سؤال: «ما معنى قول الشيخ: «هذه سفسطة»؟».
الجواب :
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص: 38): «ذكر تلبيسه عَلَى السوفسطائية. هؤلاء قوم ينسبون إِلَى رجل يقال لَهُ سوفسطا. زعموا أن الأشياء لا حقيقة لها، وأن مَا يستبعده يجوز أن يكون عَلَى مَا نشاهده، ويجوز أن يكون عَلَى غير مَا نشاهده.
وَقَدْ أورد العلماء عليهم بأن قالوا: لمقالتكم هذه حقيقة أم لا؟
فَإِن قلتم: لا حقيقة لها، وجوزتم عليها البطلان؛ فكيف يجوز أن تدعوا إِلَى مَا لا حقيقة لَهُ؟ فكأنكم تقرون بهذا القول أنه لا يحل قبول قولكم.
وإن قلتم: لها حقيقة؛ فقد تركتم مذهبكم» اهـ.
قلت: السفسطائية ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: اللا أدرية، هذا رجل إذا حاورته واستدللت عليه، قال: «ل أدري، يحتمل كذا ويحتمل كذا». فهو يرد الحق بقوله: «لا أدري»، فهذه سفسطة لا أدرية.
المذهب الثاني: العندية، وهذا رجل إذا حاورته واستدللت عليه، قال: «هذا هو الحق عندك، أمّا الحق عندي فهو ما أنا عليه»، فهو يرد الحق بذلك. لا حظ في وسائل الإعلام يذكرون ذلك من أساليب الدبلوماسية والتحضر وقبول الآخر. فهم يعلمون الناس السفسطة.
المذهب الثالث: العنادية. وهو رجل إذا حاورته وأقمت الحجة على بطلان قوله، أصر وعاند وركب رأسه،
فهذا مثل المثل: «عنزة ولو طارت»، فقد ذكروا أن رجلين شاهدا على غدير ماء شيئاً. فقال: أحدهم: «هذا عنز من الغنم». وقال الآخر: «بل هذا بجعة نوع من الطيور». فقال الأول: «بل عنز». فأخذ الثاني حجراً ورمى به جهة الشيء فطارت، فأصر الأول على قوله وقال: «عنز ولو طارت»، فصارت مثلاً لمن يرد الحق عناداً مع قيام حجة الحق.
هذا ما يريده الشيخ بقوله:«هذه سفسطة»؛ فإن مذاهب السفسطة اليوم تسوّق علينا إعلاميًا كطريقة من طرق الحوار وتقبل الآخر، سواء كان مبتدعًا أو يهوديًا أو نصرانيًا أو ملحداً أو زنديقاً... والله الموفق.
محمد بن عمر بازمول