بسم الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله و وأصحابه، ومن اهتدى بهداه واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً-.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) .
( ا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرا ْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد-صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النّار.
أما بعــد :
فهذه بعض النقولات لأهل العلم جمعتها لكي يستنير بعض إخواننا بها في الرد على المقالة التي يثيرها بعضهم أنه لا يرد الخطأ إلا العالم و لا يجوز لطالب العلم أن يرد على أحد و لا يقبل كلامه و ترد كل المسائل للعلماء و إن كانت واضحة الخطأ و لا يخفى أن الخطأ إما ظاهر يشترك في معرفته العالم و طالب العلم و إما خفي مشكل .
فالأول :
يجوز لطالب العلم الرد و قد يجب عليه ذلك إذا كان في بلد ليس فيه علماء فلا يسكت على الباطل و آهله فيجوز له أن يبين أحوال أهل الباطل من الروافض و الخوارج و الفرق الضالة الحادثه و يبين احوال الزائغيين كأبي الحسن و عرعور و الحلبي و يبين ما عند إبراهيم الرحيلي من القواعد التي خالف فيها أهل السنة بالحجة و البرهان فترى البعض يقرر كلاماً لأبي الحسن أو الحلبي و يطعن في أهل السنة و له صولات و جولات فإذا بينت انحرافه بالأدلة و البراهين قام لك بعض الناس فيخذلونك بأسلوب قد ينطلي على بعض الشباب ألا وهو نرد هذه المسائل للعلماء مع وضوحها و مخالفتها لمنهج السلف و هم في الحقيقة من أبعد الناس في رد المسائل لأهل العلم و لكن بأسلوبهم هذا يتهربون من النطق بالحق و الصدع به و إلا كيف لا نبين انحراف من يطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و من يؤيد أخوة الأديان و وحدة ألأديان بحجة أنك طالب علم و هذه المسائل للعلماء فقط .
و هذا إنما هو من تكميم الأفواه و الارجاف على طلبة العلم السلفيين و إذا قام شخص ببيان بعض الضلالات صوروه في صورة المتشدد الذي لا يحسن النظر في المصالح و المفاسد .
و قد يحولون القضية المنهجية إلي مشكلة شخصية حتي يضيع الحق .
و قد أحببت أن أنقل بعض فتاوى أهل العلم في هذا الباب من مشايخنا الأفاضل و على رأسهم شيخنا العلامة ربيع بن هادي حفظه الله و غيره من أهل العلم قدمت لها بخمس مقدمات .
الفصل الأول : فضل العلم و العلماء .
الفصل الثاني : وجوب الرجوع للعلماء .
الفصل الثالث : فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .
الفصل الرابع : عدم الرد على أصحاب المقالات هو من كتمان العلم .
الفصل الخامس : نقولات من كلام العلماء حول هذه الشبهة .
فضل العلم و العلماء
قال تعالى : (( قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ))
يقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره بعد أن ذكر معنى الأية قال .... أو المراد العلماء و الجهال و معلوم عند كل من له عقل أنه لا استواء بين العلم و الجهل و لا بين العالم و الجاهل .
قال الدينوري في أدب الدنيا و الدين بعد ذكره للآية السابقة فمنع الله سبحانه من المساواة بين العالم و الجاهل ، لما قد خص به العالم من فضيلة العلم قال تعالى (( وما يعقلها إلا العالمون)) فنفى أن يكون غير العالم يعقل عنه أمراً أو يفهم عنه زجراً .
قال تعالى (( و قل ربي زدني علما )) .
و قال تعالى (( نرفع درجات من نشاء )) يعني في العلم .
و قال تعالى (( يرفع الله الذين أمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات ))
و قال تعالى (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) .
قال الشوكاني رحمه الله فهو سبحانه قد عين في هذه الآية أهل خشيته وهم : العلماء به.
قال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عزوجل .
قال مسروق : كفى بخشية الله علماً و كفى بالاغترار به جهلاً فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم .
قال ابن كثير عند هذه الآية أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كل ما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم و العلم به أكمل كانت الخشية له أعظم و أكثر .
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن معاوية رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )) فمفهوم المخالفة أن الذي لا يريد الله به خيرا لا يفقه في الدين و العلماء ورثة الأنبياء و الأنبياء لم يورثوا درهماً و لا ديناراً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحض وافر .
و في البخاري ومسلم أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه و سلم (( لا حسد إلا في اثنتين ... ....ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها )) .
و في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ... ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلي الجنة )) .
وجاء في جامع بين العلم عن مطرف قال : فضل العلم أعجب إلي من فضل العبادة .
قال : الزهري : ما عُبد الله بمثل الفقه .
و قال : الشافعي : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .
وقال: عبيد الله بن أبي جعفر : العلماء منار البلاد منه يقتبس النور الذي يهتدى به .
قال : ميمون بن مهران : إن مثل العالم في البلاد كمثل عين عذبة في البلد .
قلت : وكفى بالعلم شرفاً أن ينتسب إليه من ليس من أهله و كفى بالجهل قبحاً أن يتبرأ منه من هو فيه .
وجوب الرجوع للعلماء
قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم )) .
قال إبن العربي المالكي في أحكام القرءان في قوله تعالى (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم )) فيها قولان :
القول الثاني : قال : جابر هم العلماء و به قال أكثر التابعين واختاره مالك و قال مطرف و بن مسلمة : سمعنا مالكاً يقول : هم العلماء .
قال شيخ الإسلام بن تيمية عند الآية (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم )) كما في الفتاوى أقوال تجمع العلماء و الأمراء و لهذا نص الإمام أحمد و غيره على دخول الصنفين في هذه الآية إذ كل منهما تجب طاعته في ما يكون من طاعة الله .
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة عند الآية (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم )) فسر أولي الأمر بالعلماء قال : إبن عباس هم الفقهاء و العلماء أهل الدين الذين يعلمون الناس دينهم أوجب الله تعالى طاعتهم وهذا قول مجاهد و الحسن و الضحاك و إحدى الروايتين عن الإمام أحمد ......... و الآية تتناولهما جميعاً فطاعة و لاة الأمر واجبة إذا أمروا بطاعة الله و رسوله و طاعة العلماء كذلك .
و قال إين القيم في إعلام الموقعين و التحقيق أن الآية تتناول الطائفتين يعني الأمراء و العلماء و طاعتهم من طاعة الرسول لكن خفي على المقلدين إنما يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بأمر الله و رسوله فكان العلماء مبلغين لأمر الرسول و الأمراء منفذين له فحينئذ تجب طاعتهم تبعاً لطاعة الله و رسوله .
قال : الشاطبي كما في الموافقات على الجملة فالمفتي مخبر عن الله كالنبي موقع للشريعة على أفعال المكلفين بحسب نظره كالنبي ونافذ أمره في الإمارة بمنشور الخلافة كالنبي و لذلك سموا أولوا أمر و قرنت طاعتهم بطاعة الله .
قال : الألباني رحمه الله : في التعليقات الرضية و أعلم أن الآية و إن كان نزولها في طاعة الأمراء فإنها بعمومها تشمل العلماء أيضاً و هذا اختيار ابن القيم و ابن كثير .
قال : ابن باز رحمه الله : في بيان حقوق ولاة ألأمور " فطاعة و لي الأمر تابعة لأمر الله و رسوله فإن أولي الأمر هم الأمراء و العلماء و الواجب طاعتهم في المعروف " .
وقد سئلت شيخنا أحمد النجمي رحمه الله عن تفسير الآية فقال الصحيح أنها عامة ،العلماء تجب طاعتهم في الدين ، و الأمراء تجب طاعتهم في السياسة .
وقد ذهب إلي هذا جمع من العلماء المعاصرين و إنما لم أنقله خشية الإطالة .
قال تعالى ( و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلي الرسول و أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )) .
و قال تعالى (( فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
قلت : فالرجوع إلى العلماء أصل متقرر عند كل السلفيين في عظيم الأمور و دقيقها و ليس الرجوع للعلماء في النوازل فقط و إنما يرجع إلي مشايخنا دائماَ و أبدأ و أرائهم لنا أفضل من أرائنا لأنفسنا .
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في المسائل " هؤلاء الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أطباء الأديان ، الذين تشفى بهم القلوب المريضة و تهتدي بهم القلوب الضالة و ترشد بهم القلوب الغاوية و تستقيم بهم القلوب الزائغة وهم أعلام الهدى و مصابيح الدجى " .
قال تعالى : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )) قال ابن كثير : فمن إتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم و المدح ... ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه " إ هـ
قلت : إن أعظم المعروف الدعوة إلي توحيد الله و إلي سنة رسول الله و منهج السلف و أعظم المنكر الشرك بالله و البدعة .
قال ابن كثير : في الآية (( و لتكن منكم أمة )) أي منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلي الخير و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ....... و المقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن و إن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه .أ.هـ
قلت : وقد لعن الله بني إسرائيل بعصيانهم وعدم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر قال تعالى : (( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون )) .
قال تعالى (( فلما نسو ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء و أخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون )) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فبين سبحانه أن هذه الأمة خير الأمم للناس فهم أنفعهم لهم و أعظمهم إحساناً إليهم لأنهم كملوا كل خير ونفع للناس بأمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر .أ.هـ
وقد صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فمن لم يستطع فبقلبه فذلك أضعف الإيمان .
و صح عنه صلى الله عليه و سلم كما في جامع الترمذي عن أبي سعيد قال : لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا علمه .
و إن من أعظم المعروف الرد على المقالات المخالفة للكتاب و السنة لأن المقالات إذا انتشرت ولم يقم أهل الحق بردها خرجت في قوالب حق فيجب الرد عليها حتى يتبين خطأها و ليس هذا الرد خاص بالعلماء بل حتى لطلبة العلم إذا تبين لهم أن هذه المخالفة مخالفة لمنهج السلف فترد على قائلها كائناً من كان بالعلم و الرفق و ما القواعد و الأصول و المخالفات التي جاء بها الحلبي عنا ببعيد فقد رد عليه مشايخنا و رد عليه إخواننا من طلبة العلم وما سمعنا أحداً من علمائنا ينهى طلبة العلم عن الرد عليه أو قالوا أن هذه الردود خاصة بنا ، مما يدلك على و هن هذه القاعدة أن العلماء ما تكلموا بهذا فقد رد طلبة العلم على الحلبي و على المأربي و على عرعور و على الرحيلي و على غيرهم فما قال أحد من العلماء لا تردوا بل هذا من نصرة الحق ورد الباطل .
عدم الرد من طلبة العلم على بعض المقالات المخالفة
من كتمان العلم الذي أمر الله بنشره
قال تعالى : (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللعنون )) .
قال ابن كثير : هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالة البينة على المقاصد الصحيحة و الهدي النافع للقلوب من بعد ما بينه الله لعباده من كتبه التي أنزلها على رسله ..... و جاء في هذه الآية أن كاتم العلم يلعنه الله و الملائكة و الناس أجمعون و اللاعنون أيضاً وهم كل فصيح و أعجمي ، إما بلسان المقال أو الحال .
و قال تعالى " (( و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه )) .
ذكر إبن كثير : أن هذا توبيخ من الله لأهل الكتاب ...... ثم قال و في هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم و يسلك بهم مسالكهم فعل العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح و لا يكتموا منه شيئاً .
إن عدم الرد على أصحاب المقالات هو من كتمان الحق و التلبيس على الناس قال تعالى : (( و لا تلبسوا الحق بالباطل و تكتموا الحق وأنتم تعلمون )) .....
قال ابن كثير : فنهاهم عن الشيئين معاً : وأمرهم بإظهار الحق و التصريح به ..... و يجوز أن يكون المعنى وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضلال العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إلى أن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروجوه عليهم .
وقال تعالى : (( و تكتمون الحق و أنتم تعلمون )) .
فعدم الرد على أهل الأهواء و المقالات المخالفة لمنهج السلف هو من كتمان العلم الذي تهددا الله من كتمه باللعن منه ومن الناس و الملائكة أجمعين .
قال تعالى : (( أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )) .
رد هذه المقالة من كلام العلماء و السلف الصالح
و قد رد السلف بعضهم على بعض و لم يقل أحد من السلف أنه لا يرد المخالفات إلا العلماء .
أخرج البخاري و مسلم عن محمد بن على أن علياً رضي الله عنه قيل له أن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأساً فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عنها يوم خيبر و عن لحوم الحمر الإنسية .
و في روية عند مسلم أنه سمع على ابن أبي طالب يقول لفلان إنك رجل تائه نهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ....فأنظر إلي على كيف رد على ابن عباس بعد علمه أن ما قال ابن عباس ليس بصحيح .
و جاء عن الهذيل ابن شرحبيل قال : جاء رجل إلي أبي موسى الأشعري و سلمان ابن ربيعة فسألهما عن ابنة وابنة ابن وأخت لأب وأم ؟ فقالا : لابنته النصف و الأخت من الأم و الأب النصف ولم يورث إبنة الإبن شيئاً . و أت ابن مسعود فإنه سيتابعنا فأتاه الرجل فسأله و أخبره بقولهما فقال : لقد ظلت إذاً و ما أنا من المهتدين و لكن سأقضي فيها بقضاء النبي صلى الله عليه و سلم لإبنته النصف ولإبنة الإبن سهم تكملة الثلثين وما بقي فللأخت من الأب و الأم .
و أخرج البخاري و مسلم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس إنا نوفاً البوكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني اسرائيل ؟ فقال ابن عباس : كذب عدو الله أخبرني أبي بن كعب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ذكر حديث موسى .
قال النووي : قوله كذب عدو الله قال العلماء هو على وجه الإغلاظ و الزجر عن مثل قوله لا أنه يعتقد أنه عدو لله حقيقة إنما قاله مبالغة في إنكار قوله لمخالفته رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و عندما تأول مالك حديث البيعان قال ابن أبي ذئب تضرب عنقه أخرجه أبويعلى في طبقات الحنابلة عن أحمد بن حنبل بلغ ابن أبي ذئب أن مالكاً لم يأخذ بحديث البيعان بالخيار فقال : يستتاب في الخيار فإن تاب و إلا ضربت عنقه و مالك لم يرد الحديث و لكن تأوله .
و عندما وقع الطاعون قال عمرو بن العاص قال : إنه رجس فتفرقوا عنه فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال : لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه و سلم و عمرو أضل من بعير أهله إنه دعوة نبيكم و رحمة ربكم و موت الصالحين قبلكم فاجتمعوا لهم و لا تفرقوا عنهم فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال : صدق . أخرجه أحمد في المسند .
فأنت ترى أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم أنكر بعضهم على بعض في مسائل و لم يشترطوا الرجوع لمن هو أعلم منهم بعد علمهم بالحق و هذا من إنكار المنكر .
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : و لهذا وجب بيان حال من يغلط في الحديث و الرواية و من يغلط في الرأي و الفتيا و من يغلط في الزهد و العبادة و إن كان المخطئ مجتهداً مغفوراً له خطأه و هو مأجور على إجتهاده فبيان القول و العمل الذي دل عليه الكتاب و السنة واجب .
وقد قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى " ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع فقال إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغى هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فان هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله : في الفرق بين النصيحة والتعيير.
و لا فرق بين الطعن في ألفاظ الحديث و لا تمييز بين من تقبل روايته ومن لا تقبل و بين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب و السنة وتأويل شيئاً منها على غير تأويله و تمسك بما لا يتمسك به ليحذر من الإقتداء به في ما أخطأ فيه ..... وقد بالغ الأئمة الورعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء و ردها أبلغ الرد كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور و غيره مقالات ضعيفة تفردوا بها و يبالغ في ردها .
فإذا كان الأئمة الورعون يبالغون في رد المقالات الضعيفة فكيف برد المقالات المخالفة للكتاب و السنة و ما عليه علماؤنا ، قطعأ أن الرد عليها ابلغ و على هذا فكل مخالفة علم مخالفتها للكتاب و السنة وجب إنكارها فتبين من هذا أن المخالفة على قسمين .
الأولى :
أن تكون المخالفة ظاهرةً معلومة المخالفة يعرفها العلماء و طلبة العلم فهذه يجب إنكارها من العلماء و طلبة العلم و لا يجب على طلبة العلم رد هذه المخالفة للعلماء حتى يحكموا فيها لظهورها و ظهور بطلانها كمثل القول بخلق القرءان أو تفويض صفات الله أو سب أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام فهذه يجب إنكارها من طلبة العلم و الرد عليها و الرد على القائلين بها .
ثانياً :
أن تكون من المسائل الدقيقة و النوازل العظيمة فهذه الرجوع فيها للعلماء متعين ، أما أن يقرر الإنسان أن الرجوع للعلماء لا يكون إلا في النوازل فقط و لا يجب في غيره و إذا حصل أمر مما تقدم ذكره في القسم الأول من كون المخالفة ظاهرة واضحة تستر على عدم الكلام في المخالف بقوله نردها إلي العلماء فهذا غير صحيح ، و ليس معنى كلامنا أنه ليس كل أمر يرد إلي العلماء التزهيد في مشايخنا و عدم الرجوع إليهم و إنما نعني المسائل الواضحة يجب على طالب العلم أن يبين فيها وجه الحق و الصواب بالدليل .
و قد رد طلبة العلم على أبي الحسن في أول فتنته و كذلك على الحلبي و المغراوي و عرعور و الرحيلي وكانت ردودهم مقبولة عند أهل العلم و لم يقل أحد من العلماء لا تتكلموا في هذه المسائل بل شكروا لهم ما يقومون به من الرد على القواعد و الأصول التي جاءوا بها مخالفين بذلك منهج السلف مفرقين كلمة السلفيين .
و هذا الرد يشمل أيضا تلك القاعدة التي يقررها بعضهم لا يقبل الجرح إلا من العلماء و لا نقبل كلام طلبة العلم ، و إنما الغرض من هذه القاعدة حماية أنفسهم و دعوتهم من أن تنال من طلبة العلم المعاصرين لهم و لا حول و لا قوة إلا بالله .
نقولات من كلام العلماء حول هذه الشبهة
و سئل شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله كما في تحفة المجيب
السؤال 150: هل التكلم في الحزبيين أو التحذير منهم يعد حرامًا؟ وهل هذا الأمر خاص بالعلماء دون طلبة العلم؟ وإن تبيّن لطلبة العلم الحق في هذا الشخص؟
الجواب : ينبغي أن يسأل أهل العلم عن هذا الأمر، لكن الشخص الذي ينفر عن السنة وعن أهل السنة وعن مجالس أهل العلم؛ يحذّر منه، والجرح والتعديل لا بد أن يكون الشخص عارفًا بأسبابهما، ولا بد أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيما يقول، فإن الأصل في أعراض المسلمين أنّها محترمة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)).
لكن المبتدعة لا بأس أن يحذر منهم طالب العلم في حدود ما يعلم بالعدالة {وإذا قلتم فاعدلوا }، {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى }، {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان }.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرًا.
بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا }.
سئل شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله كما في "مجموع الفتاوى *" (1/262) :
الجرح والتعديل في الأشخاص هل هو خاص بالعلماء فقط أو حتى بالشباب الذين عندهم معرفة ؟
فأجاب حفظه الله :
الجرح والتعديل ، لابد فيه من صحة العقيدة كما أشار إلى ذلك الخطيب البغدادي ، ولابد فيه من العلم بأسباب الجرح ، لابد أن يعلم ولابد فيه من التقوى والورع .
فإذا كان هذا الذي ينتقد عنده علم بالجرح والتعديل وعنده ورع وتقوى فله أن يجرح ، وإذا كان أمر المجروح واضحا يعرفه الخاص والعام ، يعرف أن هذا يسرق هذا يزني يعرف تماما يعرف أن هذا خائن ، يعرف أن هذا رافضي ، يعرف أن هذا صوفي يطوف بالقبور أمامه ويقيم الموالد .
فهذه الأمور الواضحة التي يشترك في معرفتها العالم وغير العالم لا يشترط فيها أن يذهب من يعرف ضلالهم إلى عالم ليقوم بجرحهم ؛ فإن أمرهم ظاهر للعالم وغيره ، وعلى كل مسلم أن يبين حالهم ويحذر منهم وينكر عليهم ضلالهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ...." الحديث .
على كل مسلم أن ينصح للمسلمين :" بايعت رسول الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " .
" الدين النصيحة " قلنا : لمن ؟ قال :" لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم " .
الآن أرى رافضيا يخالط عاميا ، ويدعوه إلى الرفض أذهب أجيء بالعالم كي يجرحه !*صوفي قبوري يخالط واحدا من أهل الفطرة ويوجهه إلى بدعته وأنا أعرفه أنه قبوري ، لا يلزمني ولا يلزم غيري أن يذهب إلى عالم ليبين حاله ويحذر منه .
المصدر :فتاوى فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ( ج 1 ص 262) .
السؤال الأول: يقول بعضهم : إنَّ الردَّ على أهل البدع ، و هجرهم ، و الحكم عليهم ، خاصٌ بأهل العلم ، و أنَّ طلبة العلم لا حق لهم في ذلك ، فما مدى صحة هذا الإدعاء ؟ جزاكم الله خيراً
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله و صحبه و مَن واتبع هداه،
لا شك أننا نأملُ أن يكون في الأمَّةِ علماء، راسخين في العلم، مخلصين لله، صادقين في دعوتهم إلى الله، و صادقين في مواقفهم مِن أعداء الإسلام عموما، ومن المؤمنين عموماً ، ومِن أهل البدع أيضاً، نسألُ الله أن يُنشئ في الأمة هذا الصنف الطيب المبارك المخلص لله تبارك و تعالى، و أن يُنشئ شباباً يحترمون أهل العلم ، و يعرفون لهم قدرهم و منزلتهم التي بوَّأهم الله تبارك و تعالى إياها ،*و لا خير في شباب لا يحترمون العلماء*،*و لا يُوَّقرون الكبار*، فإذا رأيت شباباً يستهتر و يستخفُ بالعلماء ، و يحتقرهم و يزدريهم كما حصل في هذا العصر على أيدي السفهاء مِن قادةِ الأحزابِ المنحرفة ، مِن قادةِ الجهل و الشَّر، إذ غرسوا في نفوسِ كثيرٍ من الشباب القدح في العلماء ، و احتقار العلماء ، فنسألُ الله تبارك و تعالى أن يُطهَّرَ الأرضَ من أصناف دعاةِ السوء ، الذين وضعوا الحواجز و السدود ، و شوَّهوا العلماء في نظر الشباب ، أسألُ الله أن يهديهم أو يُريح الأمة منهم.
