الوقفة الثالثـــــــــــــة الصحابة والرسالة :
مما لا شك فيه أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا الذي عليهم وبقي الذي لهم
فهم أدو الأمانة كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , ونصحوا الأمة كما أمرهم وجاهدوا في الله حق جهاده كما رباهم وعودهم .
ولإثبات ذلك ومن باب الإشهاد عليه ممن تعتبر شهادته عند القوم نرجع إلى أقوال الأئمة وتعاملهم مع خير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم الصحابة عامه والخلفاء خاصة فتأمل ما يأتي من كتب القوم نفسها في نقاط ثلاث:
النقطة الأولى إثباتهم بالقول أن الخلفاء أهل للخلافة :
النقطة الثانية بيعتهم إياهم والوقوف معهم في سرائهم وضرائهم:
النقطة الثالثة ثنائهم عليهم والوقوف لمن حاول النيل منهم:
النقطة الأولى إثباتهم بالقول أن الخلفاء أهل للخلافة :
مع توالى الهجمات على الصحابة عموما والخلفاء منهم خاصة إلا أن غياب هجموم الأئمة عليهم من الملاحظ جدا بل يعجز الشيعة السبابة أن ينسبوا ذلك لأهل البيت وأئمتهم فيرتاحوا من العناء وينسبوا الحكم في إليهم .
بل إن الواقع الملاحظ هو إثبات الأئمة رحمهم الله جدارة الخلفاء وأهليتهم بالخلافة ومن ذلك ما يلي :
1: كان الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه يعدّ الفاروق ملجأ للإسلام، ومأوى للمسلمين ومرجعهم الذي لا غنى لهم عنه كما جاء في قوله : "إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك، فتلقهم، فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم ، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلا محربا ، احفز معه أهل البلاء والنصيحة ، فإن أظهر الله فذاك ما تحب ، وإن تكن الأخرى كنت ردء الناس ومثابة للمسلمين" نهج البلاغة :1/ 137.
2: كان الإمام علي رضي الله عنه يثني على عمر وعلى خلافته وحكمه كما جاء في قوله : " لله بلاء عمر ، فقد قوم الأمد ، وداوى العمد ، خلف الفتنة ، وأقام السنة ، ذهب نقي الثوب، قليل العيب ، أصاب خيرها ، وسبق شرها ، أدى إلى الله طاعته، واتقاها بحقه " نهج البلاغة : 2/ 222.
3: كان الإمام علي رضي الله عنه حريصا على بقاء عمر رضي الله عنه فكان يشير عليه بالبقاء وعدم الخروج في المعارك لأن العدو يتربص به كما في قوله : "....فكن قطبا ، واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دون نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك, إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولون : هذا أصل العرب ، فإذا اقتطعتموه استرحتم ، فيكون أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك " نهج البلاغة :1/ 166.
4: هاهو الإمام علي يثني على عثمان رضي الله عنهما كما جاء في قوله:" إن الناس ورائي وقد استنفروني بينك وبينهم والله ما ادري ما أقول لك، ما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعمل وما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيءٍ فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب أولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا فالله الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى ولا تعمل من جهل" نهج البلاغة :2 /48.
5: هاهو الإمام علي رضي الله عنه يثني على خلافة الخلفاء رضوان الله عليهم جميعا كما جاء في كتاب صفين للنجاشي حيث قال:"أما بعد فإن الله بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنقذ به من الضلالة وأنعش به من المهلكة وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، ثم استخلف أبو بكر عمر وأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة ,ثم ولي أمر الناس عثمان، فعلم بأشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم، فقالوا لي: بايع، فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع، فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم" كتاب صفين للنجاشي: ط إيران ص105.
6: وهاهو رضي الله عنه يثني على خلافة الفاروق ومعترفا بفضله كما جاء في شرح نهج البلاغة قال: "وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيّدهم به، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام كما زعمت وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصديق وخليفة الخليفة الفاروق ولعمري أن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصائب بهما لجرح في الإسلام شديد يرحمهما الله، وجزاهم الله بأحسن ما عملا" شرح نهج البلاغة لابن ميثم :ط إيران ص488.
7: هاهو الإمام علي مبينا سبب بيعته لأبي بكر رضي الله عنهما وأهليته بالخلافة فقال : " لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه " شرح نهج البلاغة ج1/130 , وج2/45 , وج6/40 , الاحتجاج للطبرسي ص50 .
8: وهاهو رضي الله عنه مجيبا عندما قيل له : ألا توصي, فقال : "ما أوصى رسول الله فأوصي , ولكن إذا أراد الله بالناس خيرا , استجمعهم على خيرهم , كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم " الشافي في الإمامة لعلم الهدى المرتضى علي بن الحسين ص171 .
9: بل ها هو رضي الله عنه ينعاهما ومبينا حقهما وفضلهما قائلا : "حبيباي وعماك أبو بكر وعمر , إماما الهدى , وشيخا الإسلام , ورجلا قريش , والمقتدى بهما بعد رسول الله, من اقتدى بهما عصم , ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم " تلخيص الشافي للطوسي ج2/428 ط النجف , الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم للبياضي ج3/149 .
10: بل هاهو ينعى الفاروق رضوان الله عليهما فيقول " إني لأرجو الله أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى"الفصول المختارة: 58، إرشاد القلوب: 336، معاني الأخبار: 412، بحار الأنوار: 10/296- 28/105، 117.