واياكم اخواني ...
هنا عدة تنبيهات مهمة في هذه المسألة
التنبيه الأول :
التعلل بأن عبادتنا ليست كعبادة السلف ، لا يصلح أن يكون دليلاً على هذا التفريق ، فإن هذا التعليل يجعلنا نؤخر الصلاة الشهر كله وليس في العشر الأواخر فقط
ثم إن صلاتنا في العشر الأواخر هي بعيدة أيضاً عن عبادة السلف ، ولو فتحنا هذا الباب لانفتح باب الإحداث في الدين فيقول المرء :" نصلي بعد الظهر ثمانية " فليست عبادتنا كعبادة الصحابة
وما زال الناس يتحرون أوقات عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوالها مع أنهم يعرفون أن حقيقة العبادة غير حقيقة العبادة من جهة الخشوع فيها وأدائها على وجهها
وقد اتفق عامة المجتهدين في عصرنا على أن صلاة التراويح أحد عشر ركعةً أفضل ، وذلك لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وما قالوا أن عبادتنا ليست كعبادة النبي صلى الله عليه وسلم فالأفضل أن نزيد
ثم إن السلف يسروا على أنفسهم بتيسيرات تركها المتأخرون بسبب هذا التفريق ، فإن الصحابة كانوا يطيلون الجلوس بين الترويحات رفقاً بأنفسهم ، والناس اليوم إذا صلوا آخر الليل لم يطيلوا الجلوس بين الترويحات بسبب أنهم يريدون ادراك السحور وهذا تشديد ، ولو قاموا قبل ذلك لأمكنهم إطالة الجلوس بين الترويحات وإدراك السحور أيضاً .
التنبيه الثاني :
ليس تحري سنة السلف الصالحين من التنطع في شيء ، فنحن أولاً نتكلم عن نافلة ليست لازمة ، وثانياً نتكلم عن فاضل ومفضول
والحق أن التفريق هو الذي فيه التشديد على الناس .
فإنك لو أخبرتهم بأن أحدهم يدرك ليلة القدر لو صلى في أول الليل مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة لارتاح الكثير من العوام الذين ظنوا أنهم لن يدركوا ليلة القدر إلا بالقيام آخر الليل
ومن المعلوم أن القيام أول الليل أيسر على عامة الناس من القيام آخره
فأخبروا العامة بهذه الحقائق وانظروا ما يختارون لأنفسهم فقولوا لهم بالحرف الواحد :" القيام أول الليل أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأنك إذا قمت مع الإمام حتى ينصرف فكأنك قمت معه الليل كله - بما فيه ثلثه الأخير - "
وكثيرٌ من الناس الذين لم يعتادوا السهر إلى آخر الليل فيضطروا أن يسهروا ليدركوا القيام ثم ينامون طوال النهار فيفوتوا فريضة الظهر في جماعة وهذا حاصلٌ كثيراً ولو اتبعنا سنة السلف الصالحين وقمنا أول الليل لتجنبنا هذه المفسدة
ولو كان القول بأفضلية القيام أول الليل من التنطع مع كونه فعل الصحابة وقول عامة فقهاء المسلمين ، فهلا قلنا بأن القول بحصر الإعتكاف بالمساجد الثلاثة من التنطع أيضاً والتضييق على الناس ونكون بذلك متهمين لجمع من الأخيار على رأسهم حذيفة بن اليمان بأنه متنطع !
التنبيه الثالث :
هذا التفريق أحدث اعتقاداً فاسداً عند العامة ، وهو أن القيام آخر الليل في العشر الأواخر أفضل ، وفي بقية الشهر بعد العشاء أفضل ، وهذا الإعتقاد فاسد لم يقل به أحدٌ من أئمة المسلمين
ومن احتج بالعمومات الدالة على فضل القيام آخر الليل ، فالعمومات شاملةٌ لكل الشهر ، والصحابة أعلم الناس بالسنة ، وهلا استدل بالعمومات الواردة في فضل النافلة في البيت عليها في المسجد !
وحقيقة هذا القول أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم قد داوموا على مفضول إذ لم يثبت أنهم ابتدأوا قيامهم ( جماعة ) في الثلث الأخير من الليل
ومن قال أن الإجتهاد في العشر الأواخر مطلوبٌ حتى بالتأخير فنقول :" لا يظنن أحد أنه أعلم بالمطلوب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفضل القيام ثابت وحديث أبي ذر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، تنوع قيامه في العشر الأواخر فقام في احداها إلى ثلث الليل فقط ، و في أحدها إلى شطر الليل فهل هو أيضاً لا يعلم بالمطلوب أم راعى من خلفه من الناس وفي كلها كان يقوم أول الليل ، واحياء الليالي العشر ليس مختصاً بثلثها الأخير كما أوهمه هذا الإحداث في التفريق
التنبيه الأخير :
نرى استماتة من بعض الإخوة في الدفاع عما أحدثه الناس من هذا التفريق ، وقد أمرنا أن نستمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لا ما أحدثه العوام فليت هذا الدفاع كان عن سنةٍ ثابتةٍ بل بعضهم تأهب ليضع الإستشكالات والله المستعان !
منقول عن الأخ عبدالله الخليفي