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الشُّعراء الفرسان:
والواقع أنَّ القبائل العربية في الجاهلية كانت تعيش معيشة حربية، فهي أشبَه ما تكون بكتائب تنزل للرعي، ولكنَّها في الوقت نفسه تتجهز بالأسلحة الكاملة؛ كي تدفع الخصومَ عن مراعيها، أو تغير على غيرها، فتسبي نساء، وتنهب أموالاً، وتغنم غنائم، وقد اشتَهَر بين العرب جماعة من الشعراء الفرسان، وطار صيتهم بين القبائل؛ لِمَا أظهروا من ضروب البطولة، وما عرفوا به من مهارة الكَرِّ والفر.
وكان لشعرهم دَوْرٌ في المعارك، لا يقل عن دَوْرِهم الذي كانوا يُمارسونه بالسيف والسنان، ويلقانا في تاريخ الأدب العربي عددٌ كبير من أسماء هؤلاء الفرسان، وقصص مثيرة عن بطولاتِهم النادرة، كالمهلهل بن ربيعة التغلبي فارس حرب البسوس، وهو الذي أشعل نيرانها ثأرًا لأخيه كليب، ويدور شعرُه حول المعارك والحروب، فهو لا يني يحمس قومه، ويدعوهم للثَّأر من بكر، ويذكر الرُّواة أن المهلهل أول من قَصَّد القصائد، وذكر الوقائع.
ومن الفرسان المشهورين عامر بن الطفيل، فارس قيس، وأشدها بأسًا، وهو دائم الحديث عن فروسيَّته، وحسن بلائه في حروب قومه مع ذبيان في يوم (الرقم) ويوم (ساحوق) وغيرهما، ومن شعره يذكُر بطولته في يوم فيض الريح، ويتحدث عن فرس له يُسمَّى المزنوق:

لَقَدْ عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وَقَدْ عَلِمَ الْمَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عَلَى جَمْعِهِمْ كَرَّ الْمَنِيحِ الْمُشَهَّرِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إِذَا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ السِّلاَحِ زَجَرْتُهُ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وَقُلْتُ لَهُ: ارْبَعْ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وَأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الْفِرَارَ خِزَايَةٌ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عَلَى الْمَرْءِ مَا لَمْ يُبْلِ جَهْدًا وَيُعْذَرِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ومن الشُّعراء الفرسان المشهورين دريد بن الصمة، وخفاف بن ندبة، والزبرقان بن بدر، وعروة بن الورد، وقيس بن زهير، والسليك بن السلكة، والجحاف بن حكيم، وأبو المغلس مالك بن نويرة، وغيرهم كثيرون.
ولكن أشهر فارس احتَفظت به ذاكرة الأجيال منذ القديم وحتى يومنا هذا: عنترة بن شداد، الذي طارت شهرتُه بالفروسية والشجاعة الخارقة منذ الجاهلية، حتى صار مثلاً رفيعًا للبسالة والبطولة الحربيَّة، فهو الذي دَوَّخ الأبطالَ في حروب داحس والغبراء، واستعاد - ببلائه في الحرب - مكانته وحريته اللتين فقدهما؛ بسبب عبوديته وسواد لونه.
وشعر عنترة كلُّه في الحرب، والتغنِّي بشجاعته فيها، فهو فارسٌ شهم يقاتل لمجد قومه، وذب العار عنهم، ولا يقاتل للغنائم والأسلاب، وهو مقدام جسور في وقتٍ تشتد فيه الحرب، ويندر مَن يصبر على نارها، يقول في معلقته المشهورة:

هَلاَّ سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ أَنَّنِي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أَغْشَى الْوَغَى، وَأَعِفُّ عِنْدَ الْمَغْنَمِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الْفَمِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ الَّتِي لاَ تَشْتَكِي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
غَمَرَاتِهَا الْأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّهَا نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الْأَدْهَمِ نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وهكذا كان أدبنا العربي منذ أقدم العصور مجندًا لخدمة المعركة والحرب، ولو استَنطَقنا كتبَ التراث عند دَوْرِ الكلمة الجاهلية في وقائع العرب وغزواتهم لحدَّثتنا بثروة لا تنضب، وذخيرة لا تنفد.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Web/alkassab/0/25833/#ixzz1kpEZkugL


م.ن شبكة الألوكة
 

رد مع اقتباس
آصال غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )  أعطي آصال مخالفة
آصال
عضو مميز
رقم العضوية : 110
تاريخ التسجيل : Mar 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 238 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 02-02-2012 - 12:02 AM ]

مشكووووور


رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:09 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML