ضرر التدخين وحكمه
قال الله تعالى: )ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن(. الأنعام: (151).
وقال تعالى: )ولا تقتلوا أنفسكم( . النساء: (29).
فلقد ابتلينا في هذه الأزمان ببلوى عمت وطمت إلا من رحم الله تعالى منهم
لقد انتشر في الشعوب الإسلامية شرب الدخان الذي لا يشك عاقل أنه من الخبائث، بحيث أدرك كل عاقل خبثه وبشاعته ونفور العقول والفطر عنه، لذا وجب إظهار حكمها وإدراجها تحت عموم النصوص الشرعية على أصل القياس الصحيح لبيان حكمها .
قال الله تعالى في وصف نبيه r: )يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث(. الأعراف: (157).
اعلم أن الأطعمة على قسمين لا ثالث لهما: طيب أو خبيث.
وقال النبي r : "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، قال تعالى : )يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً(. المؤمنون (51) .
وقال تعالى : )يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما زرقناكم(.[البقرة: 172] . رواه مسلم .
ومفهوم هذه النصوص تحريم ما ليس بطيب ، والنهي عنه .
وقال تعالى : )قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث(. المائدة (100).
هذا أولا.
أما ثانيا : فهو من إضاعة المال وإذهابه، فيكون إسرافا، وقد ذم الله سبحانه وتعالى المسرفين والمبذرين .
قال تعالى : ) وأتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين(.الأنعام (141).
وقال تعالى : ) ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين( . الإسراء (27).
قال مجاهد : "لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ما كان تبذيرا، ولو أنفق منه مدا في باطل كان تبذيرا" .
وقال قتادة : "التبذير النفقة في معصية الله، وفي الفساد، وفي غير الحق".
وفسر ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم وغيرهم الإسراف بأنه النفقة في معصية الله وفي غير الحق.
وقد تكاثرت الأحاديث بالنهي عن إضاعة المال، ففي حديث المغيرة في الصحيح : "وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" .
وعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : "لا تزول قدما عبد، حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به".
ثالثا: الأضرار التي يسببها التدخين، إن التدخين يسبب أضرار في الجسم بليغة تسبب الموت وتهلك الجسم كما هو ظاهر من حال المدخنين وصرح به الأطباء المختصون، وقد علم القاصي والداني ما يتركه التدخين على الأجسام من آفات منها:
1. تصلب الشرايين.
2. ارتفاع في نسبة النكتين في الدم.
3. ضعف القلب.
4. التسبب في أمراض السرطان والرئة.
هذا إلى جانب آثار عامة أخرى على الجهاز التنفسي أهمها:
1. زيادة إفراز المخاط.
2. توقف النشاط الشعيري في إخراج البلغم.
3. زيادة تقلص العضلات الصغيرة المحيطة بشعب الهوى.
4. توقف نشاط البلاعيم وخلايا أكله الموجودة في الحويصلات الهوائية.
5. تغيرات في الغشاء المخاطي للقصبة الهوائية والشعب الهوائية.
إلى غير ذلك من التأثيرات على القلب وعلى الجسم بشكل عام.
وكذلك الأضرار بالآخرين عند استنشاق الدخان من المدخنين.
وقد تكاثرت النصوص من الكتاب والسنة بالنهي عن الإضرار بالنفس وبالآخرين.
قال الله تعالى : )ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة(. البقرة: (195).
وقال تعالى : ]وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [ . (الأحزاب:5)
وقال النبي r: "لا ضرر ولا ضرار". رواه أحمد عن ابن بعباس، وابن ماجة عن ابن عباس وعبادة رضي الله عنهما، صحيح الجامع برقم (7393)، والسلسلة الصحيحة برقم (250) والإرواء ( .
ونقل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى عن الأطباء قولهم في التبغ : هو نبات حشيشي مخدر من الطعم، وبعد التحقيق والتجربة ظهر أن التبغ بنوعيه: التوتوت، والتنباك، من الفصيلة الباذنجانية، التي تشمل على أشر النباتات السامة، كالبلادونا، والبرش، والنبج، وهما مركبان من أملاح البوتاس، والنوشادر، ومنه مادة صمغية، ومادة حريفة، تسمى "نيكوتين" قالوا: وهي من أشد السموم فعلا. أ.هـ . الفتاوى (ص1) .
وقال حجر أحمد حجر –كلية الطب- جامعة كولورادو :
هناك أمراض كثيرة يسببها التدخين، أو يزيدها سوءاً لا يمكن حصرها هنا، مثل قرحة المعدة، الإجهاض، موت الجنين، وخفة وزن المولود لأم مدخنة، وأمراض الشرايين وضعف البصر ...الخ.
وهكذا فإن الحقائق السابقة تشير إلى مدى إضرار التدخين ، وأن التدخين ليس إلا انتحار بطيء ، وإننا نشجع من لا يدخن ألا يتشبث بالتدخين ، والمدخن أن يبادر إلى الإقلاع ، وترك الهواء النقي يتسرب إلى رئتيه . اهـ. "الخمر وسائر المسكرات" ( ص 162) .
رابعا: أنه مفتر.
في اللسان: المفتر الذي يفتر الجسد إذا شرب، أو يحمي الجسد، ويصير فتورا.
وقال الخطابي: المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، أ.هـ . معالم السنن الجزء الخامس .
وفي القاموس فتر: سكن بعد مدة ولان بعد شدة، وفتر جسمه فتورا، لانت مفاصله وضعف، وأفتره الداء: أضعفه، والفتار كغراب ابتداء النشوة، فالتفتير في الدخان فلا شك فيه وقد نهى النبي r عن ذلك.
فعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت : نهى رسول الله r عن كل مسكر ومفتر. رواه أحمد في المسند وأبو داود في سننه.
وهذا الحديث من أصرح الأدلة في تحريم الدخان والخمر.
وهناك عدة رسائل نافعة في التدخين وضرره وحكمه.
ومنها رسالة للشيخ ابن جبرين حفظه الله تعالى . واسمها "التدخين مادته وحكمه في الإسلام" .