و لا شك أنَّ العالم يتميزُ بالإدراك و بالحكمة و بما ينفع و بما يضر أكثر مِن الشباب، هذا شئٌ لابد مِن إدراكه و التسليم به ، ولكن هناك الشباب يتفاوتون ، في العلمِ و الذكاءِ و الإدراكِ ، قد يُشاركون العلماءَ في شئ كثيرٍ أو قليلٍ مِن هذا ، فلا نَجعلُ طلابناً عند الشباب كالصُّمّ البّكم الذين لا يعقلون ،*و لا نريد أن نجعلَ منهم دُمىً لا يتحركون إلاَّ بتحريك مَن أراد تحريكهم*، لا نريد هذا و لا ذاك ،*نريد احترام العلماء و تقديرهم و معرفة حقَّهم ، و نريد أيضاً مِن الشباب أن يكونَ شباباً ذكياً مُدركاً*، و قد لا يجد العالم الذي يُقرر متى يُهجر و متى لا يُهجر، فماذا يصنع ، لاسيما و قد خلت ساحات كثيرة الآن ساحات كثيرة الآن مِن العلماء الراسخين في كثيرٍ من مشارق الأرض و مغاربها فماذا يفعل الشباب الذين أدركوا جانباً عظيماً من الإسلام و من منهج السلف الصالح ، فالشباب الذي يعيش في أوروبا و في أمريكا و يعيش في كثير من البلدان الإسلامية التي قد ساد فيها الجهل و خلت من علماء السُّنة الأفذاذ و امتلأت و اكتظت بالجهلة من أدعياء العلم من قادة الشَّر من زعماء التصوف و الرفض ، أيرجع الشاب السلفي إلى علماء الروافض و إلى علماء الصوفية في تقرير قضايا الهجران و قضايا عدم الهجران ، قد يحتاج الطالب –*إذا كانت البدع واضحة له*– بل لطلاب العلم إذا كانت البدع من*الأمور الواضحة*التي لا تخفى على كثيرٍ من المسلمين يشترك في إدراكها ومعالجتها العالم و غيرُ العالم ، يشتركون في ذلك ، فإذا مثلاً رأى مَن يشرب الخمر، رأى مَن يترك الصلاة ، يقول والله أنا لا أتكلم في هذا الأمر، في نقد مَن يترك الصلاة ، وتحذير مَن يشرب الخمر ،لا أتكلم في هذا الباب حتى أرجع إلى فـلان أستشيره فيه)*هــذا كلام*سخيف*،كنتم خير أمَّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر، فمن عرف المعروف و العلم يتجزأ ، فقد يعلم الإنسان مسألة و يعلم مسألتين و الاجتهاد كما يقال يتجزأ، قد لا يكون الإنسان مجتهداً، و لكن قد يكون مجتهداً في بعض المسائل،*فالشاهد أنَّ الطالب لا يكون حجَرَةً صماء – أعوذ بالله – و يتصف بالبلاهة و الغباء ، ما يكون بهذه الدرجة التي يُريدها مَن يقذفُون بهذه الشُّبه ، فإنهم قد أقضَّ مضاجعهم أن ينشأ شبابٌ سلفي يترسم خُطى السلف الصالح يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، فنحن ننصح الشباب أن لا يتكلموا في قضايا البدع و في قضايا الخلاف إلا بعلمٍ ، فإذا عرف الشاب البدعة و اتضحت له – و كثيرٌ منها واضحٌ و الحمد لله –*فعليه -لا أقــول- له*عليه أن يأمرَ بالمعروف و ينهى عن المنكر، لأنَّ الله ربُّ العالمين كلَّفه بذلك ، كلَّف هذه الأمَّة جميعاً و أنتم تعلمون أنَّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مِن الفروض المحتمةِ على هذه الأمَّة، و إذا وُجِدّ المنكر بقي وجوب تغييره متعلقاً بأفراد الأمَّة كلها، و لا يسقط عنها إلاّ بإنكاره و تغييره ، فإذا قام بعضٌ مِن هذه الأمَّة بإنكاره و تغييره سقط الحرج عن الباقين، و إذا سكتوا و لم يغيروا أثموا جميعاً و وقفوا أمام مسئولية الله تبارك و تعالى في هذه الدنيا، فقد يُنزلُ بهم العقوبات المهلكة في هذه الحياة الدنيا و قد يُعاقبهم في الآخرة بما فرَّطُوا و بما قصَّروا و بما أهملوا في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، والشاهد من هذا الكلام أنهُ*أنَّ العلماء هم مرجع طلاب العلم و لابد من احترامهم و تقديرهم*، و مع ذلك نجعل أنفسنا كما قال الله تبارك و تعالى ( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله ) لا نصل إلى هذه الدرجة، بل نحترم العلماء على غرار تعامل السلف الصالح مع علماءهم ، و مع ذلك كلٌ منا مسئول أمام الله تبارك و تعالى ، فقد يكون المنكر في بيتك فهل تذهب تأتي بعالم يُغيره ، زوجتك ترتكب منكراً تروح اتجيبلها تأتي لها بعالم يعلمها أو أنت تُعلِّمها و توجِّهها، الرجال قوَّامون على النساء ، و قد يفعل ذلك ابنك و قد يفعل ذلك أخوك و قد يفعل ذلك أُسرتك ، و قد تكون لا تٌريد أن تُطْلع غيرك على هذا الشَّر و على هذا البلاء فأنت تُعالجه،*فــهذا القول إطلاقهُ على عواهنه و إنَّه ( لا يقرر في - قضايا البدع و الهجران و ما شاكل ذلك – إلاّ العلماء ) هذا كلام لا يُراد من وراءه – لاسيما إذا صدر من أهل الأهواء – لا يُراد به إلاّ مقاومة الشباب السلفي و الطعن فيهم و تشويههم و إيقاف نشاطهم في تبليغ دعوة الله ، وفي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، على كلِّ حال، السلف كان لهم مواقف كثيرة جداً و لهم تحذيرٌ كثيرٌ و كثيرٌ اكتظت به كتب السُّنة و العقيدة و التوحيد، اكتظت بذلك هذه الكتب ،*فمن يقول إنَّه لا يُقرر في هذه القضايا إلاّ العلماء*،*و لا يُقرر الهجران و عدم الهجران إلاّ العلماء فقط و فقط*هــذا لم يعرف منهج السلف ، لم يعرف منهج السلف*، بارك الله فيكم، فلابد من معرفة منهج السلف في التعامل مع أهل البدع ، و كلٌ مكلف حسب علمه ، و بحسب قدرته و طاقته ، فإذا كنتَ عامياً لا تُميّز بين السُّنة و البدعة تعلم وأسأل العلماء فاسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، و إن كنتَ طالب علمٍ تُميّز بين الحق و بين الباطل ، وتُدرك كثيراً من البدع ، و تُدرك كثيراً من السنن ، فادعوا الناس إلى ما عرفته من السُنن ، و حذِّرهم عما تعرفُهُ من البدع ، ثمَّ بعد ذلك ، قد يُدرك كثيرٌ من الشباب المصلحة في الهجران وعدم المصلحة ، ثُمَّ إني أقول : إنَّ هــذه المصلحة التي يتحدثون عنها ، و أسرفوا في الحديث عنها، و حرَّفوا المصالح – بارك الله فيكم –*و لبَّسُوا فيها*، حتى جعلوا حتى أهملوا مصلحة الشاب الذي يُخاف عليه من مخالطة أهل البدع ، أهملوا مصلحته و قذفوا به في أوساط أهل البدع فضلَّ كثيرٌ من الشباب المغرور المخدوع بمثل هذه الشبهات ،*أوقعوا كثيراً ممن كان في دائرة السلفية أوقعُوهم بمثل هذه التُّرهات في حبائل و مصائد أهل البدع فانحرف الكثير و الكثير منهم لاسيما من انحرف بواسطة الأحزاب العصرية الضَّالة التي سبق وصفها ، على كل حال من يُميز بين السُّنة و البدعة فليأمرْ بالمعروف و ينهَ عن المنكر و ليُحذِّرْ هذا أولاً ، و ثانياً قضية الهجران ، إن كان الهجران في صالحك فاهجر لأنَّك تخاف على نفسك من مخالطة أهل البدع ، فقد يُفسدوك، فقد يُفسدونك و يحرِّفونك عن منهج الله الحق ، فالمصلحة الواضحة هنا أن تحتَفظ بدينك و تحتفظ بعقيدتك ، و تُحافظ على سلامة دينِك ، هذه المصلحة يجـب أن تُوضع في الاعتبار و أن يعرفها الشباب ، فقد كان يُراعيها كبار الأئمة من أمثال أيوب و ابن سيرين فكان أحدهم لا يُطيق مخالطة أهل البدع و لا سماع كلامهم ، حتى إنَّ أهل البدع ليأتونَهم و يقولون لهم اسمعوا مِنَّا و لو كلمة، فيقولون لا ، فيُعتَب عليهم لماذا لا تسمعون ؟ فيقول إنَّ قلبي بيد الله ليس بيدي فإنِّي أخاف أن يقذفَ هذا في قلبي شراً فلا أستطيع الخلاص منه. فإذا قلنا بالمصالح و المفاسد فيجب أن نُراعي المصالح و المفاسد المتعلقة بالشباب أنفسهم و الذين يُخاف عليهم من الاختلاط بأهل البدع أن يُوقعوهم في الشر، فيجب أن ننتبه لهذا، المصالح التي يدندنون حولها ، ولعلها مصالح أهل البدع أنفسهم و مفاسدهم في حدّ تصورهم هم ،*فالمصلحة عندهم ما يخدم دعوتهم ، و المفسدة ما يهدم دعوتهم و لو كان حقاً*، فقد يُريدون بالمصالح و المفاسد هذا ، ما يرونه هو مصالح يخدم دعوتهم و ما يرونه من مفاسد – ولو كان حقاً – إذا كان يعود على دعوتهم بالهدم ، و نحن نقول إنَّ المصالح و المفاسد يجب أن يُراعى فيها جانب الشباب ، فهل من مصلحتهم الاختلاط بأهل البدع أو من مصلحتهم الحذر منهم و هجرانهم والابتعاد عنهم ، وترك المخالطة للأقوياء الأشداء الذين ثبتت جدارتهم و قدرتهم على زلزلة أهل البدع و دحض شبهاتهم ، فتبقى المخالطة لهؤلاء و يبقى من يُخاف عليه بعيداً بعيداً بعيداً عنهم حذراً منهم أشد الحذر إذا كان يوازي بدينه ، إذا كان يحترم عقيدته و منهجه ، فالمصلحة في الدرجة الأولى يجب أن يُراعى فيها جانب الشباب الذي يُخاف عليه من الانحراف ، فلما نُسيت هذه المصلحة ، و أنساهم إياها دُعاةُ الضلال و أهدروا هذه المصلحة، جرَّ ذلك كثيراً من الشباب إلى الارتماء في أحضان البدع ، أرجو أن تُدركوا هذا ، فإذا قيل لكم مصالح مفاسد قولوا لهم يجب أن نُراعي في هذا جانب الشباب الذي يُخاف عليه من مخالطة أهل البدع ، فإننا قد استفدنا من تجارب طويلة ومريرة وقعت من شباب كانوا على منهج السلف فضلّوا بمثل هذه الدعايات الظالمة التي لا يُميز فيها المصلحة من المفسدة ، وقد يُراد من المصلحة و المفسدة و المفاسد ما يُفسد دعوتهم أو يُصلحها على حسب ما يعتقدون هم لا على حسب شرع الله سبحانه و تعالى .
