- تتمة الشريط السابق عن الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والكلام عن كتاب المجموع للنووي .
التفريغ:
الشيخ : فإن كل من ألف فى هذا المجال - أى فى الفقة المقارن - هو أنه جمع بين خصلتين ممتازتين ، الأولى : أنه حينما يتعرض لذكر وشرح المسألة فى وجهة نظر المذهب – أي نظر الشافعي - يعقد فصلا خاصا فيقول : مذاهب العلماء ، فيذكر مذاهب العلماء الأخرين وأدلتهم ، وكثيرا ما يختار من حيث الدليل خلاف مذهبه ، المزية الأخرى : أنه يخرج الأحاديث ، ويبين صحيحها من ضعيفها ، فى هذا الكتاب الذى هو المجموع ، يذكر فى مقدمته فصولا كفوائد ومقدمات لمن يريد أن يستفيد من قراءة هذا الكتاب العظيم ، هناك يذكر ايضا إتفاق العلماء على جواز العمل بالأحاديث الضعيفة ، مع ذلك إن فهم الإتفاق أنه لا مخالف هناك ، فالجواب : وُجد المخالفون ، وهذا مقرر فى كتب اصول الحديث – مصطلح الحديث - ، فالإمام مسلم فى مقدمة صحيحه ينفى نفيا باتا رواية الحديث الضعيف فضلا عن العمل به ، و الإمام أبو بكر بن العربى – ويجب لهذه المناسبة أن نتنبه فيما إذا قرأنا فى كتاب من كتب أهل العلم – قال ابن العربى وقال بن عربى ، أخدهما معرف والأخر منكر ، فهما رجلان ، إذا وجدنا المؤلف يقول : قال ابن العربى فهو يعنى أبا بكر بن العربى المغربى المالكى الفقية والمفسر والذى له كتاب أحكام القرآن ، وهو متقدم على الإمام القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن ، ويستقى أحكامه فيه من ابن بلده أبى بكر بن العربى المغربى المالكى ، فإذا قيل ابن العربى فهو الإمام الفقية المفسر ، أما إذا قيل ابن عربى النكرة ، فهو فعلا نكرة عند أهل العلم ، لأنه إمام القائلين من غلاة الصوفية بوحدة الوجود ، ولسنا الأن فى صدد الكلام عن وحدة الوجود ، وقد تكلمنا أيضا فيها فى بعض الجلسات وعند الاخ يمكن عنده بعض الأشرطة . الشاهد : أبو بكر بن العربى من جملة المخالفين فى هذه المسألة ، وهو متقدم على الإمام النووى ، لكن انظر بقى المشكلة ، النووى شرقى وذاك مغربى ، ولم تكن هناك وسائل النقل والطباعة التى تيسر العسير وتقرب البعيد ، لم يكن ذلك متوفر فى ذلك الزمان ، ثم جاء من بعد الإمام النووى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – فكتب كلمات مبهرة فى عدم جواز العمل بالحديث الضعيف ، بل وصرح بذلك الإمام الحافظ أمير المؤمنين أحمد بن حجر العسقلانى ، له رسالة نافعة جدا من حيث الناحية الحديثية سماها ، " تبين العجب فيما ورد فى فضل رجب " ، رسالة جيدة هي ، وخلاصة هذه الرسالة كما قال الحافظ ابن رجب : لا يصح شىء فى فضل رجب ، هو يعالج هذه النقطة بالذات بصورة تفصيلية حديثية ، يقول هناك : والعمل بالحديث الضعيف يعنى الاستحباب ، والاستحباب حكم شرعى لايثبت إلا بما ثبت عن النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم وأنا اذكر أنى كنت شرحت هذه المسألة فى بعض المؤلفات ، والأن يطبع المجلد الثالث من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء فى الأمة ، وفيها مقدمة فى نحو أربعين خمسين صفحة ، عالجت أيضا هذه المسألة هناك ، وبينت أن الأمة الإسلامية هى فى غنية عن أن تكون بحاجة إلى أن تعمل بحديث ينسب إلى النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم تصح نسبته إليه ، فالإسلام لا يقوم على ما يشبه الأوهام ، الحديث الضعيف بإتفاق العلماء لا يفيد إلا الظن ، والظن المرجوح ، وعلماء المسلمين قاطبة متفقون على أن حكما شرعيا لا يجوز إثباته بالظن المرجوح ، أما الظن الراجح فنعم ، و الحديث الضعيف لا يفيد إلا الظن المرجوح ، وإذا كان النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم حذر أمته عن أن تروى وتنسب إليه ما لم يصح ، فالأولى والأحرى ألا تعمل بما لم يصح ، لأن الحقيقة لماذا يروى العلماء الأحاديث الصحيحة ؟ ليعمل المسلمين بها . فإذن الرواية – يمكن ان نقول - بالنسبة للعمل المروى هو كالوسيلة مع الغاية ، ومفاده كالضوء مع الصلاة ، واحد أتوضا وما صلى ، شوف هايدى من هذه وطهارة من طهارة ، هى وسيلة هو اه ، كذلك نروى الحديث ولا نعمل به ، لا . هو الغاية منه العمل كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ { أنا بقول قال رسول الله كذا ولا أعمل بما قال رسول الله. فالرواية هو وسيلة ، فإذا أمر بالوسيلة شو بيكون الغاية ؟ مأمور بها من باب أولى ، فإذا نهى عن الوسيلة شو بتكون الغاية ؟ منهى عنها من باب أولى . لذلك فالراجح من قولى العلماء ان الحديث الضعيف أولا : ليس متفق على جواز العمل به ، بل هو مختلف فيه كما ذكرت وثانيا : الراجح من قولى العلماء فى هذه المسألة أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف . وخذوا الأذكار التى جاءت عن الرسول عَلَيْهِ الصلاة وَالسَلَّام كثيرة جدا ، فيها الصحيح وفيها الضعيف ، أنا أتحدى أعبد إنسان على وجه الأرض - ليس فى هذا الزمان بل فى الزمن الماضى ، فى زمن الطاعة والتفرغ للعبادة - أن يستطيع أن يعمل بكل ما صح عن رسول الله فى كل الأذكار والأوراد والأدعية ، لا يمكن ، خير وبركة واسعة جدا ، فما بالك فى زماننا ؟ زمانا هذا ضعف فيه الإيمان وانصرف الناس الى المادة وكسب المال الخ . فإذن ما فينا من أحاديث صحيحة يغنينا عن الأحاديث الضعيفة ، هذه حقيقة نحن نلمسها لمس اليد ، هذا الجواب عن الشق الأول من السؤال . أما الشق الثانى طالب : تكلمت فى هذا فى كتابك "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام" فى مقدمته الشيخ : نحن نقول ونتكلم فيها
منقول