منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي أ/أحمد مخالفة
أ/أحمد غير متواجد حالياً
 
أ/أحمد
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,285 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي [فائدة] هل حديث النفس يسمى كلاما في اللغة ؟

كُتب : [ 12-01-2012 - 03:52 AM ]

[فائدة] هل حديث النفس يسمى كلاما في اللغة ؟
قال الشيخ العلامة صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية عند قول الطحاوي -رحمه الله- : ( وإن القرآن كلام الله ... ) :


...(كَلامُ الله) هذا اللفظ الثاني، كلام الله هو صفة من صفاته.
والكلام أصله في اللغة: ما سمع من الأقوال وتعدى قائله، وهذا مأخوذ من اشتقاق المادة أصلا، مادة (الكاف واللام والميم) فإن (كَـ ـلَـ ـمَ) هذه تدل على قوة وشدة في تصريفاتها وتفريعاتها في لغة العرب كما حرر ذلك العلامة ابن جني في كتابه خصائص اللغة، وهذا يدل على أن حديث النفس لا يسمى في اللغة كلاما، وعلى القول الذي يسمعه صاحبه دون غيره -يعني ما يجريه على نفسه- لا يسمى كلاما في اللغة، أو يحرك به لسانه لا يسمى كلاما حتى يُسمع غيره، هذا يدل عليه من حيث الاشتقاق الأكبر والأوسط أن هذه الأحرف الثلاثة هذه (كَـ ـلَـ ـمَ) حيثما فرقتها لا تدل على خفاء ولا تدل على لين ولا تدل على رخاوة؛ بل هي تدل على قوة وصلابة وشدة، فخذ مثلا كَلَمَ بمعنى جَرَحَ، وكَلَّمَ بمعنى تحدّث وقب هذه الكلمة مَلَكَ فيه قوة، ولَكَمَ فيه قوة، وكمُلَ فيها قوة، فحيث صرّفت هذه المادة وقلبتها مستخدما الاشتقاق الأكبر أو الاشتقاق الأوسط فإن هذا يدل على قوة وشدة، ولا يدل على خفاء ورخاوة ولين، وهذا أصل مهم في هذا الباب في فهم معنى الكلام لغة.

قال العلامة الإمام الموفق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة الحنبلي في كتابه (البرهان في بيان القرآن) :
(( فإن قالوا-أي الأشاعرة ومن وافقهم- : إنما سُمي قرآنا لتضمنه للمعنى القديم ، فالمعنى هو القرآن و عبارته تسمى باسمه .
قلنا:
هذا لا يصح لوجوه :
أحدها : المطالبة بدليل يدل على أن المعنى يسمى قرآنا بمفرده ، فإنه لا يجوز التسمية إلا بنقل عن الشارع لكون التسمية شرعية لا تعلم إلا من جهته .
الثاني : أنه لو سُمي قرآنا لِتَضمّنه معناه ، لسمي كل ما تضمن ذلك المعنى قرآنا ! ، فعلى هذا لو قرأه بالعجمية أو عبّر عنه بأي لسان كان قرآنا ، و يجب أن يكون تفسير القرآن قرآنا لتضمنه المعنى!.
الثالث : أن القرآن للنبي –صلى الله عليه وسلم- الذي عجز الخلق عن الإتيان بمثله ، و الإعجاز يتعلق باللفظ و النظم .
الرابع : أنهم إنْ زعموا أن كلام الله شيء واحد لا يتعدد و لا يتجزأ ولا يتبعض ، والمعنى متعدد مختلف ، فإن معنى كل كلمة غير معنى الأخرى.
مثال ذلك في قوله تعالى :
{ و أوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي و لا تحزني }.
فإن معنى (أوحينا) الإلهام ، و (إلى) حرف معناه انتهاء الغاية ، و (أم موسى) والدته ، و (موسى) نبي الله -تعالى- ، وهذه معاني مختلفة.
و هذه الآية تشتمل على ثلاثة :
إخبار و شرط و أمرين ونهيين.
فمعنى الإخبار غير معنى الأمر والنهي ، ومعنى كل خبر غير معنى الآخر ، ومعنى كل أمر غير معنى الآخر ؛ فإنّ (أرضعيه) غير معنى (ألقيه في اليم) ، ومعنى (إنا رادوه إليك) غير معنى( وجاعلوه من المرسلين).
و إذا ثبت التغاير و التعدد فكيف جعلوه كلام الله –تعالى- مع ذلك؟!!
الخامس: أن معنى القرآن إن كان معنى التوراة والإنجيل ، فالكل شيء واحد ! ، و القرآن إذاً هو التوراة والإنجيل ! ، و تكون التوراة منزلة على محمد –صلى الله عليه وسلم- و القرآن على موسى-عليه الصلاة والسلام- و من قرأ القرآن فقد قرأ التوراة والإنجيل.
السادس: أن معنى القرآن إن كان على كلام الله تعالى بحيث لم بيق له كلام سواه فهذا خلاف قوله تعالى:
{ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا }.
و أن من حفظ القرآن فقد علم كل كلام الله تعالى و شاركه في علمه وكلامه ، وإن قال : إنه كلام الله ، فقد ناقض قولهم.
السابع : أن كلام الله -تعالى – مسموع ، متلو ، مكتوب ، فقد سمع موسى كلام الله –تعالى- و المعنى يفهم ولا يسمع ، وإنما يتعلق السماع باللفظ ، فكما لا يوصف المعنى بالرؤية ، كذلك لا يوصف بالسماع .
الثامن: أن إضافة المعنى إلى كلام الله - تعالى – دون اللفظ إن كان بمعنى كلام الله –تعالى- علمه به ؛ فهذا يشتمل على معنى كل شيء ، فإن الله - تعالى – بكل شيء عليم .
فعلى هذا : يكون الشعر والكلام قرآنا متناسقا ، معناه معلوما لله - تعالى – فإن كان ذلك لعدم حضوره في الفكر و بحديث النفس به ، فهذا ما لا يجوز إضافته إلى الله – تعالى - ، ولا يوصف بغير ما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله .
ثم من أين علموا ذاك؟!!
التاسع : أن الله-تعالى- أخبر أنه { قرآن مجيد في لوح محفوظ } .و { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون } .
و نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، والمكتوب في المصاحف و الألواح إنما هو اللفظ.

العاشر : أن القرآن كلام الله – تعالى – باتفاقنا ؛ و الكلام إنما هو اللفظ المشتمل على الحروف ، بدليل قوله تعالى :
{ آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا }.
و أراد اللفظ دون المعنى ، لأن الوحي إليهم تضمن المعنى ، ولزم منه حضور المعنى في قلبه ، وقد نفى كونه كلاما .
و كذلك قوله تعالى :
{ إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ....إلى قوله: فأشارت إليه } ، والحجة مثل الحجة في الآية الأولى .
و قال الله تعالى :
{ و يكلم الناس في المهد وكهلا } .
و قال :
{ و كلم الله موسى تكليما }.في اللفظ ، والمعنى في القلب لا يحصل به تكلم .
وقال : { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و قال صوابا }.
و قال :
{ و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم }.
ومن السنة :
قول النبي – صلى الله عليه وسلم - :
(( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى وصاحب جريج و صبي آخر )) أراد اللفظ .
و قال – صلى الله عليه وسلم - :
" بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها! ، فقالت له:
إني لم أخلق لهذا ، وإنما خلقت للحرث" ، فقال الناس: سبحان الله بقرة تتكلم؟!!
فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- :
"فإني آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر" ، وما هما في القوم ، وقال: وبينما راع يرعى غنما إذ عدا ذئب فأخذ منها شاة فخلّصها منه الراعي ،فالتفت إليه الذئب وقال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري . فقال الناس: سبحان الله ! ذئب يتكلم؟! فقال النبي –صلى الله عليه وسلم - :
(( فإني آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر )) ، وما هما في القوم.
و قال :
(( إن الله عفا عن أمتي الخطأ و النسيان و ما حدّثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل به )). فلم يسم حديث النفس كلاما.
و قال : (( إن صلاتنا هذي لا يصلح فيها شيء من كلام الناس )).
و رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – رجلا قائما في الشمس ، فقال :
(( ما شأن هذا ؟!)).
قالوا : هذا أبو إسرائيل ، نذر أن يقوم في الشمس و لا يجلس ولا يستظل و لا يتكلم و يصوم.