و سئل شيخنا العلامة ربيع السنَّة وفقه الله كما في "فتاوى في العقيدة والمنهج" ( الحلقة الأولى ) (ص22)
هل لطالب العلم أن يتكلم : هذا مبتدع وهذا ضالّ أم يترك هذا للعلماء ؟*
وهل إذا سكت عن فلان...؟*
الجواب:*الاعتدال والوسط في كلّ شيء ؛ إذا دعت الحاجة للتحذير من رافضي ، من صوفي قبوري ، من حزبي هالك ، من الأشياء هذه ورأى أنّ من النصيحة للمسلمين أن يبين لهم حال هذا الإنسان فيبينه حسب ما يعرفه ،*
فإنّ بعض الأشياء واضحة ؛الضلال فيها واضح ، فيعرفها طالب العلم ويعرفها العالم فإذا استنصح له فلينصحه.
وإذا رأى إنسانا مخدوعا فليبين له ، وهذا ليس من الغيبة المذمومة بل من الأمور المشروعة ، فإذا خاف عليه من رافضي يضلّه أو صوفي قبوري أوحزبي أو ما شاكل ذلك من أهل الأهواء فإنه عليه أن ينصح له بالحكمة ويقول له : هذا عنده كذا وكذا بارك الله فيكم .
هناك أمور خفية لا يتكلم فيها إلا أهل العلم بالأدلّة ، فالعالم نفسه لا يتكلم إلا بالحقّ وبالبرهان وبالعدل ولا يقول على الله بغير علم ، وطالب العلم كذلك ؛ أمور لا يعرفها لا يتكلم فيها ،*
أما أمور يعرفها وهي واضحة جلية وفيها مصلحة للمسلمين فيتكلم فيها بالحجة والبرهان حسب طاقته ومعرفته .
وأما تكميم الأفواه ،لا تقول فلان ضال ولا شيء وإنما سكوت فقط !*
فهذا ما يريده أهل الضلال !*
يريدون أن لا تتكلم في أهل البدع أبدا !*
أسكت فقط والناس كلهم مسلمون والروافض إخواننا والقبوريون إخواننا وما شاكل ذلك ؛هذه الأشياء غلط*
ويتكلم طالب العلم والعالم بالحجة والبرهان والحكمة والموعظة الحسنة وليس بالسفه والطيش ,
بعضهم يتسفه ويطيش ويضر أكثر مما ينفع فهذا السفه والطيش يُترك بارك الله فيكم*" اهـ.
و قال شيخنا العلامة ربيع بن هادي حفظه الله في معرض رده على الرحيلي في كتابه المسمى النصيحة
على الفقرة :
(ص 30 -31 ) " 2- أن يكون الرد من عالم راسخ القدم في العلم ، يعلم على وجه التفضيل جوانب المسألة المتعلقة بموضوع الرد من حيث الأدلة الشرعية عليها ، و كلام العلماء فيها و مدى مخالفة الخصم للحق ، و منشأ الشبهة عنده ، و أقوال العلماء في رد هذه الشبهة و الاستفادة من كلامهم في ذلك .
كما ينبغي أن يتسم الراد على المخالف بقوة الحجة في تقرير الحق و إزالة الشبهة و دقة العبارة ، بحيث لا يظهر عليه في شيء من ذلك أو يفهم من كلامه غير ما أراد ، و إلا حصل الضرر العظيم بتصدي من فقد هذه الشروط للرد "
أقول :
1- يا حبذا أن يكون الرد من عالم راسخ صفاته كما ذكرت ، لكن استكمال هذه الصفات لا يجب في كل رد ، و لو اشترطنا ذلك في كل راد وكل رد لا ستشرى الفساد و استولى على الأمة بأجمعها إلا النادر من الناس .
2- يؤكد عدم صحة استكمال هذه الشروط أنك لا تجد في معظم بلاد الإسلام علماء سلفيين راسخين ، و يوجد فيها طلاب علم ، و مع ذلك فإنه قد نفع الله بهم في نشر التوحيد و دحض الشركيات و البدع و الخرافات .
و أنا أسأل الدكتور إبراهيم إذا كان هناك بلد أو بلدان تنتشر فيها البدع و المنكرات ، و لا يوجد فيها عالم راسخ أو علماء راسخون تتوفر فيهم تلك الشروط ، و يوجد فيها طلاب علم قد قرؤوا (( الأصول الثلاثة )) و (( كشف الشبهات )) و (( كتاب التوحيد )) و (( للإمام محمد بن عبد الوهاب و كتاب (( الواسطية ))، و (( الحموية )) لشيخ الإسلام ابن تيمية و (( عمدة الأحكام )) للإمام عبد الغني المقدسي أو (( بلوغ المرام )) للحافظ بن حجر ، و تنتشر في بلادهم أو بلدانهم بدعة تعطيل صفات الله و بدعة القدر و بدعة الإرجاء و بدع الشرك بأهل القبور و غيرها من البدع ، و يكثر فيها شرب الخمر ، و تهتك النساء ، فهل يجب أن ينكروا هذه المنكرات في حدود علمهم أو يجب عليهم السكوت لأنهم ليسوا من العلماء الراسخين ... الخ .
أعتقد أن الدكتور إبراهيم سيجيب بأنه يجب على هؤلاء الطلاب أن ينكروها و يغيروها في حدود علمهم وطاقتهم امتثالاً لقول الله تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) و امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان " .
فمن كان منهم ذا سلطان فعليه أن يغيره بيده و لسانه ، و من كان غير ذي سلطان فعليه أن يغير بلسانه و قلمه و بنانه ، و لا أظن عالماً أو طالب علم يخالف في هذا .
