الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعـد :
فأثناء تصفحي لكتاب [ سرعة العقاب لمن خالف السنة والكتاب ]
عثرت على مناظرة للإمام الأوزاعي - رحمة الله عليه - ناظر فيها قدرياً بين يدي الخليفة هشام بن عبد الملك
يظهر فيها بجلاء أن فقه السلف أسلم وأحكم وأعلم
وأصل المناظرة في [ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي ] والنقل سيكون من المصدر الأصلي .
جاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ( 4 / 795 - 796 ) :
بَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ رَجُلًا قَدْ ظَهَرَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ وَقَدْ أَغْوَى خَلْقًا كَثِيرًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ فَأَحْضَرَهُ
- فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟
- قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلْقِ الشَّرِّ
- قَالَ: بِذَلِكَ أَقُولُ، فَأَحْضِرْ مَنْ شِئْتَ يُحَاجِّنِي فِيهِ، فَإِنْ غَلَبْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ عَلِمْتَ أَنِّي عَلَى الْحَقِّ، وَإِنْ هُوَ غَلَبَنِي بِالْحُجَّةِ فَاضْرِبْ عُنُقِي
- قَالَ: فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ فَأَحْضَرَهُ لِمُنَاظَرَتِهِ
- فَقَالَ لَهُ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ شِئْتَ سَأَلْتُكَ عَنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ ثَلَاثٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَنْ أَرْبَعٍ؟
- فَقَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ
- قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى؟
- قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي فِي هَذَا شَيْءٌ
- فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ؟
- قَالَ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى
- فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ اثْنَتَانِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ؟
- قَالَ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ ثَلَاثٌ، قَدْ حَلَّ بِهَا ضَرْبُ عُنُقِهِ، فَأَمَرَ بِهِ هِشَامٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: يَا أَبَا عَمْرٍو فَسِّرْ لَنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ
- فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَيَّ مَا نَهَى؟ نَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ فَأَكَلَهَا، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَالَ دُونَ مَا أَمَرَ؟ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ ثُمَّ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَ عَلَى مَا حَرَّمَ؟ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ثُمَّ أَعَانَنَا عَلَى أَكْلِهِ فِي وَقْتِ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ
- قَالَ هِشَامٌ: وَالرَّابِعَةُ مَا هِيَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟
- قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ: مَشِيئَتُكَ مَعَ اللَّهِ أَمْ دُونَ اللَّهِ؟ فَإِنْ قَالَ: مَعَ اللَّهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكًا، أَوْ قَالَ: دُونَ اللَّهِ فَقَدِ انْفَرَدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَأَيُّهُمَا أَجَابَنِي فَقَدَ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهَا
- قَالَ هِشَامٌ: حَيَاةُ الْخَلْقِ وَقَوَامُ الدِّينِ بِالْعُلَمَاءِ .
منقول