قال : ((مروه فليتكلم و ليجلس وليستظل و ليتم صومه)).
و قال : ((كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر ، وذكر الله -عزوجل- .
و قال :
((رحم الله من تكلم فغنم ، أو سكت فسلم )).
و الأخبار الدالة على هذا أكثر من تحصى ، وكذلك الصحابة ، فمن ذلك :
حديث أبي بكر حين رأى امرأة من الخمس لا تتكلم ، فسأل عنها ، فقالوا :
حجت مصمتة.
فقال : " إن هذا لا يحل ، فتكلمت ".
وقال عمر بن الخطاب :
(( من كثر كلامه كثر سقطه)) .
و قال رجل لسلمان :
" أوصني" . قال : لا تتكلم .
قال : فكيف يصبر رجل على أن لا يتكلم ؟
قال : "فإن كنت لا تصبر عن الكلام فلا تكلم إلا بخير أو اصمت".
و يروى عن سليمان بن داود – عليه السلام- أنه قال :
إن كان الكلام من فضة ، فالصمت من ذهب.
و نظمه بعضهم فقال:
إن كان من فضة كلامك**يا نفسي فإن السكوت من ذهب
و قال مالك بن دينار:
لو كُلف الناس الصمت لأقلوا من الكلام.
و قال بعض الشعراء :
و حديثها السحر الحلال لو أنه**لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يُملل و إن هي أوجزت**ود المحدّث أنها لم توجز
و قال آخر:
من الخفرات البيض ودّ جليسها**إذا ما قضت أحدوتة لو تعيدها
و قال آخر:
وحدثني عن مجلس كنت زينه**رسول أمين و الوفود شهود
فقلت له:ذكرالحديث الذي مضى*وذكرك من بين الحديث أريد
و قال أهل العربية:
الكلام من ثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف معنى.
و قال: الكلام ما أفاد المستفاد.
قال الحريري :
حد الكلام ما أفاد السّمَع **نحو سعى زيد و عمر ومتبع
و قالوا :
الكلام لا ينتظم إلا من كلمتين : اسم وفعل ، أو اسم وحرف في النداء خاصة.
و أجمع الفقهاء على أن من حلف لا يتكلم ، أنه يحنث بالنطق ، ولا يحنث بحديث النفس.
فصل
و إذا تقرر أن الكلام هو المشتمل على الحروف المنظومة ، والكلمات المعلومة ، بطل قول من ادعى أن القرآن اسم للمعنى ، لاتفاقنا على أنه كلام الله تعالى.
فإن قالوا: فقد قال الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما **جُعل اللسان على الكلام دليلا
قلنا:
سبحان الله!! ، هذا من أعجب الأشياء و أظرفها ، فإنهم تركوا قول الله تعالى ، وقول رسوله –صلى الله عليه وسلم- و قول أصحابه ، وقول سائر الناس ، وقول الشعراء ، وقول أهل العربية الذين ذكروا حقيقة الكلام و شرحوه ، وبينوا حده لكلمة نُسبت إلى الأخطل النصراني الخبيث!!! ، لا تدري أصحيحة أم متقولة.
و قد سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشّاب –رحمة الله عليه-
و كان إمام أهل عصره في العربية ، يقول :
قد فتشت دواوين الأخطل العتيقة ، فلم أجد هذا البيت فيها!!.
و قال أبو نصر السجزي :
إنما قال الأخطل :
إن البيان من الفؤاد ، فحرّفوه وقالوا: إن الكلام ، ثم لو صح ذلك فإنما سمّاه كلاما مجازا.
يعني: أن عقلاء الناس لا يتكلمون إلا بعد روية و فكر واستحضار معنى الكلام في القلب ، كما قيل: لسان الحكيم من وراء قلبه ، فإذا أراد أن يتكلم نظر ، فإن كان له قال ، وإلا سكت ، والأحمق إنما كلامه على طرف لسانه.
و يتعين حمل قوله على المجاز لثبوت حقيقة الكلام في النطق بما ذكرنا يقينا ؛ ولأن حقيقة الشيء ما يتبادر إلى الأفهام من إطلاق اللفظ به ، وهو ما قلنا ، ولأن تأويل كلمة الأخطل بحملها على مجازها أولى من تأويل قول الله-تعالى- ، وقول رسوله ، وقول سائر الخلق.
