تأملات مع وصول الغبار ، وانتشار فايرس كورونا .
والتحصين بدعاء : ( تحصنت بذي العزة والجبروت .. ) .
كما في الرسالة المنتشرة في المنتديات ، ووسائل التواصل الاجتماعي :
#_تنبيه
- مع وصول الغبار وانتشار فايرس كورونا ..
- ردد بكل هدوﺀ وثقة هذا الدعاﺀ :
( تحصنت بذي العزة والجبروت واعتصمت برب الملكوت وتوكلت على الحي الذي لا يموت .. اللهم اصرف عنا هذا الوباء وقنا شر الداء بلطفك ورحمتك إنك على كل شئ قدير ) ..
- لطفاً وليس أمراً .. علمه غيرك ..ا.هـ.
التعليق :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبيّنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛ أما بعد :
فإن القاعدة الشرعية في الدعاء ؛ أن له آدابًا يجب على الداعي مراعاتها ، ومنهيات يجب عليه اجتنابها ؛ ليستجاب منه الدعاء .
وهذا الدعاء المذكور بخصوصه مع زيادات على ما ذكره السائل ؛ قد أجابت عنه اللجنة الدائمة ، ورأت أنه من أدعية الصوفية ، على هذا الرابط :
http://www.alifta.ne...9&languagename=
و قد وقفت على إجابات أخرى لغيرهم يرون جوازه ، ويشترطون عدم استعماله في أذكار الصباح والمساء ، أي : المواظبة عليه ، والتزامه باستمرار .
ومنهم من يرى أنه لا بأس به من باب الدعاء الواسع .
ولو كلّف المجيب نفسه قليلًا ، وبحث بأدوات البحث المتيسِّرة بين يديه ؛ لوجد جواب العلماء عن هذه الأدعية ، وما شابهها .
تنبيه :
مما ينبغي التنبُّه له أنه من شأن المتصوِّفة ، والروافض ، وغيرهم من أهل الأهواء ؛ التذاكي ؛ بل المكر ، والخداع ، والتحايل ؛ سيّما في مواقع شبكة النت ، ووسائل التواصل الاجتماعي .
فهم يبحثون - وفيهم من يجيد ذلك - وينظرون لفتاوى علماء المسلمين ، والسنة بالذات .
فإذا وجدوا ردًّا عليهم ؛ حاولوا التذاكي ، ببعض التعديلات فيه ؛ لينطلي على بعض الناس ، فيجيزوه لهم .
وتكمن الخطورة في تمرير الدعاء ، ظاهر الجواز فترة من الزمن ، ثم إذا انتشر بين الناس ؛ أخرجوا لهم الصيغة الكاملة للدعاء المبتدَع .
وهذا من أردأ المسالك في التلاعب ، والتحريف في دين الله ؛ حيث يتحرّى أصحابه الكذب ، ويتمالؤون على ذلك .
وصية أخوية :
أوصي نفسي المقصّرة ، وإخواني بالحرص على جوابات علماء المسلمين المحرّرة ، وخصوصًا علماء السنة أكثر من غيرهم ، وأختارها لنفسي ، ولغيري من المسلمين ؛ لأمور عدة :
الأول : أمرُ الله لنا في محكم التنزيل بالرجوع إلى العلماء دون غيرهم كما في قوله - تبارك وتعالى - : ( .. فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ( النحل : 43 ) و ( الأنبياء : 7 ) .
الثاني : كونهم يحرِّرون المسائل تحريرًا بالغًا ، ولايكاد يوجد لديهم غلط واضح ، وإن وُجِد فهو نادر جدًا ؛ لأنهم غير معصومين ؛ لحكمة أرادها الله .
قال الله - جلّ وعلا - : ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ) ( النساء : 83 ) .
ومعنى : ( يَسْتَنبِطُونَهُ ) كما عند ابن جرير - رحمه الله - أي : ينقِّرونه ، ويفحصونه ، ويتتبعونه ، يقولون : ماذا سمعت ؟ ، وكيف كان ؟
الثالث : لأنهم ورثة الأنبياء ، فعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( .. إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا ، وأورثوا العلم ، فمن أخذه ؛ أخذ بحظ وافر )) .
الحديث رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وأحمد ، وابن حبان . وحسّنه الحافظ ابن حجر في مقدمة ( تخريجه للمشكاة ) ، وصحّحه الإمام الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ) ، رحم الله الجميع .
ثم أُثنّي بطلابهم ممن عُرِفوا بالتأهيل الشرعي ، وديدنهم الخلق الرفيع ، والتواضع الجم ، والإحالة على من هم أكبر منهم علمًا وسنًّا ؛ فهؤلاء لا بأس بالأخذ عنهم ؛ لأنهم أصحاب اتصال بالعلماء ، أثابهم الله الفردوس الأعلى .
بخلاف من ابتُلي بغمز ولمز مشايخه ، والتعالي على زملاء الطلب بكبر وصلافة ، والتحكُّم على غيرهم من أقرانه علمًا وسنًا بغاية الجلافة .
فكيف يُنتظر منه التواضع ، والرحمة لصغار الطلاب ، أو حدثاء الاستقامة ؟!
ولا يُغتر بتصنّعه ، فما يلبث إلا أن ينقلب ولو بعد حين - إلا ما شاء الله - لأنه يرى الناس من علو ، متناسيًا ماضيه القريب الذي ستره الله عليه ، ومن كان بيته من زجاج ...
ولكن - مهما كان حاله - يجب الحذر ، والتشديد في ألا يُنظر إلى تفرُّد من تفرَّد عن العلماء برأيه ، واستقلّ عمّن سبقوه في العلم ، والسن ، والخبرة في مجال الفتيا ، والبحث العلمي ، وغير ذلك من أمور العلم .
فالسلامة كلّ السلامة العدول عن هذا ، وأمثاله ، فكيف بالصغار سنًا ، وعلمًا من صبيان تويتر ، وفيسبوك ، ونحوهما .
فالأصل في طلبة العلم ، والدعاة ، والوعّاظ ، أنهم ليسوا بمرجع للأمة ؛ سيّما في وجود العلماء الثقات الأثبات .
وإن أغلاط بعض المتعالمين كثيرة مشتهرة ، ولا يكفي الوقت لبيانها ، ومواقع الانترنت تغصُّ بالشواهد .
فالله الله يا إخوة التوحيد والسنة بلزوم غرز العلماء الثقات الأثبات ، والأخذ عمّن أمرنا الله بالرجوع إليهم ، وربط الناس بهم .
ومن أراد الاستزادة من كلام العلماء عمّن يؤخذ عنهم العلم ، فعليه بهذا الجمع المبارك :
http://www.ajurry.co...read.php?t=4035
هذا ؛ وإبراءًا للذمة كتبتُه ، ونصحًا للمسلمين حررتُه .
سائلًا الله غُنمه ، واجتناب غُرمه .
اللّهم صلِّ على محمد ، وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
وبارك على محمد ، وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
سبحانك اللّهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
أبو عبد الرحمن الأشقر
الجمعة 1436/11/6هـ سحاب السلفية