النصح والإرشاد في معاملة الأولاد
القواعد الحسان في تأديب الولدان
بلوغ الآمال في تربية الأطفال
النصح والإرشاد في معاملة الأولاد
الإيضاح والتبيين في تلقين البنين
خواطر وتأملات في تنشأة الأولاد والبنات
كتبه
الدكتور
ضياء بَدُّور
*باحث شرعي وطبيب نفسي*
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ...
فهذه خواطر وتأملات .. في تربية الأولاد والبنات
جمعت فيها خلاصات وعصارات .. من علم الشرع وعلم النفس وتجارب متممات
والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى سبحانه
إنه ولي ذلك والقادر عليه .. ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه
القاعدة الأولى
** التأديب من الآباء ، والإصلاح من رب الأرض والسماء **
هذه قاعدة عظيمة في تربية الأولاد ، أردت أن استفتح بها هذه القواعد لخطورتها وأهميتها
فكثير من الآباء يظن أنه قادر على تربية ولده بمهاراته التربوية وقدراته العقلية وملكاته النفسية !
ويظن أنه بإدخالهم لأفضل المدارس ، وتعليمهم أرقى العلوم ، وخلطهم بأرقى طبقات المجتمع
مسيطر على نفوسهم ، ومهيمن على تصرفاتهم
وهذا غلط فادح
ذلك أنه لا بأس أبدا أن يأخذ الوالدان بكل أسباب التربية المباحة المتاحة
ولكن البأس كل البأس في ركون قلوب الآباء لهذه الأسباب .. ثقة بها واعتمادا على قوتها وشأنها
فالإنسان إذا وكله الله إلى نفسه ضل .. وإذا وكله إلى علمه ذل
فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم .. وهو من هو في علمه وحلمه وحكمته وفطنته
قال له ربنا سبحانه : إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
وهذا نبي الله نوح عليه السلام لم يقدر على ابنه ..
حتى وصل الأمر أن قال لله رب العالمين مشفقا على ولده:
رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
فقال له ربنا جل وعلا :
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
ولذا كان من جملة ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم إذا أصبح
كما في مسند أحمد من حديث زيد بن ثابت في دعاء طويل :
وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة .. وإني لا أثق إلا برحمتك
فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وتب علي إنك أنت التواب الرحيم
ياالله .. تأملوا رعاكم الله في هذا المعنى الخطير .. الذي يغفل عنه كثير من الآباء في زماننا
لا تركنوا إلى أنفسكم في تربية أولادكم .. لا تركنوا إلى أفهامكم
لا تركنوا إلى عقولكم .. لا تركنوا إلى مهاراتكم
بل اركنوا إلى الركن الشديد .. والرب المجيد
الذي يقلب قلوب العباد .. ويلقي فيها بالخير والسداد
وفرقوا بين الأخذ بالأسباب .. وتعلق القلوب وتوكلها على مسبب الأسباب
فما عليكم إلا النصح والإرشاد .. وأما الإصلاح حقيقة فمرده إلى رب العباد.