ثم إن قدّرنا أن كلام الأخطل لا يحتمل التأويل ، فنسبة الخطأ إليه أولى من نسبته إلى أهل العربية الذين ذكروا حقيقة الكلام ، و قولهم لا يحتمل التأويل أيضا.
ثم لو قدّرنا خلو كلام الأخطل عن معارض لم يجز أن يبنى مثل هذا الأصل العظيم و تأسيس مذهب برأسه على كلمة شاذة نادرة لا يعتقدها دليلا مع إمكان خطأ قائلها ، فإنه ليس بمعصوم عن الخطأ ، و لا هو من أهل الدين والتقى : نصراني يقذف المحصنات ، ويهجو الأنصار ، ويعيب الإسلام .
فلو لم يكن في مذهبهم من العيب إلا أن أساسه كلمة من قول الأخطل ، لكان من أشد العيب ، فكيف و قد خالفوا ربهم –تعالى- ونبيهم-صلى الله عليه وسلم- و سائر أهل اللسان – من المسلمين وغيرهم.
فما مثلهم إلا كمثل من بنى قصْرا شامخا ، وجعل أساسه أعواد القنب في مجرى السيول.
و لقد حدثني أبو المعالي أسعد بن منجا قال:
كنت يوما قاعدا عند الشيخ أبي البيان-رحمه الله تعالى- فجاءه ابن تميم الذي كان يُدْعى الشيخ الأمين ، فقال له الشيخ بعد كلام جرى بينهما :
ويحكم ما أنجسكم!! فإن الحنابلة إذا قيل لهم :
ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت؟
قالوا: قال الله-تعالى- وقال رسوله – وذكر الشيخ الآيات و الأخبار- ؛ و أنتم إذا قيل لكم :
ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس؟!!!
قلتم : قال الأخطل!! :
إن الكلام من الفؤاد!!
إيش هذا النصراني؟!!!
خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله ، وتركتم الكتاب والسنة !!.
فهذا ببديهة العقل يُعرف فساده ، و إذا تأمله متأمل علم أنه لا شيء!.
الحادي عشر: أن هذا الكتاب العربي إذا لم يكن من كلام الله -تعالى- فكلام من هو؟!!
فإن قالوا: هذا كلام جبريل!!.
قلنا : هذا فاسد لوجوه:
أحدها: ...................))اهـ.

و قال العلامة العثيمين في شرح(السفّارينية):
((قول الأشاعرة :
قالوا : إن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق ،
ولكن الكلام الذي نقر به هو المعنى القائم بنفسه وليس الشيء المسموع الذي يكون بالحروف ،
فإن هذا الشيء المسموع الذي يكون بالحروف خلق من مخلوقات الله خلقه الله تعبيراً عما في نفسه وليس هو كلام الله ، لكن إضافته إلى الله من باب المجاز ،
وتُجوِّز عما كان عبارة عن الشيء تجوّز به نسمي به الشيء فسمي كلام الله ، لأنه عبارة عنه وليس هو كلام الله ،
إذن الكلام هو المعنى القائم بالنفس وهو أزلي أبدي لا يتعلق بمشيئته ،
بل هو وصف لازم له ،
كلزوم الحياة والعلم والقدرة يعني أنه لا يتكلم متى شاء على زعمهم ،
كما أنه لا يعلم متى شاء علمه لازم لذاته ،
هم يقولون : الكلام لازم لذاته لا يتعلق بمشيئته ،
الجهمية والمعتزلة خير منهم من هذا الوجه ،
لأنهم يقولون : إن كلام الله يتعلق بمشيئته لكنه مخلوق ،
هم يقولون : لا يتعلق بمشيئته ولا بإرادته ،
ثم يقولون : إن ما يسمعه محمد عليه الصلاة والسلام وموسى وغيرهما من كلام الله إنما هو شيء مخلوق ،
فشاركوا الجهمية والمعتزلة في أن ما يسمع مخلوق ،
لكن الجهمية قالوا : هو كلام الله ،
وهؤلاء قالوا : عبارة عن كلام الله ،
فوافقوا الجهمية في أن المسموع مخلوق،
وخالفوهم في أنهم قالوا : إنه عبارة ، وهؤلاء قالوا : إنه حقيقة ،
فصار المعتزلة والجهمية خيراً منهم من هذا الوجه أيضاً ،
ونرد عليهم فنقول : دعواكم أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس هذا دعوى يكذبه الشرع وتكذبه اللغة ، وإذا كان يكذبه الشرع وتكذبه اللغة فهو باطل ،
أما الشرع : فلأن الله تعالى وصف القرآن بأنه كلام الله ،
والأصل أن الصفة حقيقة في موصوفها ، وهذا القرآن مسموع وبحروف ويتعلق بالمشيئة فكذب دعواكم بأن الكلام هو المعنى القائم بالنفس ،
وأما مخالفته للغة : فإنه لا يقال في اللغة للكلام كلام حتى يخرج باللسان ،
وإنما يذكر الكلام القائم بالنفس كلاماً مقيَّداً .
