السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الحَمْدَ للهِ ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ-، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران : 102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء : 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأَحزاب: 70-71].
أَمَّا بَعْدُ :
فهذه فوائد قرآنية من "سورة الماعون" استفدتها من كتب التفسير أحببت أن أنفع بها القارئ:
1- تقرير المعاد وأثر الإيمان به على السلوك.
2- تقسيم العبادة إلى: أداء حق الخالق وأداء حق المخلوق.
3- الوصية بالصلاة.
ربي تقبل مني, واجعل عملي صالحا ولوجهك خالصا ولا تجعل فيه لأحد شيئا, إنك أنت السميع العليم.
وقبل الشروع في تفصيلها نذكر تفسيرا مختصرا للسورة:
سورة الماعون
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون(7)﴾
﴿أَرَأَيْتَ﴾ يا رسولنا: ﴿الَّذِي يُكَذِّبُ بِـ﴾ يوم ﴿الدِّينِ﴾ الذي يُدان الناسُ فيه أعمالَهم ويُجازَون عليها؛ ﴿فَـ﴾ صفة ﴿ ذَلِكَ﴾ أنه ﴿الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ فيدفعه ولا يُطعمه[1], ويقهره ويظلمه[2], ﴿وَلَا يَحُضُّ﴾ ولا يحث غيرَه -وأولى نفسه- ﴿عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾, وإنه أيضا مضيّع للصلاة ﴿فَوَيْلٌ﴾ وادٍ يسيل من صديد أهل جهنم[3] ﴿لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فيفعلونها ولكنهم يؤخرونها عن وقتها, وليس السهو ما يُحدِّث به المسلم نفسه في صلاته.[4] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾ فيعملون لرؤية الناس ولا يخلصونها لله ﴿وَيَمْنَعُونَ﴾ إعارةَ ﴿الْمَاعُون﴾ كالدلو والقدر[5].
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: "هم المنافقون كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا ويتركونها إذا غابوا ويمنعونهم العارية بغضا لهم وهو الماعون."[6]
الفائدة الأولى: تقرير المعاد وأثر الإيمان به على السلوك.
اتفقت الرسل والكتب كلها على تقرير "التوحيد" وهو إفراد الحق تبارك وتعالى بالعبادة دون سواه من الآلهة الباطلة, وعلى تقرير "الرسالة" وهي إفراد رسل الحق صلى الله عليهم وسلم بالاتباع, وعلى تقرير "المعاد" وهو الإيمان باليوم الآخر.[7]
والإيمان باليوم الآخر أوجبه القرآن الكريم ودل عليه دلالة قاطعة, فهو كله مملوء بذكر أحواله وتفاصيله, وردَّ على منكريه بأساليب متنوعة
وطرائق متعددة منها[8]:
- إخبار العليم الخبير به وهو أصدق القائلين, قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا.﴾ [النساء/88].
- التذكير بالنشأة الأولى وأنّ الذي أوجدهم أول مرة ولم يكونوا شيئا
لا بد أنّ يعيدهم, قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.﴾ [الروم/27].
- الإعلام على عظيم قدرة الله وسعة علمه وكمال حكمته المقتضية عدم ترك المكلفين بلا حساب ولا ثواب, فلا بد إذن من وجود يوم يقعان فيه وهو اليوم الآخر.
- إحياء الله للأرض الهامدة بعد موتها, قال الله تعالى: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.﴾ [الروم/50], وإحياؤه لبعض الأموات في الدنيا كما ذكر عن صاحب البقرة, قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.﴾ [البقرة/73], وكذلك الذي مرّ على قرية وهي خالية, قال الله تعالى: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.﴾ [البقرة/259], وذكر قصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم مع الطيور فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.﴾ [البقرة/260]، وقال الله تعالى عن إحياء عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم للأموات: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ.﴾ [آل عمران/49]، ونظائر هذه الأدلة كثيرة في القرآن الكريم.
واعلم أنّ المضيِّع للإيمان باليوم الآخر لا يعمل شيئا لله, كما قال الله تعالى: ﴿أََرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ: فَذَلِكَ...﴾ فجعل التكذيب بالدين في الآية الأولى سببا للتفريط في العمل الصالح المذكور بعدها, لأنّ المكذّب لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا؛ وإن قام بالأعمال الصالحات فرياءً وسمعةً لا إيمانًا وإخلاصًا, ويشهد لهذا حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : هشام بن المغيرة كان يَصِلُ الرحم ويَقرِي الضيف ويفكُّ العُنَاة [أي الأسرى] ويُطعم الطعام ، ولو أدرك أسلم ، هل ذلك نافعه ؟ قال : " لا ، إنه كان يعطي للدنيا وذِكرِها وحمدِها ، ولم يقل يوما قط : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ".[9]
الفائدة الثانية: تقسيم العبادة إلى: أداء حق الخالق وأداء حق المخلوق[10].
لما كان الناس كثيرا ما تتجه فهومُهم لـ"العبادة" إلى أداء حق الله فقط: قسّمت هذه السورة العبادة إلى قسمين: أداء حق الله وأداء حق المخلوق، وهما: تقوى الله والإحسان إلى خلقه, وبيان هذه القسمة ضروريّ فالعبد إذا ما هُدي إلى أداء حق الله بتقواه وأداء حق خلقه بالإحسان إليهم فاز بجنات النعيم خالدا فيها, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناسَ الجنة ؟ فقال: "أكثر ما يدخل الناس الجنة: تقوى الله وحسن الخلق، وأكثر ما يدخل الناس النار: الفم والفرج".[11] أمّا إذا قَصَر العبادةَ على حق الله فقط ولم يوفِّ حق خلقه كان يومَ الحساب -يوم لا ينفع مال ولا بنون- من المفلسين، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ, فَقَالَ: "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ, وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا, فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ, فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ." بل قد يتجاوز الله عمن قصَّر في حقه إذا أحسن إلى الخلق, فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا, فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ.
فالتكذيبُ بيوم الدين والتفريط في إقامة الصلاة على وجهها المفروض -في السورة- ينافي أداء حق الله وتقواه, وقد قال الله في صفات المتقين: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾ [البقرة: 2-3].
وأما حق المخلوق فقد جاء في السورة الإشارة إليه بذمّ ترك رحمة اليتيم وقسوة القلب عليه ودفعه بعنف وشدة, وترك التواصي بإطعام المسكين, ومنع الناس من الأمور الخفيفة التي لا يضره إعطاؤها على وجه العارية أو الهبة مما جرت العادة ببذله وهذا كله ينافي الإحسان إلى الخلق .
الفائدة الثالثة: الوصية بالصلاة [12].
للصلاة منزلة عظيمة في الإسلام، وهي من الأمور الكبرى التي تحتاج إلى هداية خاصة، قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم/40]. وقد ورد في ذلك آيات كثيرة، والمتتبع لآيات القرآن الكريم يرى قرنها تارةً بالذكر كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه/16]، وقوله: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت/45]. وكقوله أيضا: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود/114], وتارةً مقرونة بالزكاة كقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة/43]، وقوله: ﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المجادلة/13]. ومرةً بالصبر, قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة/45]، وقال أيضا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة/153]. وطورًا بالنسك كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام/162]. وأحيانا يفتتح بها أعمال البِرّ ويختتمها بها مثل قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[المؤمنون/1-10]. وقد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة أن أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر، والأمن والخوف، قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (23فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة/239]. وقد شدّد النكير على مَن يُفرّط فيها ويُضيّعها فقال جل شأنه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم/59]، وهدّد الذين يؤخرونها عن وقتها فقال: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون/5].
هذا والله الهادي إلى سواء السبيل وعليه الاعتماد والتكلان .
و سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ثبت المراجع:
1- تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان للعلامة عبد الرحمان السعدي.
2- التفسير الصحيح: موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور. د.حكمت بن بشير بن ياسين.
3- القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن للعلامة عبد الرحمان السعدي.
4- القيامة الكبرى لعمر الأشقر.
5- من كل سورة فائدة لعبد المالك رمضاني.
6- المورد العذب الزلال للشيخ أحمد النجمي.
7- الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة لحسين العوايشة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - أخرجه الطبري عن مجاهد قال حكمت بشير: سنده صحيح. التفسير الصحيح 4/672.
[2] - قاله قتادة: الطبري بسنده الصحيح كما قال مؤلف: التفسير الصحيح 4/672..
[3] - قال عطاء: الويل واد في جهنم لو سُيّرت فيه الجبال لماعت من حره, أخرجه ابن المبارك في الزهد, وقال أبو عياض عمرو بن الأسود العنسي (من صغار التابعين): الويل ما يسيل من صديدٍ في أصل جهنم. أخرجه الطبري. انظر التفسير الصحيح 1/181. وورد معنى هذا مرفوعا لكنه ضعيف كما في ضعيف الترغيب والترهيب 2136.
[4] - كما قال سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه: عند الطبري (ج 24 / ص 631) وأبي يعلى, وقال الهيثمي: إسناده حسن. [مجمع الزوائد 1/325]
[5] - عن عبد الله قال: كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَارِيَةَ الدلو والقدر . [سنن أبي داود 1659 وحسنه الألباني].
[6] - أخرجه الطبري، قال حكمت بشير: سنده حسن. التفسير الصحيح 4/ 673.
[7] - المورد العذب الزلال للشيخ أحمد النجمي / 64 بتصرف.
[8] - انظر القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن للعلامة عبد الرحمان السعدي /20 والقيامة الكبرى لعمر الأشقر /63. [بتصرف]
[9] - أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6965 ) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 /279 / 606 و391 / 932 ): انظر السلسلة الصحيحة " 6 / 1030 وصححه فيها.
[10] - من كل سورة فائدة لعبد المالك رمضاني / 453[بتصرف].
[11] - أخرجه الترمذي ( 1 / 361 ) وابن ماجه ( 4246 ) وأحمد ( 2 / 291 و392 ، 442 ): انظر "السلسلة الصحيحة" 2 / 706 وقال فيها: إسناده حسن.
[12] - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة لحسين العوايشة 1/301 [بتصرف].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تقبلوا تحيات اخوكم في الله الكلم الطيب كان الله له