الحمد لله الذي خلق فسوى, والذي قدر فهدى, وصلى الله وسلم على النبي المجتبى واصحابة الطاهرين النجباء, أما بعد: اعلم أخي السلفي أن الكتابة وضبط الكتابة من أعظم وأحسن ما ينبغي أن يعنى به الكاتب, وإني أقرأ في كثير من كتابات الكتَّاب, وأرى جملة من اللحن في اللغة ومن ذلك ما يتردد على ألسنة الكثير من قولهم "هذا أمر هام" وقول هام ونحو ذلك, وهذا خطأ والصواب أن تقول: هذا أمر مهم وقول مهم, لا هام, فإن هام من الهم وأما مهم فمن الأهمية.
أورد الناقد اللغوي صلاح الدين الزعبلاوي رحمه الله بحثاً رَصِيْناً في كتابه (لغة العرب)، رأيت أن أقتبس منه تعميماً للفائدة.
· للفعل الثلاثي (هَمَّ يَهُمُّ هَمًّا) مَعانٍ؛
منها ما يتعلق بالحزن والقلق ]المَصْدر- الهَمُّ- شائع الاستعمال بهذا المعنى[. يقال: هَمَّهُ الأمرُ: أَقْلَقَهُ وأَحْزَنَهُ، فالأمرُ هامٌّ (اسم الفاعل)، وهو مَهْمُوم (اسم المفعول).
ومنها ما يتعلق بالطلب والقصد والإرادة. يقال: لا مَهَمَّةَ لي: أي لا أَهُمُّ بذلك ولا أفعله، أو لا أُريد.
و( مَهَمَّة) هنا، مَصْدر ميميٌّ من الفعل هَمَّ. فإذا قيل: ذهب فلانٌ في مَهَمَّةٍ، فالمعنى: مضى في قَصْدٍ أو مَطْلب.
· نَصَّت المعاجم على أن الفعلين: الرباعي (أَهَمَّ) والثلاثي (هَمَّ) بمعنى واحد. ولكن زيادة الهمزة تعني التأكيد والمبالغة. ومن أجل هذا قالت العرب (المُهِمّ) للأمر الشديد، ولم يقولوا (الهامّ)! وهذا فَرْقُ ما بينهما.
وقد استُعمل الفعل (أَهَمَّ يُهِمُّ إهْماماً) بمعنيين:
1- الأمر الشديد، نحو: تداعى القومُ لِمُهمٍّ أو مُهِمَّةٍ (اسم الفاعل)، أي تَنادَوْا لأمرٍ شديدٍ نزل بهم.
2- الأمر تضطلع به فيشْغلك ويَعْنيك.
فإذا أردتَ التعبير عن الأمر الذي يُفوَّض إليك فتتولاّهُ وتَحْمِلُ مؤونته وتَبِعَتَهُ، فقُلْ: مُهِمَّة، لأنها أَوْلى من (مَهَمَّة) في هذا الاستعمال، وألصق بالمعنى المراد.
ملاحظة: المُهِمُّ: ما يسترعي الاهتمام من الأمور؛ وما يدعو إلى اليقظة والتدبير.
منقول