فيقال : حدث نفسه .
ويقال :حديث النفس .
ويقال : يقول في نفسه ،
أما عند الإطلاق : فإن القول والكلام لا يقال إلا لما يسمع ويكون بحروف ، فإذا قالوا : إن الله تعالى يقول { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } ( المجادلة 8 ) قلنا : هذا رد عليكم وليس لكم بل هو دليل عليكم وليس لكم ،
لأن الله لما أراد حديث النفس قال : { ويقولون في أنفسهم } ، ولما أراد حديث اللسان قال : { بما نقول } فأطلق ولم يقولوا بما يقولون في أنفسهم ، لأنهم يقولون بألسنتهم لكن يحدثون أنفسهم ويقولون { لولا يعذبنا الله بما نقول } فحديث النفس لا يسمى قولاً ولا كلاماً ولا حديثاً إلا مقيداً ،
وأما القول والحديث والكلام عند الإطلاق فإنما هو قول اللسان وهذا بالنسبة للآدمي لكنه القول المسموع الذي يكون بالحروف ،ثم إننا نقول لهم : أي فرق بين العلم والكلام على ما زعمتم ، لأن حقيقة الأمر أنه إذا كان الكلام هو ما قدره الله في نفسه صار معناه العلم ، فلا فرق بين العلم والكلام على زعمهم ،
فإن قالوا : قال الشاعر :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلاً ،
قلنا : وهذا دليل عليكم أيضاً وليس لكم ،
لأن الشاعر يريد أن الكلام المعتبر هو الذي يخرج من القلب ،ولكنه لا يسمى كلاماً ولا يضاف إلى الإنسان حتى يقوم عليه الدليل ، وبماذا يكون الدليل ؟ باللسان الذي ينطق فيسمع ويكون بحروف ، هذا إذا تنزلنا أن نوافق على الاستشهاد بهذا البيت ،
وأما إذا قيل : إن القائل لهذا البيت هو الأخطل ؟
فإنه لا دليل فيه ، لأن الأخطل رجل من النصارى يجوِّزون من الوهميات ما لا تجيزه العقول ، فالنصارى يقولون : إن الله ثالث ثلاثة ، ويقولون : نحن موحدون ، وكيف يكون موحد من جعل الآلهة ثلاثة فهم عندهم خطأ وعندهم ضلال ولهذا وصفوا بأنهم ضالون ، وإن قولاً يستشهد له ويستدل له بأقوال النصارى لقول مبني على شفا جرف هار .
إذا قال قائل : على أي شيء بنى المعتزلة قولهم وعلى أي شيء بنى الأشاعرة قولهم ؟
الجواب : نقول : أما المعتزلة فبنوا قولهم على نفي الصفات عن الله ،
لأنهم ينفون صفة الكلام فهم يثبتون الأسماء وينفون الصفات .
وأما الأشاعرة فبنوا قولهم على امتناع قيام الحوادث بالله ،
وقالوا : الشيء الحادث الذي يكون بالمشيئة لا يقوم بالله أبداً ، لماذا ؟
قالوا : لأن الحادث لا يقوم إلا بحادث ، فإذا قامت بالله الحوادث لزم من ذلك أن يكون حادثاً ، وهذا لا شك أنه خطأ .
