شرح بعض أحاديث آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس
--------------------------------------------------------------------------------
شرح بعض أحاديث آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس
عن يعيش بن طفخة الغفاري رضي الله عنه قال : قال أبي : بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال : " إن هذه ضجعة يبغضها الله " فنظرت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أبو داود بإسناد صحيح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قعد مقعدًا لم يذكر الله تعالى فيه ، كانت عليه من الله تعالى ترةٌ ، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه ، كانت عليه من الله ترةٌٌ " رواه أبو داود . بإسناد حسن .
" التِّرَةُ " بكسر التاء المثناة من فوق ،وهي : النقص ، وقيل : التَّبِعة.
الشرح
هذه من الأحاديث الواردة في آداب النوم والاضطجاع ، ذكر فيها المؤلف حديث يعيش بن طفخة الغفاري أنه قال : حدثني أبي أنه كان نائماً في المسجد على بطنه ، فإذا رجل يركضه برجله ويقول : " إن هذه ضجعة يبغضها الله عز وجل " فنظرت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي هذا الحديث : دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن ينام على بطنه لا سيما في الأماكن التي يغشاها الناس ، لأن الناس إذا رأوه على هذه الحالة فهي رؤية مكروهة ، لكن إذا كان في الإنسان وجع في بطنه وأراد أن ينام على هذه الكيفية لأنه أريح له ، فإن هذا لا بأس به ، لأن هذه حاجة .
وفي هذا : دليل على جواز ركض الإنسان بالرجل يعني نخسه برجله ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك وهو أشد الناس تواضعاً ، ولا يعد هذا من الكبر ، اللهم إلا أن يكون في قلب الإنسان شيء من كبر فهذا شيء آخر ، لكن مجرد أن تركض الرجل برجلك لا يعتبر هذا كبراً ، إلا أنه ينبغي مراعاة الأحوال إذا كنت تخشى أن الرجل الذي تركضه برجلك يرى أنك مستهين به ، وأنك محتقر له فلا تفعل ، لأن الشيء المباح إذا ترتب عليه محظور فإنه يمنع .
ثم ذكر حديث أبي هريرة في الرجل يجلس مجلساً لا يذكر الله فيه ، أو يضطجع مضطجعاً لا يذكر الله فيه ، كان عليه من الله ترة .
والترة يعني الخسارة ؛ أن تجلس مجلساً لا تذكر الله فيه فهذا خسارة ، لأنك لم تربح فيه .
وفيه : دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يكثر من ذكر الله ؛ قائماً وقاعداً وعلى جنبه ، وكذلك إذا اضطجعت مضطجعاً لم تذكر اسم الله فيه يكون عليك من الله ترة أي خسارة .
فأكثر من ذكر الله دائماً وأبداً ، كن كمن قال الله تعالى فيهم : { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (190) الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم } ، لتكون ممتثلاً لقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا (41) وسبحوه بكرة وأصيلاً } . أعاننا الله على ذكره وشكره وحسن عبادته .
من شرح رياض الصالحين للشيخ العثيمين رحمه الله