د الشيخ: أبو فريحان جمال الحارثي –حفظه الله- على محمد حسَّان المصري حول كلمتـة التي ألقاها بخصوص الأحداث الأخيرة في مصر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلـه وصحبه أجميعين.
نحن في هذه الليلة، ليلـة الثلاثاء: 28 صفر عام 1432 للهجرة الموافق لـليلة الأول من شهر فبراير عام 2011، قد سمعتُ الكلمات التي ألقاها محمد حسَّان المصري عبر قناة العربيَّة، وسمعتها وفُرِّغت لي وقرأتها فألفيتها كلمات منكرة، وفيها من المآخذ والمخالفـة للكتاب والسُنَّـة ما الله به عليم. وما تكلمتُ وما أريد أن أتكلم فيها إلَّا لما حضي به هذا الرَّجل بين عامـة المصريين، نقول العوام وبعض المثقفين، لا أقـول أهل السُنَّـة الخُلَّص، وقد اِغتروا بـه لكثرة خروجه في الفضائيات وتنصبِـه للمنابر الدعويـة فوجب على من عرف حالـه وسمع كلماته التي ألقاها بمناسبـة المظاهرات في مصر التي تُقام في هذه الأيام، ولها اليوم السادس على التوالي، ألخِّص ما جاء في كلته حتى لا أطيل عليكم.
في مطلع كلمتـه قال: (أنا لا أتهم شبابنا في الميدان، ولا أتهم شبابنا في كل المحافظات، هذا الشباب الطاهر، هذا الشباب الذي ما خرج إلَّا ليُعبِّر عن حقوق عادلـة مشروعـة)، وهو منفعل يتكلم بانفعال، وقال: (وأنادي على شبابنا في غير ميدان التحرير وفي غير الميادين العامـة –في المحافظات- أن يُشكِّلوا لجانًا وأن يُشكِّلوا مجموعات من أبناءنا وشبابنا لحمايـة أنفسنا ولتنظيم شوارعنا). قال: (وأنا أسعى من يومين للظهور للحديث –الظهور في الفضائيات، ما وجد حتى أنه ذكر بعض الفضائيات أنها مقفلة وندم عليها- لشبابنا لكن بكلِّ أسف حُرمنا من قناة الرحمـة من البث المباشر)، ثم يقول: (قابلتني السيِّدة الفاضلـة الآن تقول أنا جئتُ اليـوم وأنا أحمل الطعام وأحمل الماء وأحمل العصير وأحمل الفاكهة وأريد أن أوصل هذا من مالي لشبابنا الطاهر الأبي الذي وقف ليُعبِّر عن رأيـه)، فما أدري كلمة الطاهر الأبي من تعبير المرأة العجوز أو من تعبير محمد حسَّان، قال: (الذي وقف ليُعبِّر عن رأيـه بطريقة سليمـة، بطريقة معبِّرة فلا تسمحوا لأحد –طبعا الظاهر أن هذا كلام محمد حسَّان- فلا تسمحوا لأحد أن يُشوه هذه الصورة وأن يقلب هذا الحق إلى باطل)، انتبهوا بارك الله فيكم إلى هذا الحق، يعني المظاهرات حق، ( .. وأن يُحول الصلاح الذي خرجتم من أجله ولأجله إلى فساد وإفساد في الأرض)، ثم قال: (وأنا سعيد غايـة السعادة بأنني أرى الآن رجال القضاء وأرى الآن رجال الأزهر، كان من الواجب على العلماء بالفعل أن يكونوا مع شبابنا وأن يكونوا مع أولادنا)، قال: (شبابنا اليـوم الأعزل الذي ما خرج إلَّا للمطالبـة بحقوقـه العادلـة المشروعـة)، ويقول للجيش نداء لـه، قال: (كونوا درعًا واقيًا حاميًا لهذا البلد ولهذا الشباب المبارك الذي ما خرج إلَّا ليُطالب بحقوقه المشروعـة)، يقول: (أريد أن يُثبِّت أخواتنا الفاضلات أطفالهن، أريد أن يُثبِّت أبناءنا أطفالهم، أريد أن نكون بفضل الله تعالـى صدًا وسدًا منيعًا لنُـثبت للدنيا كلِّها أنـه لا يُخوفنا شيءٌ وإنما خرجنا بصدورنا العاريـة وبأيدينا العاريـة من كلِّ سلاح). قال: (الثقـة بالله –عز وجل- أن الله لن يُضيِّع مصر ولن يخذُل هذا الشباب الطاهر الأبي الذكي الذي خرج ليُبيِّن للعالم كلِّه أنما خرج إلَّا ليُطالب بحقه العادل المشروع). أنا اختصرتُ لكم الكلمات وليس في اِختصارها أي إخلال بمعاني ما في هذه الكلمـة.
أقول في هذه الكلمات التي سمعتموها مؤاخذات ونقاط فيها:
أولاً: تهييج وتجييش وتزيين خروج الشباب في المظاهرة وتشجيعهم على الخروج على الحاكم.
ثانيًا: تعاون على نشر الفاحشة والفوضى بين المسلمين؛ يقول قائل: "اِتَّق الله تقول فاحشة"؟، يظن البعض أن الفاحشة هي فاحشة الزنا واللواط، لا، يقول الله –سبحانه وتعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النـور: 19]، قال السيوطي –رحمه الله-: «أخرج بن أبي حاتم عن خالد بن معدان قولـه من حدَّث ما أبصرت عيناه وسمعت أذناه فهو من الذين يُحبٌّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا»؛ مجرَّد أن تُحدِّث بما أبصرت وبما سمعت من الكلام الذي يضر المسلمين وإن كان صدقًا فهو من الفحش فكيف بمن يخرج ويُدمِّر، وكيف بمن يخرج ويُخوف، وكيف بمن يخرج ويعتدي، وكيف بمن يخرج على ولي الأمر، أليس هذا من الفواحش؟؟ والفاعل والمشيع في الإثم سواء. أخرج البخاري في الأدب المفرد وحسَّنـه الألباني عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- أنه قال: ((القائل الفاحشة والذي يُشيع الفاحشة في الإثم سـواء))، فقتل النفس يُعتبر فاحشـة ومن أقبح الفواحش، أكل أموال النَّاس وتخويف النَّاس والآمنين، هذا من الفواحش، هذا تعليق فقط على قولنا في النقطة الثانية على كلمة حسًّان، تعاون على نشر الفاحشة والفوضى بين المسلمين ولا شك ولا ريب في ذلك.
النقطـة الثالثـة: في هذه الكلمـة موافقة منه، من محمد حسَّان، على الخروج على الحاكم وتجويزه للمظاهرات في كلامـه.
أيضًا في هذه الكلمـة موافقة منه على الخروج على الحكام وتجويزه للمظاهرات بفعلـه، وهو أعظم دليل، إذ أنه خرج، وقال: أنا في ميدان التحرير وقد مررتُ بميدان رمسيس ومررتُ بميدان ستة أكتوبر، ومرَّ بها إذن هو من الذين فعلوا وشاركوا.
أيضًا في هذه الكلمـة أنه يُجيز للرعيَّة أخذ حقوقهم بالقوة من ولي الأمـر، إن اِستأثر ولي الأمـر بها عنهم أو ظلهم، هذا تدريس، مدرسـة خوارج.
أيضًا في هذه الكلمـة تحريض الآباء والأمهات بأن يزجوا بأبنائهم ويدفعونهم للهلاك.
في هذه الكلمـة حبه للظهور والاِستعلاء وترميز نفسه أمما المجتمع والشعوب.
في هذه الكلمـة بطريقة أو بأخرى أنه صاحب الفتوى والمرجعية للشباب، حيث أنه تنصب في قناة العربية وكان يبحث من يومين للظهور.
في هذه الكلمـة، رسالـة منه مغلَّفـة ومبطنة للحاكم أننا نستطيع أن نُحرِّك الرعيَّـة في كلِّ وقت إما للخروج عليك وإما للهدوء والسكون، هذا عندما قال: (نريد أن نكون بفضل الله تعالى صدُا وسدًا منيعًا لنثبت للدنيا كلها أنه لا يُخوفنا شيء)، وغيرها من العبارات.
في هذه الكلمـة، أنه أضفى على الخروج والمظاهرة الصبغة الشرعيَّـة بثنائه على خروج رجال القضاء ورجال الأزهر، من غير أن يستثني، وسعادته برؤيتهم مع الشباب المتظاهر، وهذا تغرير وتلبيس على العامـة والخاصـة من محمد حسَّان.
في هذه الكلمـة، تخدير للجيش ودعوته المغلَّفـة والمبطنة لهم بعصيان ولي الأمـر إذا أمر بتأديب المتظاهرين. حيث قال محمد حسَّان: (كونوا درعًا واقيا حاميا لهذا البلد ولهذا الشباب المبارك الذي ما خرج إلَّا ليُطالب بحقوقه المشروعـة). يعني: لو أمر ولي الأمر بتأديب هؤلاء المتظاهرين فإن الجيش لن يسمع ولن يُطيع، لماذا؟ لأن حسَّان جيَّشهم، لأنه حسَّان هيَّجهم، هذا شيخ كبير لحية طويلة –ما شاء الله- ويطلع في الفضائيات وثوب قصير. نعم.
في هذه الكلمـة، كلمة محمد حسَّان، رسالـة لبقية الشعوب الإسلامية ضمنًا بأن الخروج على الحاكم المسلم ومطالبته بالحقوق كما فعل الشباب المصري هو من الأمور المشروعـة.
أيضًا في هذه الكلمـة، تزكية للذين خرجوا في المظاهرات بوصفه لهم بأنه شباب طاهر أبي، كيف وصفتهم بالطهر؟!! والله سبحانه وتعالى يُزكي من يشـاء.
في هذه الكلمـة، اِفتياته على العلماء وتقدمـه على العلماء، إذ أنه خرج للشباب يُهيِّج، ما خرج ليُهدِّئ، ما خرج ليردهم للبيوت، ما قال لهم اِرجعوا، كان مؤيدًا لهم وأثنى على رجال القضاء وعلى الأزهر –رجال الأزهر- عندما كانوا بينهم في أحد الميادين. فهذا هو محمد حسَّان.
أروي لكم قصَّـة، روايـة وبعدين تكون المقارنـة، أخرج الطبري في تاريخه عن يزيد الفقعسي قال: «كان عبد الله بن سبأ يهودي من أهل صنعاء أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان ثم تنقل في بلدان المسلمين يُحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفـة ثم الشام فلم يقدر على ما يُريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوا حتى أتى مصر، ثم قال لهم –هنا التهييج- لكل نبِّي وصي وكان علي وصي محمد –صلى الله عليه وسلم- ومن أظلم ممن لم يجز وصيَّة رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم- ووثب على وصي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتناول أمر الأمـة. إن عثمان أخذا بغير حق، وهذا وصي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فانهضوا في هذا الأمـر فحركوه وابدؤوا بالطعن على أمراءكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاستميلوا النَّاس وادعوهم إلى هذا الأمـر». طيِّب، ما الفرق بين هذا الكلام وبين كلام محمد حسَّان؟! أيضًا جاء في اجتماع الخوارج الأولون وكان على رأسهم حُرقوس بن زهير –أحد رؤوس الخوارج-، خطب فيهم فقال: {إن المتاع بهذه الدنيا قليل وإن الفِراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها إلى المقام بها ولا تلفتنَّكم عن طلب الحق وإنكار الظلم فإن الله مع الذين اتقوا والذِّين هم محسنون}، ثم خطب عبد الملك بن وهب الراسبي وخطب جمعٌ منهم، منهم الشُريح بن أوفى العبسي ومثل زيد بن حسين الطائي. هؤلاء كلهم القوا كلمات متماثلة ، ما الفرق بينها وبين هذه الكلمة التي ألقاها محمد حسَّان تأييدًا للمظاهرة وتهييجًا لهم على ولي الأمـر، وهو يعلم –أنا لا أقول أنـه جاهل- هو يعلم الأحاديث التي فيها النهي عن الخروج على ولي الأمـر.
هذا ما أردتُ التنبيه عليه في كلمة حسَّان التي ألقاها قبل أمس أو أمس بالضبط. فنسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يُبصِّر الأمَّـة ويُبصِّر الشباب بأمثال هذا الـرجل وبـه أيضًا، ولا أريد أن أستأثر ولعلَّ الله أن يجعل في هذه الكلمات خيرُا كثيرًا وأن يُبارك لي ولكم فيما قلنا وما سمعتم.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلـه وصحبة أجمعين.
منقول