أما مذهب المعتزلة والجهمية فظاهرٌ خطؤه لأنهم ينكرون جميع الصفات ونحن نثبت لله جميع ما أثبته لنفسه ،
وأما الأشعرية فنقول : من قال : إن الحادث لا يقوم إلا بحادث ؟
قد يقوم الحادث بالقديم أي بالأزلي الأبدي ، وهذا من كمال الله أن يكون فعله متعلقاً بمشيئته وأن يحدث من أمره ما شاء ،
ونقول لهم : ماذا تقولون في قوله تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون } ( يس 82 ) فإن الآية واضحة بأنه عند إرادة الشيء يقول له : { كن فيكون } ،
والفاء تدل على الترتيب والتعقيب ؟
إذن فالأمر بالكون سابق للكون لكنه متصل به { كن فيكون } ،
فإن ادعوا أن المراد يقول في الأزل : { كن } ،
فالجواب : أن هذا خلاف الظاهر ، لأن { كن فيكون } تدل على أنه هذه عقب هذه ، وهذا يستلزم أن يكون قوله حادثاً عند وجود ما أراده عز وجل ))اهـ.

و قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ في (شرح الواسطية) :
((والكُلاّبية هم أول من أحدث القول بأن كلام الله قديم .
أول من أحدث في الأمة أن القرآن كلام الله مخلوق هم : الجعدية ، الجهمية ، المعتزلة .
وأول من أحدث أن القرآن هو كلام الله وهو قديم وهو معنى نفسي هم الكُلاّبية أتباع عبد الله بن سعيد بن كُلاّب وتبَِع ابن كلاب على ذلك الأشعري ومن تبعه على مذهبه .
والسبب أن هذه المسألة لما أن الأشعري ترك المعتزلة وخلع مذهبه ذهب في بغداد اللي هي دار الخلافة العباسية ، يُدَرِس فيها في المساجد ، المعتزلة يُدَرِسون والكلابية يُدَرِسون والكرامية ، أصحاب كل مذهب لهم حلقات ، فلحق بحلقة أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب ، فسمعهم يتكلمون في مسألة الكلام فأعجب بكلامهم في أن كلام الله جل وعلا قديم وأنه معنى نفسي وأنه يختلف بالعبارة فأخذ كلامهم ونصره وصار كُلابيا اللي هو أبو الحسن الأشعري .
وهكذا يعد مذهب الأشاعرة يعد مذهبا كُلابيا .
المقصود : قالوا إن كلام الله قديم هنا هو معنى نفسي .
هذا المعنى النفسي واحد من حيث الصفة متعدد من حيث المعني .
إن تعلق بالمأمور سمي أمرا وإن تعلق بالنهي سمي نهيا وإن تعلق بالخبر سمي خبرا .
ومجموعها يقال له كلام الله ، وهو واحد ولكنه متعدد من جهة ما ألقي في رُوع جبريل ، فألقى الله جل وعلا كلامه القديم في رُوع جبريل بالعبرانية فصار توراة ، وبالسريانية فصار إنجيلا وبالعربية فصار قرآنا .
يعني عندهم أن الكلام معنى نفسي ليس عندهم الكلام يكون بحرف وصوت بل هو معنى نفسي قديم ، لماذا ؟ ما حجتكم في ذلك ؟
قالوا مستحيل أن يكون الكلام بحرف وصوت .
والأدلة دلت على أن الكلام صفة لله جل وعلا ، الأدلة التي ذكرنا التي سمعتم دلت على أن الكلام صفة الله جل وعلا ، والكلام مستحيل أن يكون حرفا وصوتا .
لأن معنى ذلك أنه يشبَّه الله جل وعلا بخلقه ، فما المخرج ؟
قالوا وجدنا في كلام العرب قول الشاعر :
جُعل اللسان على الفؤاد دليلا إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
ووجدنا قول عمر فيما حصل في سقيفة بني ساعدة أنه قال (فزوّرت في نفسي كلاما)
فدل - على قولهم - على أن الكلام يحتمل شيئين :
- يحتمل أن يكون بحرف وصوت
- ويحتمل أن يكون معنى نفسيا في داخل المتكلم ، والحرف والصوت ممتنع في حق الله جل وعلا فجعلنا ذلك معنى نفسيا ، لأن الكلام صفة ثابتة بالنصوص لا يمكن إنكاره .