و أعتقد أن هؤلاء الطلاب الذين و صفتهم إن سكتوا عن تغيير المنكرات أنهم يدخلون في قول الله تعالى : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " . أ.هـ
و سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله السؤال التالي :* أنوي أن أكتب عن بعض الجماعات الضالة، والتحذير منها، لكن هذه الجماعة لم تخرج من الملة، وقد مدحها البعض من العلماء وأخشى أن يدعو علي، فما توجيهكم لي علما بأن هذه الجماعة منحرفة؟
الجواب:*الواجب عليك بيان الحق، الواجب عليك بيان الحق، إذا كنت متأكدًا من الأخطاء التي عندهم، والضلالات التي عندهم، متأكد مائة بالمائة، وعندك مقدرة وعندك علم تستطيع البيان يجب عليك هذا.
(وَإِذْ*أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ*لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا*مِنَ*الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى)
ما يجوز كتمان العلم، إذا كان عندك علم ومتيقن من ضلالات بعض الطوائف فبينها للناس من أجل أن يحذروها وهذا من النصيحة.
قال -صلى الله عليه وسلم- "الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" . رَوَاهُ مُسْلِمٌ [رقم: 55].
ولا تخش الناس، عليك أن تخش الله -سبحانه وتعالى- وبيّن الحق وترد الباطل، ولا تخش الناس . نعم. اهـ*
و سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله*
حول*عدم الرَّد على أهل البدع وكتمان باطلهم والدِّفاع عنهم يعتبر من الغشّ للمسلمين .
أجاب الشيخ - حفظه الله*-:
" هذا من أكبر الغش للمسلمين، السكوت على أهل البدع وعدم بيان بدعهم هذا من الغش للمسلمين، فإذا إنظاف إلى هذا أنه يمدحهم ويثني عليهم فهذا أشد وأنكر والعياذ بالله، فالواجب على من عنده علم أن يُبَيِّن البدع والمحدثات وأن ينهى عنها ويُحذِّر منها ولا يسكت،السكوت هذا من الكتمان إِنَّ الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ(159)*إِلَّا الذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (1) لايجوز للمسلم الذي عنده علم أن يسكت على البدع والمخالفات ولا يُبَيِّنُها للناس لأنه إذا سكت احتجَّ الناس به وقالوا لو كان هذا محرمًا أو ممنوعًا ما سكت العالم الفلاني وهو يراه. نعم" .
سُئل الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله السؤال الآتي: هل النُصح أو النصيحة شرط قبل التحذير من الشخص إذا ما وقع منه خطأ؟
فكان جوابه: (( نقول بارك الله فيكم: القاعدة الشرعية إنَّ الخطأ مردود على قائله؛ لأنَّ ما مَنْ أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن نعظِّم الحق.
يبقى النصح له؛ هذا الخطأ له حالتان:
الحالة الأولى:
خطأ مستور غير ظاهر وغير منتشر؛ لا شك أنَّ النصح له أولى، لكن لا يعني ذلك: أنَّ العبارة الخاطئة لا تُورد لتُرد؛ هكذا مطلقاً، لأنها قد تنتشر، فهنا النصح له أولى.
والحالة الثانية:
أنَّ الخطأ قد ظهر وانتشر وتوسَّع وذهب؛ هنا يجب وجوباً على مَنْ علم حاله أن يردَّ الباطل، وأن يردَّ على قائله، إنَّ الله أمرنا أن نقول الحق، وأمرنا أن لا نكتم الحق، واضح.
فإذا ما كان الأمر كذلك؛ بقي مسألة النصح بينك وبينه، هذه مسألة فضلى وفاضلة؛ أنك تنصح له.
عندنا خطأ واجب بيانه، وعندنا نصح من الأفضل أن نقوم به، عندنا عمل فاضل وعندنا عمل واجب؛ لا نُغطِّي الفاضلَ لنُسقِطَ الواجبَ، واضح.
فالبعض يستخدم العمل هذا - الفاضل - لإسقاط الواجب مع انتشار الخطأ هذا غلط، الإمام قتادة يقول: "إنَّ الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن تذكر حتى تحذر"، لا بد من بيان الحق، والأنبياء والرسل جاؤوا لبيان الحق للخلق: "أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت".
وكلمة التوحيد قائمة على أصلين؛ ليست نفياً محضاً ولا إثباتاً محضاً، هي: نفي واثبات، ففيها بيان الحق والرد على الباطل: "لا إله" هذا رد على أهل الباطل الذين ألهوا غير الله بغير حق، اتخذوا الأوثان و..و.. و..إلى غيره، "إلا الله" إثبات للحق، تضمنت الحق والرد على الباطل. "محمد رسول الله" تضمنت إثبات الحق والرد على الباطل؛كيف؟ إثبات نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله خلافاً لمن أنكر الرسالة وقال إنها مكتسبة، وقال.. و قال ..وقال..، وإثبات للحق وهو أثبات أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رسول من رب العالمين، كذلك تضمنت الرد على من غلا فيه فدعاه من دون الله وألهه.
فكلمة التوحيد قائمة على بيان الحق والرد على الباطل، بهذه جاءت الأنبياء، واضح يا إخوتاه؟
هذا المخطئ؛ يُترفَّق معه إنْ كان سنياً، مع ردِّ خطئه: فإنْ عاند بُيِّن أمره أنه غلط في هذا، وأخطا فيه، فليس العزيز على الخنا بمحرم.
الامام علي بن المديني ضعَّف أباه، وأبو داود ضعَّف ابنه، لا يحابون في الله أحداً ولو كان أقرب قريب!، انظر إلى كلام الامام الخطيب في شرف أصحاب الحديث وغيره، هذه المحاباة: لا، لكن يُبين أمره، ينظر، احذروا المقالة الفلانية - ولو كان قائلها زيد أو عمرو من الناس- ، هذا غلط، هذا غلط.
نعم؛ رجوع هذا أحبُّ إلينا، أن يرجع، وأبرد على قلوبنا أن يرجع الإنسان إلى الحق، ليس بيننا وبين الحق عداء، لكن، الاستمرار على الباطل يجب الحذر منه . أ.هـ
هذا ما تيسر جمعه و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين .
منقول