- ردا على المعتزلة - فإذن هم ردوا على المعتزلة أن القرآن مخلوق وأن كلام الله مخلوق وقالوا لا بل هو صفة وأتوا بالأدلة .
لكن لأجل أن المعتزلة قالوا هو حرف وصوت وكان ذلك دليلا عندهم على أنه مخلوق هربوا من ذلك إلى ضده فأتوا بالمعنى النفسي أخْذا من قول الأخطل كما زعموا النصراني : دليلا إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد
وبقول عمر فيما زعموا أيضا (فزوّرت في نفسي كلاما) .
والجواب عن هذا أن نقول : إن الكلام في لغة العرب لا يحتمل المعنى النفسي بل لا بد أن يكون بحرف وصوت .
والمعتزلة من حيث اللغة أحذق من الأشاعرة ، الأشاعرة أكثرهم عجم والمعتزلة لهم تحقيق في مسائل اللغة .
فلما قالوا الكلام حرف وصوت نقول نعم كلام العرب دل على أن الكلام لا يكون إلا بحرف وصوت واستدل على ذلك ابن جني في كتابه الخصائص بأن هذه الأحرف الثلاثة (الكاف ، واللام ، والميم) في لغة العرب في اللسان العربي الكريم كيفما جمعتها لا تدل على لين وسهولة وإنما تدل على قوة وشدة ، كيف ذلك ؟
قال خذ (كَلَمَ) يعني جرح ، خذ (مَلَكَ) خذ (كَمُلَ) خذ (لَكَمَ) إلى آخره ، فتصريفاتها تدل - بتقليباتها الذي يسمى الاشتقاق الأكبر - هذه تدل على قوة وشدة ولا تدل على لين وسهولة والذي يدل على القوة والشدة هو إخراج الكلام بحرف وصوت أما المعنى النفسي الداخلي فهذا مبالغة في اللين والسهولة لا يناسب معنى (تكلم) في لغة العرب .
وهذا الذي ذكره نفيس وصحيح لأنه يوافق الاشتقاق الأكبر ويوافق ما نعلمه من لغة العرب من أسرار في مثل ارتباط الكلمات وتصريفاتها وتقليبات الأحرف والكَلِم بعضها مع بعض .
هذا واحد .
قولكم إن الكلام يكون في الفؤاد نقول :
1 - هذا ما أخذتموه إلا من البيت الذي زعمتموه من قول الأخطل والأخطل أولا نصراني ، الأخطل التغلبي نصراني ، والنصارى أعظم ضلالهم في مسألة الكلام لأن قالوا الله جل وعلا سمى عيسى كلمة الله فجعلوا الكلمة هي من معنى أنه صفة الله فالنصارى ضلت في باب الكلام في نفسه هذا أولا ، وإذا كانت ضلت فلا يؤمَن أن النصراني هذا استعمل شيئا مما ورثه من ديانته ، هذا واحد .
2 - الثاني هذا البيت لم نجده في نسخة لا أصل ولا مشروحة من نسخ ديوان الأخطل ولا في ملحقاتها مما حفظه أهل اللغة ، لا يوجد في كلام في ديوان من دواوين الأخطل لا المشروحة ولا الأصول ، فمن أين أتيتم به ؟
3 - الثالث نقول : روي هذا البيت على وجه آخر ، روي بقوله :
إن البيان لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليلا
فهذا يدل على أن لفظة الكلام غير محفوظة ، وإذا كان كذلك فلا يسوغ الاحتجاج في اللغة بما يهدم الأصل بكلام غير محفوظ .
وقوله (إن البيان لفي الفؤاد) هذا يوافق اللغة .
البيان في الفؤاد لكن الكلام لا يمكن أن يكون في الفؤاد .
أما قولهم عن عمر أنه قال (فزورت في نفسي كلاما) نقول :
الرواية المحفوظة (فزورت في نفسي مقالا) وأما (فزورت في نفسي كلاما) فعلى فرْض صحتها فهو قال (زورت في نفسي كلاما) ولم يقل (قلت في نفسي كلاما) .
فزور في نفسه شيئا سماه كلاما باعتبار أنه سيخرجه لا باعتبار وجوده في داخل نفسه فافترق الأمر.
الجواب على كلامهم في هذا يطول ))اهـ..

 

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML